قال"بنك الكويت الوطني"إن شهر آذار مارس الماضي سيعتبر نقطة تحول في الانتعاش الاقتصادي في الولاياتالمتحدة، أذ أظهرت المؤشرات المختلفة تحركاً قوياً نحو الأفضل، مع احتمال أن يكون انتعاش الاقتصاد متواصلاً بدفع ذاتي. وأضاف البنك في تقريره الاسبوعي أن اليورو بقي ضعيفاً في الأيام الأخيرة، لافتاً الى انه مسار من غير المحتمل أن يتغير بسرعة. وزاد انه على رغم انه لا يتوقع أن يهبط اليورو بشدة، إلا أنه يرجح أن يستمر ضمن نطاقه الحالي مع التركيز على احتمال هبوطه. وزاد أنه عقب البيانات الاقتصادية القوية في بريطانيا، تراهن السوق الآن بشكل متزايد على أن بنك إنكلترا المركزي سيرفع أسعار الفائدة بمعدل 25 نقطة أساس في اجتماعه أوائل شهر أيار مايو المقبل. وفي ما يأتي ما ورد في التقرير: مع ولوجنا الربع الثاني من السنة، تتزايد الدلائل إلى قدرة الاقتصاد الأميركي على إدامة انتعاشه حتى مع تلاشي التأثيرات الإيجابية لخفض الضرائب وأسعار القروض الإسكانية المنخفضة. فعلى سبيل المثال، ارتفعت مبيعات التجزئة الأميركية بحدة في شهر آذار مارس الماضي بنسبة 1.8 في المئة، وهي نسبة تفوق التوقعات بكثير. ولم يكن تقرير مبيعات التجزئة الأقوى لسنة خلت فحسب، بل شملت الزيادة في المبيعات قاعدة عريضة أيضاً. ويشير هذا التقرير إلى أن الإنفاق الاستهلاكي، الذي يشكل أكثر من ثلثي اجمالي الناتج المحلي لا يزال بخير. وساعد ارتفاع الصادرات الأميركية بشكل عام في شهر شباط فبراير الماضي على ردم الفجوة في حجم التجارة بين هذا الشهر وشهر كانون الثاني يناير، الذي سجل ارتفاعاً قياسياً في الصادرات، إذ تقلص الفارق في العجز الأميركي للتجارة الدولية في قطاع السلع والخدمات من 43.46 بليون دولار في شهر كانون الثاني، بعد مراجعة العجز صعوداً، إلى 42.09 بليون دولار في شهر شباط. ويعتبر النمو البالغ أربعة في المئة في الصادرات الأكبر لما يزيد على سبعة أعوام، وقد فاق الزيادة في الواردات البالغة 1.6 في المئة. وبالإضافة الى ذلك، استرد النشاط التصنيعي في المنطقة الخاضعة لبنك الاحتياط الفيديرالي لنيويورك عافيته بقوة ليقفز من 25.33 في شهر آذار إلى 36.05 في شهر نيسان ابريل، مسجلاً قراءة إيجابية للشهر الثاني عشر على التوالي. وفي تلك الأثناء، ارتفع مؤشر الأسعار الاستهلاكية جزئياً بنسبة 0.5 في المئة منذ شهر شباط، بسبب ارتفاع أسعار وقود السيارات، مشكلاً ارتفاعاً نسبته 1.7 في المئة عن العام الماضي. وكانت نسبة التضخم الأساسي السنوية أعلى أيضاً، إذ ارتفعت بحدة إلى 1.6 في المئة بعد أن وصلت إلى أدنى مستوى لها في السنوات السبع والثلاثين الأخيرة وهي نسبة 1.1 في المئة في شهر كانون الثاني. ومع أن ذلك لا يزال يعتبر مستوى منخفضاً بالمقاييس التاريخية، إلا أن المستثمرين ينظرون إليه على أنه دليل إضافي على إمكانية رفع مجلس الاحتياط الفيديرالي البنك المركزي الاميركي أسعار الفائدة قريباً. وعززت بيانات مبيعات التجزئة من تلك التوقعات، بيد أن حاكم مجلس الاحتياط الفيديرالي ذا التأثير، بن برنانك قال إن نمو الإنتاجية القوي واستمرار الضعف الاقتصادي لا بد أن يلجما معدل التضخم للسنتين المقبلتين. ولكن إذا ما كان لمجلس الاحتياط أن يتسم بالمصداقية، فيجب أن نتوقع منه بعض الملاحظات في شأن معدل التضخم لدى