قال"بنك الكويت الوطني"ان بيانات تدفق الأموال الرأسمالية الى الولاياتالمتحدة في شهر تشرين الأول أكتوبر الماضي أكدت مخاوف الأسواق من أن صافي التدفقات الاستثمارية إلى الولاياتالمتحدة قد لا يمول الحساب الجاري الأميركي بهامش مناسب مريح. وأضاف البنك في تقريره الأسبوعي أنه على رغم أن بيانات التضخم في منطقة اليورو رفعت أسعار الفائدة الأوروبية المتداولة في السوق قليلاً، الا أنه ليس من المتوقع أن يغير البنك الأوروبي المركزي أسعار الفائدة حتى الربع الثاني من السنة المقبلة. وفي ما يأتي ما ورد في التقرير: رفع مجلس الاحتياط الفيديرالي المصرف المركزي الاميركي أسعار الفائدة الرئيسية للمرة الخامسة في خلال ستة شهور، وذلك بسبب تفاؤله حيال مستقبل الاقتصاد الأميركي، كما أشار إلى أن هذا النمط سيستمر لبعض الوقت. وصوّت أعضاء لجنة السياسة النقدية التابعة لمجلس الاحتياط بالإجماع على رفع أسعار الفائدة على الأموال الفيديرالية بمقدار ربع نقطة مئوية ليصل سعر الفائدة إلى 2.25 في المئة، وهو أعلى سعر منذ ثلاثة أعوام. ومن المهم أيضاً أن نذكر أن البيان الذي رافق قرار رفع أسعار الفائدة كان مشابهاً تقريباً للبيان الذي أصدرته اللجنة في شهر تشرين الثاني نوفمبر الماضي. ورفع مجلس الاحتياط أسعار الفائدة على الأموال الفيديرالية بأكثر من الضعف هذه السنة، ولكن ذلك لم يؤثر في معدل النمو الاقتصادي. وعلى رغم الارتفاع السريع لأسعار النفط، يتوقع أن يكون الاقتصاد قد نما بمعدل 4.4 في المئة سنة 2004 - وهو المعدل الأسرع منذ سبعة أعوام. وتتوقع الأسواق يقيناً أن يرتفع سعر الفائدة بمقدار 25 نقطة أساس في شهر شباط فبراير المقبل. وفي المؤتمر الاقتصادي الذي انعقد لمدة يومين بدعوة من البيت الأبيض، عزا أستاذ الاقتصاد المرموق في جامعة هارفارد مارتين فلدستين"الوضع الجيد جداً"للاقتصاد إلى السياسات الاقتصادية العامة للرئيس بوش وما قام به من خفض للضرائب أربع مرات. ولكن كانت هناك بعض التحذيرات في شأن العجز المتنامي في الموازنة وارتفاع أسعار النفط. وأشار أحد الاقتصاديين الى أن نقطة التعادل لسعر النفط هي 42 دولاراً للبرميل، وأن أي تجاوز لهذا الحد سيضر بالاقتصاد الأميركي. وأظهرت بيانات حكومية أسبوعية تراجعاً غير متوقع في المخزون التجاري للنفط الخام ووقود التدفئة، ما أدى إلى ارتفاع أسعار النفط بسرعة بأكثر من خمسة في المئة في يوم واحد. بيد أن العديد من الاقتصاديين يعتقدون أن أسعار النفط قد بلغت أقصى حد لها، وأن أي تحرك في الأسعار هو مجرد تصحيح. ولكن ارتفاع أسعار النفط قد أحدث ضرراً بالفعل، أقلّه بتأثيره في العجز في التجارة الأميركية، والذي اتسع لحد قياسي على المستوى الشهري ليصل إلى 55.46 بليون دولار في شهر تشرين الأول أكتوبر الماضي. ومنذ بداية السنة الجارية وحتى الآن، تراكم العجز في التجارة الأميركية ليبلغ 500.49 بليون دولار، متخطياً بكثير العجز المسجل عام 2003 كله. وبقي الإنتاج المحلي ثابتاً، حتى مع وجود طلب أميركي قوي على السلع المنتجة في الخارج. فقد نما الناتج الصناعي الأميركي في شهر تشرين الثاني بمعدل بلغ 0.3 في المئة، أي أبطأ من معدل شهر تشرين الأول الذي بلغ بعد مراجعته نزولاً 0.6 في المئة. وارتفعت السعة الإنتاجية إلى 77.6 في المئة، وهذا أعلى معدل لها منذ أيار مايو عام 2001. وأولت الأسواق بعض الاهتمام ببيانات تدفق الأموال الرأسمالية في اتجاه الخزانة، والتي أظهرت أن الأجانب سجلوا ما قيمته 