يستحق البوم ملحم زين الجديد أكثر من وقفة من مستمع انتظر العمل الذي تأجل اصداره أكثر من مرة. وعدا عن كون ملحم زين شكل ظاهرة لدى مشاركته في برنامج "سوبر ستار"، وبعيداً من النعرات القبلية والانتماءات المحلية التي عصفت في نهائيات برنامج صناعة النجوم الذي اعطى قناة المستقبل وهجاً خاصاً. ينتظر المستمع العربي اعمال ملحم زين ورويدا عطية وسعود أبو سلطان - لا سيما بعد أن جاء البوم ديانا كرزون مخيباً للآمال - ليلمس ما اذا كانوا سيفون بوعود قطعوها في اعادة زمن الطرب الجميل والاغنية الراقية البعيدة من اغاني "الهرج والمرج" التي تؤذي اذاننا وتطبع الحال الفنية اليوم. انتظر المستمع اللبناني والعربي البوم ملحم زين ليرد على خروجه من البرنامج مهزوماً، ليعرف ما اذا كان ذلك الفنان الذي جعله يفقد صوابه وينتفض صاخباً ويقف معتصماً حتى ساعات الفجر الاولى ليلة خروج ملحم من المسابقة، يستحق ذلك الدعم. صدر البوم ملحم زين منذ ايام، وأقامت شركة "ميوزيك ماستر" حملة اعلامية ضخمة للمناسبة. فدعت مساء الخميس الماضي اهل الفن والصحافة الى حفلة خاصة جمعتهم في مطعم "الكريستال" في بيروت ووزعت ملحقاً اعلامياً سلطت فيه الضوء على موهبة زين الفذة، وكيف تميز "صوته بالنقاء والقوة، وكيف نال صاحب الأداء المتفوق والمحكم تلك الشهرة الواسعة في فترة لم تتعد الأشهر". يتضمن ألبوم ملحم زين الذي حقق مبيعات كبيرة في أيامه الأولى، ثماني أغنيات "اختارها بدقة وتأن"، جميعها باللهجة اللبنانية، انطلاقاً من تميزه في اداء الاغاني المنسية من التراث اللبناني في "سوبر ستار". لم تشف اغنيات الألبوم غليل المستمع، الا انه لا يستطيع ان ينكر ان بعضها حمل تميزاً في الكلمة واللحن والاداء. تعامل ملحم مع شعراء وملحنين وموزعين لبنانيين عدا طارق عاكف، وطارق مدكور وتم تسجيل الاغاني كافة في لبنان. جمع زين في البومه الواناً غنائية متعددة، فقدم الاغنية الرومانسية والشبابية والطربية والشعبية. يبدأ الالبوم بموال لبناني لأغنية "ردوا حبيبي" ذات الايقاع السريع. من خلال الاغنية التي كتبها ولحنها مروان خوري، اراد زين ان يقدم نمطاً مختلفاً عن الذي اشتهر به سابقاً، فاصطفى لحناً سريعاً قد لا يكون لبنانياً صرفاً وانما إيقاعياً. حتى إن كلماته اللبنانية جاءت سهلة لا تحمل الكثير من خصوصية اللغة المحلية. أما أداء زين فجاء هادئاً دافئاً... أغنية مفعمة بالرومانسية جمعت الكلمة الخفيفة واللحن الجميل، الا انها لم تظهر قدرات زين الصوتية. على النمط ذاته، يقدم ملحم اغنية "نامي" التي كتب كلماتها ولحنها مروان خوري أيضاً. يقترب اسلوب الاغنية من "ردوا حبيبي"، وتعتمد الرومانسية نفسها، واداء ملحم جاء شبيهاً بالاخرى. واختار ملحم زين اغنية شبابية هي "مش ناسيكي". ما "ميز" تلك الاغنية جوقة الفتيات التي رافقت ملحم فأضفت نكهة على الاغنية التي لم تقدم اي جديد من ناحية الكلمة أو اللحن، الا انها خدمت الى حد ما جو الاغنية التي حرص زين ان تكون شبابية الى ابعد الحدود. اللون الطربي الذي قدمه زين من خلال "كلما غابت شمس" كلمات سمير نخلة والحان طارق أبو جودة و"سامحك الله" كلمات نعمة زلزلي والحان سليم سلامة، استطاع ان يظهر قدرات صوته الى حد ما، فعرف كيف يقفل الجمل الموسيقية بطبقات عالية وكيف يظهر قوة صوته التي لا تضعف. وفيما تقترب "كلما غابت شمس" من اسلوب ملحم بركات، وتحمل روحاً لبنانية في النغمة الشرقية التي اعتمدها طارق ابو جودة وخصوصية تعابير سمير نخلة من "لو كرمك حلي"، "بصليلك صلا" التي جاءت قريبة من الاغاني الطربية القديمة. أما "سامحك الله" التي لم تحمل اي جديد على صعيد الكلمة واللحن، فلم تخدم سوى صوت ملحم الطربي وقدرته على الغناء بطبقات عالية، وقدرته على التطريب واعطاء اللحن حقه. أغنية "يا صغيري" شعبية من الدرجة الاولى، كلمة ولحناً وايقاعاً، حتى ان لهجة ملحم زين البقاعية ظهرت في شكل واضح. استطاعت الاغنية ان تعيدنا الى برنامج "سوبر ستار" حين غنى زين "الحاصودي" ولاقت الاغنية بصوته نجاحاً كبيراً. أراد ملحم زين ان يتوجه الى جمهور لبناني أحبه في الاغنية الشعبية واللهجة البعلبكية التي يقدمها بإحساس أكبر. الاغنية التي كتب كلماتها عبدالله واكيم تميزت بمفردات تلك الحارة الشعبية التي مرت فيها الفتاة الصغيرة الجميلة، وذلك اللحن الذي قدمه وسام الأمير - وهو البارع في اللون الشعبي اللبناني، خصوصاً بعد أن لحن البوم نجوى كرم الاخير واستطاع ان يعيدها الى القمة - أعطى الاغنية الشعبية حقها. "وحياة عينك" شعبية أيضاً قريبة من الفولكلور اللبناني، كتبها نزار فرنسيس ولحنها سمير صفير. أغنية شعبية الكلمة واللحن. وما المزمار الذي استعمل الا لاضفاء ذلك الإيقاع اللبناني. ولعل "انت مشيتي"، وهي أغنية الالبوم الرئيسة هي التي تميز عمل ملحم زين الاول. يبدأ التميز بالكلمة العذبة التي استخدمها نزار فرنسيس، فحملت عمقاً ووصفاً جديداً للحظة اللقاء بين احبة افترقوا. أما اللحن الذي قدمه سمير صفير فأعطى للكلمة حقها وأضفى على لحظة الفراق جواً صادقاً. وتوّج ذلك التميز أداء ملحم زين. ولعل الأغنية هي الأبرز التي غناها زين بإحساس لافت. لم يحمل ملحم زين في جديده الكثير من التجدد، وربما يعكس حذره من تقديم عمل مدروس لا يحتمل المجازفة. الا انه استطاع ان يتفوق في ان يجمع ثماني اغنيات مختلفة اللحن واللون والاسلوب في آن، وان يبقي الروح اللبنانية طاغية.