اجتماعه في شهر أيار مايو المقبل. وعلى رغم أن المجلس كان أكثر اهتماماً أخيراً بسوق العمل، الا أنه سيكون من المثير للاهتمام أن نرى كيف سيتلاعب مجلس الاحتياط بصياغة عباراته، إذ يبدو أنه يرغب في أن تقوم السوق بتعديل أسعار الفائدة من دون اللجوء إلى رفع رسمي مبكر للفائدة. وانخفضت ثقة المستهلك الأميركي بشكل غير متوقع حسب مؤشر جامعة ميشيغان لمنتصف شهر نيسان، اذ انخفض المؤشر من 95.8 نقطة في نهاية شهر آذار إلى 93.2 نقطة. ومن المحتمل أن تكون الأوضاع المتزايدة السوء في العراق تلقي بظلالها على أذهان الناس. وانخفض الإنتاج الصناعي كذلك في شهر آذار بينما قفزت عمليات البدء بالبناء بنسبة 6.4 في المئة الشهر الماضي. وعلى صعيد الوظائف يتجه الوضع نحو التحسن مع إعلان وزارة العمل سابقاً أن قطاع الوظائف غير الزراعية أضاف 308 آلاف وظيفة في آذار، وهو أعلى رقم للوظائف الجديدة خلال أربعة أعوام. وفي الإجمال، يمكننا أن نستخلص أن شهر آذار سيعتبر نقطة تحول في الانتعاش الاقتصادي في الولاياتالمتحدة، أذ أظهرت المؤشرات المختلفة تحركاً قوياً نحو الأفضل واحتمال أن يكون انتعاش الاقتصاد متواصلاً بدفع ذاتي. أوروبا منطقة اليورو تركز الانتباه الأسبوع الماضي على رئيس البوندسبنك البنك المركزي الالماني ارنست فلتيكه، وذلك في ظل قلة البيانات الاقتصادية الصادرة عن منطقة اليورو. وكان رئيس البنك المركزي الألماني تعرض لانتقادات حادة لقبوله إقامة فندقية مجانية مقدمة من بنك تجاري، وقدم استقالته في الأسبوع الماضي. وشغل فلتيكه مقعداً في مجلس البنك المركزي الاوروبي المعني بتحديد أسعار الفائدة والمكون من 18 عضواً. وهناك تكهنات بأنه كان للحكومة الألمانية دور في رحيله لرغبتها في غرس شخصية أكثر ودية في البنك المركزي الأوروبي، الذي كان يقاوم الدعوات لخفض أسعار الفائدة. وفي تلك الأثناء، ارتفعت الأسعار الاستهلاكية الألمانية حسب التوقعات بنسبة 0.3 في المئة في شهر آذار. واستمرت الإصلاحات الحديثة لنظام الرعاية الصحية الألماني بتعزيز معدل التضخم السنوي في أكبر اقتصاد في منطقة اليورو. وأثبت ضعف الإنفاق الاستهلاكي أنه عبء على اقتصاد منطقة اليورو في الشهور الثلاثة الأخيرة من عام 2003، وكان المحرك الوحيد للنمو ازدياد الاستثمار في قطاع الأعمال وتكدس المخزون السلعي. وفي حين ارتفع الإنفاق الاستثماري بنسبة 0.6 في المئة، بعد أن عانى من انكماش في كل من الأرباع الثلاثة السابقة، إلا أن ضعف الطلب المحلي والخارجي لا يزال مبعث قلق. ومع ذلك فإن الارتفاع في الإنفاق الاستهلاكي قد يشير إلى أن الشركات تكتسب ثقة أكبر في استمرارية الانتعاش العالمي. بقي اليورو ضعيفاً في الأيام الأخيرة، وهو مسار من غير المحتمل أن يتغير بسرعة. وفي حين أننا لا نتوقع أن تهبط العملة الاوروبية بشدة، إلا أننا نرجح أن يستمر اليورو ضمن نطاقه مع التركيز على احتمال هبوطه. المملكة المتحدة أظهر الاستطلاع الاقتصادي الربع السنوي لغرف التجارة البريطانية، وهي مجموعة لها تأثير في مجال قطاع الأعمال، أن التحسن في الأسواق المحلية والخارجية وارتفاع الأسعار وثقة قطاع الأعمال كلها تشير إلى اكتساب الاقتصاد البريطاني زخماً في الربع الأول من سنة 2004. فعلى صعيد الوظائف، يظهر التحسن من خلال انخفاض أعداد الأشخاص