48.1 بليون دولار من صافي مشتريات الأوراق المالية الاميركية في شهر تشرين الأول، وهو الأقل منذ عام، وأقل مما سجله شهر أيلول سبتمبر الماضي بعد مراجعته والبالغ 67.5 بليون دولار. ويؤكد هذا الأمر أحد أكبر المخاوف التي تساور السوق بخصوص الدولار، وهو أن صافي التدفقات الاستثمارية إلى الولاياتالمتحدة قد لا يمول الحساب الجاري الأميركي بهامش مناسب مريح. وكانت نسبة العجز في الحساب الجاري الأميركي في الربع الثالث من السنة الجارية 164.70 بليون دولار أي ما نسبته 5.7 في المئة من إجمالي الناتج المحلي. وتتضمن البيانات الأخرى ذات الشأن مؤشر أوضاع الشركات الصادر عن مجلس الاحتياط الفيديرالي لولاية فيلادلفيا، وهو مقياس لوضع قطاع التصنيع في المنطقة. وارتفع المؤشر ليصل إلى 29.6 نقطة في آخر شهر من السنة، مقارنة بتوقعات الاقتصاديين البالغة 20.0 نقطة. وتشير القراءات الإيجابية في المؤشر إلى نمو في النشاط. وارتفع مؤشر الأسعار الاستهلاكية في الولاياتالمتحدة بنسبة متواضعة بلغت 0.2 في المئة في الشهر الماضي، بعدما بلغت 0.6 في المئة في شهر أيلول. وعكس التراجع في معظمه تراجعاً في ارتفاع أسعار المواد الغذائية والطاقة، وتماشى مع توقعات السوق. أوروبا منطقة اليورو أبقى البنك المركزي الأوروبي على أسعار الفائدة من دون تغيير عند نسبة اثنين في المئة، وهي أدنى مستوى وصلت إليه أسعار الفائدة في معظم دول منطقة اليورو منذ الحرب العالمية الثانية. غير أن هذا لم يفاجأ الأسواق التي كانت تراقب بقلق متصاعد الطبيعة المتقلبة للانتعاش الاقتصادي في منطقة اليورو. فقد أثرت أسعار النفط المرتفعة كما أثرت قوة اليورو الأخيرة في النمو الاقتصادي سلباً. وكان استفتاء مشتروات المديرين أظهر أن الشركات باتت تشعر بالأذى الناتج عن ارتفاع أسعار النفط وقوة العملة الأوروبية، إذ هبط مؤشر مشتروات المدراء في القطاع الصناعي للمرة الرابعة في شهر تشرين الثاني الماضي، وأظهر أن هذا القطاع بات قاب قوسين أو أقل من الوقوع في الانكماش، وهبط المؤشر إلى 50.4 نقطة من 52.4 نقطة في تشرين الأول الماضي. والمعلوم أن أي قراءة فوق ال50 نقطة تشير إلى التوسع في القطاع الصناعي وأي قراءة تحت هذا المستوى تشير إلى حصول انكماش. وكان الطلب الاستهلاكي الضعيف أدى إلى انخفاض مفاجئ في معدل مخرجات المصانع في الدول الإثنتي عشرة الداخلة في العملة الأوروبية الموحدة. وأعلنت وكالة الإحصاء في الاتحاد الأوروبي يوروستات أن الإنتاج الصناعي هبط بنسبة 0.5 في المئة منذ شهر أيلول الماضي، ومع أن هذا الهبوط كان شاملاً إلا أنه كان مركزاً أكثر في السلع الاستهلاكية، اذ انخفضت السلع الاستهلاكية المعمرة بنسبة 0.7 في المئة شهرياً بينما انخفضت السلع الاستهلاكية غير المعمرة بنسبة 0.5 في المئة. وعلى صعيد آخر تحسنت ثقة قطاع الأعمال الألماني بشكل مفاجئ في شهر كانون الأول ديسمبر الجاري بعدما هبطت بشكل كبير في شهر تشرين الثاني، إذ أفاد استفتاء معهد"إيفو"الألماني أن مؤشره لثقة قطاع الأعمال قد ارتفع إلى 96.2 نقطة من 94.1 نقطة في تشرين الثاني، وهو الأعلى له منذ شهر نيسان أبريل الماضي ويفوق توقعات الاقتصاديين عند 93.8 نقطة. وتعتبر نتائج الاستفتاء فعلاً مفاجئة خاصة بعد ارتفاع اليورو بشكل كبير في أسواق الصرف الأجنبي ، إذ أن البديهي أن يقلل ارتفاع اليورو من تنافسية الشركات الألمانية خصوصاً في القطاع الصناعي الذي يعتمد بشكل كبير على طلب الصادرات. أما على صعيد التضخم