أكدت أحزاب لبنانية اجتمعت امس في مقر حزب الطاشناق ضرورة ان يكون المجلس البلدي لبيروت متوازناً وممثلاً لكل فئات المجتمع اللبناني وشرائحه لما تحمله العاصمة من ابعاد سياسية في الوحدة الوطنية، لكنها لم تحسم امرها في تحديد القوى التي ستتحالف معها، وقررت تشكيل لجنة متابعة للقاء رئيس الحكومة رفيق الحريري والرئيس سليم الحص والنائب السابق تمام سلام. وقالت مصادر مقربة من الاحزاب ان هدفها التشاور لبلورة موقف موحد، لافتة الى ان المجتمعين توافقوا على عدم التسرع في اعلان موقف نهائي وطلبوا التمهل. وحضر اجتماع الأمس عن الحزب السوري القومي الاجتماعي رئيسه جبران عريجي وتوفيق مهنا، وعن حزب الكتائب رئيسه الوزير كريم بقرادوني وسيمون الخازن وابراهيم ريشا، وعن حزب البعث الامين القطري الوزير عاصم قانصوه وجمال الحافظ وعن "حزب الله" رئيس المجلس السياسي محمود قماطي وغالب أبو زينب وعلي الرز، وعن حركة "أمل" الوزير ايوب حميد والنائب علي بزي وأحمد بعلبكي، وعن الطاشناق امينه العام هوفيك ميختاريان والوزير سيبوه هوفنانيان وهاغوب بقرادوني وباروير ارسن. وتمنى قانصوه ان يكون الحزب التقدمي الاشتراكي حاضراً "ليتسنى لنا مناقشة الاستحقاق البلدي في كل لبنان، خصوصاً ان اي حديث عن عدم تسييس هذا الاستحقاق لا يمت الى الواقع بصلة حتى لو حصل ذلك من خلال العائلات التي لا يمكن تحييدها عن الصراعات السياسية"، معتبراً ان الانتخابات البلدية بوصلة اساسية للاستحقاق النيابي في ربيع 2005. بدوره اكد بقرادوني - بحسب المصادر ل"الحياة" امرين، ضرورة نقل الاستحقاق البلدي من موقعه العائلي الى الموقع الحزبي وتشكيل تكتل ينبثق من المجتمعين لمواجهة هذا الاستحقاق في كل مكان. ولفت الى ان الانتخابات البلدية في بيروت تتجه نحو المعركة وان هناك لائحة يدعمها الحريري في مواجهة لائحة يؤيدها خصومه. ورأى حميد ان انتخابات بيروت شكلت الحافز للدعوة الى هذا الاجتماع وان الحياة الحزبية ليست موجودة بالمعنى الصحيح، وان للبلدات خصوصيات، لافتاً الى تراجع في الحضور المسيحي ادى الى طغيان فئة سياسية معينة. وأشار الى ان "وجود الأحزاب في العاصمة متفاوت، ويهمنا تدعيم المشاركة المسيحية - الاسلامية وحسن الاختيار والتركيز على النخب". واعترف حميد بأن الاحزاب لم تستطع بلورة مناخات ايجابية لتشكيل لائحة، اضافة الى انها لم تبد حتى الآن رأيها في التحالفات الحاصلة وان من الافضل لبيروت احترام التنوع والحفاظ عليه من باب تكريس الوحدة وهذا يستدعي التريث وعدم التسرع باعلان موقف او بتشكيل تكتل سياسي لخوض الانتخابات. وأوضح قماطي ان الاحزاب امام خيارين إما الفوز بالمقعد البلدي بخلاف توجهها السياسي، او الانسجام مع قناعاتها السياسية حتى لو ادى ذلك الى خسارة المقعد البلدي على رغم انه يمكن المتنافسين سياسياً ان يتفقوا في البلديات. ورأى ان هناك امكاناً لخوض الانتخابات "على اساس قناعاتنا السياسية لا سيما ان المجتمعين يشكلون قوة انتخابية مؤثرة وقد تكون مرجحة". وقال عريجي ان اللقاء "يتيح البحث في واقع الحياة السياسية ودورنا في الدفاع عن المشروع الوطني ضد التآكل، والاستحقاق البلدي فرصة للتوافق على ترميم الحياة السياسية". وشدد هوفنانيان على دور الاحزاب في تصليب الموقف الحزبي في البلديات وكشف عن ان ممثلي الحزب في المجلس البلدي أُبلغوا بضرورة حسم موقفهم من الائتلاف مع الحريري، مشيراً الى "عدم ربط التشاور بمهلة زمنية محددة طالما ان لدينا الوقت". على رغم ان المهلة كانت يفترض ان تنتهي ظهر الخميس اليوم. وسأل بقرادوني عن كيفية ترجمة دور الاحزاب الى خطوات عملية بينما اعتبر ابو زينب ان البوصلة هي تغليب الخط الوطني، وان لا مصلحة في مذهبة الاستحقاق البلدي وأن نظهر المعركة في بيروت على انها بين ابناء الطائفة السنّية. وأوجز احد الحضور ل"الحياة" اجواء الاجتماع بقوله: "ان الاكثرية تميل الى الائتلاف مع الحريري وان مواقف الطاشناق و"أمل" والكتائب كانت واضحة في هذا الاتجاه. الا انها ارتأت التريث لتحسين الشروط بعد التشاور. ولوحظ ان المجتمعين تعاملوا مع كلام الحريري بعد اجتماعه مع البطريرك الماروني نصرالله صفير على انه ايجابي لجهة قوله انه لا يؤلف اللوائح وانما يدعم التوافق". وبالنسبة الى موقف "حزب الله"، لفت الى انه لم يكن سلبياً تجاه التوافق. وقال ان البعض وجه من خلال الاجتماع رسائل الى الحريري بأنه موجود في الساحة من دون ان يلوح احد بخوض معركة ضد الحريري، لأن المعركة لا تقرر من دون تقويم جدي ودقيق لأبعادها وما يمكن ان يترتب عليها من خلل في التمثيل البلدي. وكانت الاحزاب اصدرت بياناً دانت فيه المجازر الوحشية التي ارتكبها الاحتلال الاميركي في العراق والضغوط التي تتعرض لها سورية وناشدت المجتمع الدولي التدخل لوقف المجازر الاسرائيلية في فلسطينالمحتلة. وأكدت البعد الانساني والوطني للانتخابات البلدية وعدم زج المجتمع في تجاذبات الحسابات الفئوية الضيقة واثارة الحساسيات الطائفية والالتفات الى التضامن في ظل ما تتعرض له المنطقة من اعتداءات وضغوط مختلفة، كما شددت على اهمية التواصل بين كل الاطراف والسعي لبلورة موقف يخدم الخط التوافقي العام.