المطالبين بإعانات البطالة وارتفاع معدل الدخول بنسبة 4.9 في المئة في الشهور الثلاثة التي سبقت شهر شباط. وانخفض مقياس البطالة، الذي يحصي عدد المطالبين بالإعانات والذي يتابعه الكثيرون، بما يوازي 4200 طلب ليصل إلى 882 ألف طلب، مسجلاً نسبة بطالة تعادل 2.9 في المئة، وهي ثاني أدنى نسبة بطالة تسجلها بريطانيا بعد شهر حزيران يونيو عام 1975 حين بلغت هذه النسبة 2.8 في المئة. وحافظ التضخم في أسعار المساكن على قوته في شهر شباط مع ارتفاع الأسعار بنسبة 9.8 في المئة خلال العام. وتعتبر أسعار المساكن مؤشرًا يتابع عن كثب في بريطانيا، أذ أن ثلثي العائلات تملك مسكنها الخاص. وساعد ارتفاع قيمة تلك المساكن على تأجيج انتعاش الإنفاق الاستهلاكي في بريطانيا. وتراهن السوق الآن بشكل متزايد عقب هذه البيانات الاقتصادية، على أن بنك إنكلترا المركزي سيرفع أسعار الفائدة بمعدل 25 نقطة أساس في اجتماعه أوائل شهر أيار المقبل. وشهد الجنيه الإسترليني أسبوعاً ضارياً وعمليات بيع كبيرة. ويبدو أن رفع بنك إنكلترا المحتمل لسعر الفائدة قد تم احتسابه في تسعير الاسترليني، وأن المستثمرين سعيدون بجني بعض الأرباح، خصوصاً إذا ما أخذنا في الاعتبار الاحتمال المتزايد لرفع الولاياتالمتحدة لأسعار الفائدة عاجلاً وليس آجلاً. ويعتبر الجنيه من هذا المنظور عرضة لعمليات بيع إضافية في الأيام المقبلة. اليابان ما زالت الأخبار الجيدة تتوالى من اليابان، ولا عجب من إبقاء الحكومة اليابانية على تقديراتها الإجمالية للوضع الاقتصادي من دون تغيير في تقريرها لشهر نيسان. لا بل إن الحكومة اليابانية رفعت تقديراتها بالنسبة لأرباح الشركات وثقتها بالمستقبل عاكسة بذلك البيانات القوية غير المتوقعة في ما يتعلق بثقة قطاع الأعمال. وجاء هذا التحسن في التقديرات بعد أن كان استطلاع تانكان، المراقب عن كثب والذي صدر بداية هذا الشهر عن بنك اليابان المركزي، قد أظهر أن الشركات الصناعية الكبرى أصبحت أكثر تفاؤلاً بالأوضاع الاقتصادية مما يتوقعه المحللون. وكانت أحوال سوق العمل وتأثيرها في الاستهلاك الشخصي أحد الأسباب التي أفادت الحكومة اليابانية سابقاً أنها تراقبه بشكل دقيق قبل أن تقرر مراجعة تقديراتها الاقتصادية. وهبط عدد إفلاسات الشركات اليابانية بنسبة 16.6 في المئة في السنة المالية المنتهية في 31 آذار الماضي، وهي السنة المالية الثانية على التوالي التي تتراجع فيها معدلات إفلاس الشركات. وكانت الشركات المثقلة بالديون استفادت من تحسن الوضع الاقتصادي الياباني وبذلت جهوداً حثيثة للتقليل من حجم ديونها. وارتفعت سوق الأسهم اليابانية بشكل لامع أخيراً نتيجة تدفق الأخبار الاقتصادية الجيدة التي شجعت المستثمرين على شراء أسهم قطاع المال وغيرها من الأسهم الحساسة للطلب المحلي. وكان مؤشر"نيكاي"225 للشركات اليابانية الكبرى وصل إلى أعلى مستوى له عند 12189 نقطة الأسبوع الماضي. أما الدولار مقابل الين فقد بقي الطلب عليه قائماً وهناك فرصة لارتفاعه قليلاً في المدى القريب. أما إذ انظرنا إلى الأمور بشكل أوسع فإنه يوجد مزيد من الفرص لارتفاع الين الياباني، خصوصاً إذا عرفنا أن هناك اعتقاداً سائداً في الأسواق مفاده أن بنك اليابان المركزي يرغب في رؤية ارتفاع تدرجي للعملة نظراً لتحسن الأوضاع الاقتصادية الأساسية.