مرت المفاوضات بين رئيس الحكومة رفيق الحريري والأحزاب الستة، حول الائتلاف البلدي في بيروت في مراحل صعبة للغاية، وكادت تنتهي الى الفشل، بعد الموقف الذي اعلنه ظهر امس رئيس الحزب السوري القومي الاجتماعي جبران عريجي بالنيابة عن الأحزاب وحمّل فيه الحريري مسؤولية إفشال مبادرتها الوفاقية "بسبب مواقفه الفئوية الضيقة". لكن سرعان ما تبدلت الأجواء بفضل المساعي التي قام بها رئيس المجلس النيابي نبيه بري ورئيس اللقاء النيابي الديموقراطي وليد جنبلاط من خلال الوزير غازي العريضي وبدعم وتشجيع مباشرين من دمشق، وقادت في نهاية المطاف الى إنقاذ الائتلاف الذي شهد ليلاً ولادة قيصرية. ورفض الحريري التعليق على ما اعلنه عريجي لاحقاً ومن جانب واحد، من انه وافق على الائتلاف الذي اعتبره نجاحاً لبيروت، لكن هناك من يعتقد في كتلته ان باب التفاوض فتح على مصراعيه. وكانت تراوحت طوال نهار امس المفاوضات حول الائتلاف في الانتخابات البلدية في بيروت بين الحريري وقادة الأحزاب الستة حزب الله، امل، القومي، الطاشناق، البعث، الكتائب بين هبّة باردة وأخرى ساخنة، وكاد الاجتماع الأول للأحزاب في مقر حزب الطاشناق، يطيح بفكرة الائتلاف نهائياً بخلاف التوقعات التي افترضت انها سترى النور بعد ان قررت الأحزاب تقديم موعد اجتماعها الى ظهر امس، بدلاً من اليوم. لكنها فوجئت بالموقف الذي اعلنه عريجي باسم المجتمعين واتهم فيه الحريري بتشويه الحقائق من خلال تسريبه وقائع الاجتماع الذي عقدوه معه مساء اول من امس، معتبراً انه "لا يحترم التنوع داخل الطائفة السنية اسوة بالطوائف الأخرى"، وأنه "يحاول بسبب مواقفه الالتفاف على اي حوار ينتج تضامناً بلدياً". لكن الاتصالات، التي لم يكن في جوها مندوبو الأحزاب، تسارعت مع قيام الإذاعات المحلية بنقل معظم ما ورد على لسان عريجي في المؤتمر الصحافي، وأثمرت الاتصالات دعوة الى عقد اجتماع ثان في المساء، مهّد له في شكل اساسي الرئيس بري وجنبلاط وآخرون، اضافة الى الوزير اسعد حردان الحزب القومي الذي اتصل برئيس حزبه وأبلغه بأن المشكلة قد سوّيت وأن لا بد من ايجاد مخرج من شأنه ان يسهم في تبريد الأجواء من جهة وفي خلق المناخ الإيجابي امام إعادة الاعتبار للائتلاف البلدي، من جهة ثانية. وعلمت "الحياة" ان دمشق تابعت الاتصالات وأن كبار المسؤولين فيها واكبوا الجهود التي ادت الى سحب التأزم "الطارئ" بين الحريري والأحزاب من التداول، وبالتالي لم يكن من مفر سوى إصدار الأحزاب بياناً جديداً جاء مناقضاً لمضامين ما ورد في بيان عريجي. وفي هذا السياق، اعلن عريجي في وقت لاحق، ان الحريري وافق على "المبادرة". وقال انها "نجاح لبيروت ولكل قواها الحية"، مفضلاً ترك الحديث عن تفاصيل تطبيقها الى جلسات اخرى تناقش فيها التفاصيل التي تؤدي الى تحصينها، ورافضاً ان تكون معركة بيروت، "ام المعارك". ولفت الى "ان الكلام الذي قيل في الصباح يصب في سياق التوافق"، نافياً