فقد هبط مؤشر الأسعار الاستهلاكية في منطقة اليورو إلى 2.2 في المئة في تشرين الثاني من 2.4 في المئة في تشرين الأول، إلا أن الأسعار الأساسية ارتفعت بشكل غير متوقع إلى 1.9 في المئة سنوياً من 1.8 في المئة في تشرين الأول. ورفعت هذه البيانات أسعار الفائدة الأوروبية المتداولة في السوق قليلاً، لكن المتوقع أن يبقي البنك الأوروبي المركزي على أسعار الفائدة الأوروبية من دون تغيير لغاية الربع الثاني من السنة المقبلة المملكة المتحدة ارتفع مؤشر الأسعار الاستهلاكية في بريطانيا في تشرين الثاني الماضي بأكثر مما كان متوقعاً نتيجة زيادة كلفة الوقود وتدفئة المساكن في المملكة المتحدة، إذ زاد المؤشر بنسبة 0.2 في المئة مقارنة بشهر تشرين الأول وبنسبة 1.5 في المئة مقارنة بشهر تشرين الثاني من عام 2003، وبهذه الزيادة يقترب معدل التضخم الاستهلاكي في بريطانيا من منتصف المعدل المستهدف من قبل بنك إنكلترا المركزي وهو اثنين في المئة. وكان الضيق الحاصل في سوق العمل البريطانية أدى إلى ارتفاع شديد في تضخم الأجور، فقد أفادت البيانات الصادرة عن مكتب الإحصاء الوطني أن معدل الأجور في الشهور الثلاثة لغاية شهر تشرين الأول ارتفع بنسبة 4.1 في المئة من 3.8 في المئة في الشهور الثلاثة السابقة. في هذه الأثناء انخفض عدد المطالبين بإعانات البطالة، وهو رقم يراقب عن كثب، بمقدار 3400 طلب في تشرين الثاني مقارنة بارتفاع مقداره 900 طلب في شهر تشرين الأول. وقد يشعر بنك انكلترا المركزي، عند اضافة بيانات البطالة الى بيانات التضخم، بأن هناك حاجة إلى رفع أسعار الفائدة لتهدئة الاقتصاد، إلا أن تباطؤ الإنفاق الاستهلاكي وانكماش القطاع الصناعي قد يجعلان البنك ان يبقي على أسعار الفائدة من دون تغيير لفترة مقبلة من الزمن بعد ثباتها عند مستوى 4.75 في المئة للشهر الرابع على التوالي. اليابان مع ركود نمو الصادرات اليابانية بدأ التفاؤل يتلاشى لدى الشركات اليابانية، حسب ما جاء في استفتاء تانكان الذي يراقب بشكل كبير من قبل الأسواق. إلا أن الاستفتاء نفسه أظهر أن الشركات اليابانية تتوقع أن تزيد أرباحها في العام الذي سينتهي في 31 آذار المقبل وأنها تخطط لزيادة استثماراتها وهو مؤشر على أن الأوضاع ربما ستكون أفضل في المدى البعيد. وأظهر استفتاء تانكان الربع سنوي لشهر كانون الأول أن ثقة المصنعين الكبار هبطت اربع نقاط لتصل إلى 22 نقطة من المعدل القياسي لمدة 13 عاماً التي وصلت إليه عند 26 نقطة في أيلول، وقد كان هذا الهبوط الاول منذ آذار عام 2003 وهو مؤشر يقيس الفرق بين نسبة الشركات التي ترى أن الأوضاع جيدة ونسبة الشركات التي ترى أن الأوضاع سيئة. ويأتي تقرير تانكان الضعيف في أعقاب مراجعة البيانات الاقتصادية هذا الشهر والتي أظهرت ضعف النمو الاقتصادي في الربع الثالث الممتد من شهر تموز يوليو وحتى شهر أيلول، إذ نما الاقتصاد بمعدل 0.1 في المئة فقط عن الربع السابق وبنسبة 0.2 في المئة سنوياً، منخفضاً عن نسبة 0.3 في المئة المعلنة سابقاً. وتعكس هذه النظرة المتشائمة في تقرير تانكان الخسارة في الدفع الاقتصادي الناتج عن ضعف قطاع الصناعة المعتمد على الصادرات. غير أن هناك بعض النقاط المشجعة في الاستفتاء، إذ أفاد قطاع الصناعيين الكبار أن مؤشره بقي من دون تغيير عند 11 نقطة، وأعلى مما كان الاقتصاديون يتوقعونه بمقدار 10 نقاط ، وقد تعتبر هذه القراءة مؤشرًا على أن الطلب المحلي قد يبقى قوياً بما هو كاف لدفع الانتعاش الاقتصادي.