ما يقال عن تدخل سوري في موضوع البلديات، ومؤكداً ان "الهم السوري في هذه المرحلة ليس بلدياً بل هو قومي ووطني". وأشار عريجي الى ان موافقة الحريري على المبادرة "تشكل دعوة صريحة لكل القوى للالتفاف حولها". وإذ أحجمت المصادر الحزبية عن الدخول في تفاصيل المبادرة التي اعلنتها الأحزاب، قالت مصادر اخرى ان الاتفاق سيؤدي الى ترك الحرية لكل من الرئيس سليم الحص والنائب تمام سلام والهيئات الإسلامية بتسمية مرشح واحد عن كل منهم، على ان يكون من الطائفة السنية في مقابل اعطاء الحق للحريري بتسمية الخمسة الباقين من الطائفة نفسها، كما يترك التوافق للحريري تسمية رئيس البلدية وإبداء رأيه في معظم المرشحين. ولم يعرف رد فعل الحص وسلام على طبيعة اتفاق الائتلاف، بينما اخذ رئيس حزب الكتائب كريم بقرادوني يتصرف وكأن "إشكاله" مع الحريري قد سوِّي او في طريقه الى الحل، على رغم ان مصادره اكدت ان قرار اشتراك الكتائب او عدمه في اللائحة متروك لرئيس الحكومة. وأعلن "التيار الوطني الحر" بقيادة العماد ميشال عون اسماء مرشحيه في بيروت على اللائحة التي يترأسها خالد الداعوق وهي مدعومة من "حركة الشعب" برئاسة النائب السابق نجاح واكيم والحزب الشيوعي، وهم: ديانا المتني والياس البطل وزياد عبس وجورج نخلة. مرشحو التيار العوني وعقد "التيار" مؤتمراً صحافياً حضره منسقه اللواء نديم لطيف والداعوق، تلا خلاله نخلة بياناً قال فيه ان "التيار قرر على رغم العوائق، أن يخوض المعركة الانتخابية في بيروت لينقذها من الفساد والمفسدين ومن الذين يستغلون مناصبهم في السلطة لزيادة ثرواتهم على حساب افقار الناس وارهاقهم بالضرائب"، معتبراً ان "الاستحقاق مواجهة سياسية بين حدين: التبعية والتحرر، والرضوخ والرفض، والاحباط والتغيير. المواجهة بين السلطة والمعارضة". وتولى عبس الرد على اسئلة الصحافيين فأمل بأن "نخوض جميعاً الاستحقاق كلائحة معارضة واحدة في مواجهة سلطة واحدة أكانت اللائحة المدعومة من رئيس الحكومة رفيق الحريري أم من الأحزاب الستة". وكان عون اعتبر في بيان ان "المواطنين شاهدوا عرضاً كاملاً لمسلسل المفاوضات مع لقاء "قرنة شهوان" الذي اضاع الوقت في مناقشة بديهيات المعارضة التي لا نقاش فيها". ورأى "انها لم تكن يوماً في مستوى البدائل واثبتت انها جزء من التركيبة الحاكمة". عبوة على منزل شمعون اتهم رئيس حزب الوطنيين الاحرار، رئيس بلدية دير القمر، دوري شمعون "عنصراً جديداً دخل هذه المرة الانتخابات البلدية في البلدة بالوقوف وراء العبوة الناسفة"، التي انفجرت فجر أمس، في حديقة منزله في دير القمر. ووضع شمعون ما حصل "في اطار التنافس الانتخابي البلدي الخاص في البلدة بين لائحته واللائحة المنافسة". وقال: "اعتقدوا أنهم سيخلقون من هكذا عمل نوعاً من الذعر لمنع الأهالي من التصويت إلا ان ذلك سيشد من عزيمة أهل دير القمر"، معتبراً ان هذه "الأساليب يلجأ إليها عادة المرشح الخاسر".