اجمع عدد من المسؤولين السوريين والباحثين العرب على ان الادارة الاميركية طرحت "مشروع الشرق الاوسط الكبير" قبل اسابيع ل"دمج اسرائيل" و"تحسين صورة اميركا" في العالمين العربي والاسلامي. لكن آراءهم تباينت في شأن سبل الرد عليه بين "رفض الاصلاح من الخارج" وخيار "الاصلاح الشامل ومواجهة الاستبداد وإلغاء قوانين الطوارئ واطلاق السجناء السياسيين" البالغ عددهم 50 الفا في العالم العربي. وكان "المركز العربي للدراسات الاستراتيجية" برئاسة الرئيس اليمني الجنوبي السابق علي ناصر محمد عقد امس ورشة عمل في دمشق بمشاركة عدد من المسؤولين السوريين والباحثين والاسلاميين العرب، في حضور الأمين العام للمنظمة العربية لحقوق الانسان محمد فائق والامين العام التنفيذي للجنة الاقتصادية والاجتماعية لغرب اسيا اسكوا ميرفت تلاوي. وبعد تقديم المدير العام للمركز منير الحمش خلفية لمشاريع الاصلاح الاميركية والاوروبية وتوزيع النصوص التي نشرتها "الحياة" في الاسابيع الاخيرة، قال ان "اصلاح نظام الحكم والطريق الى مجتمع ديموقراطي سليم، مسألة داخلية تقع على عاتق الشعوب بالدرجة الاولى"، الامر الذي وافق عليه وزير الاعلام السوري احمد الحسن، داعيا الى "ضرورة مواجهة" المشاريع التي "تأتينا جاهزة ومصنعة ومبوبة في وقت يصرف فيه النظر عن الصراع العربي - الاسرائيلي واحتلال العراق". وفيما اقترح الحمش ان يكون الاصلاح "وفق ما تقتضيه الظروف الموضوعية في كل مجتمع من مجتمعات المنطقة انطلاقا من الداخل"، قال الفضل شلق ان مبدأ ان يأتي "الاصلاح من الخارج ليس سيئا في ذاته، أي لانه من الخارج، ولا يستطيع احد انكار تجربتي اليابان والمانيا اللتين جرى الاصلاح فيهما بعد هزيمة ساحقة وبإرادة خارجية"، قبل ان يحذر من ان اقتصار الخطاب العربي على رفض الاصلاح القادم من الخارج "يخدم الاميركيين لان من لا يقدم شيئاً سيضطر الى قبول ما يفرض عليه". واتفق مع شلق الدكتور رفعت السيد احمد في رفضه "المقولة الجوفاء القائمة على رفض الاصلاح من الخارج"، ثم ذهب الى أبعد من ذلك عندما اقترح بدء اصلاح "قائم على ديموقراطية حقيقية تسبقها اشاعة قيمها في شكل جاد وفاعل، وضرورة الافراج عن المعتقلين السياسيين كافة وسجناء الرأي واحلال لغة الحوار معهم بدلا من لغة الاعتقال او المصادرة". ومثلما "فاجأ" السيد احمد الحاضرين بطروحاته الجريئة في دمشق، قدم المفكر السوري طيب تيزيني أطروحة اكثر وضوحا سواء في رفضه للسياسات الاميركية "التي اسهمت في انتاج وضعية خرابية" في العالم العربي، او في حديثه عن الانظمة العربية. وبعدما اشار الى ان الحديث عن الاصلاح تأخر نصف قرن الى حين جاء "على مدرعات اميركية"، قال: "ان الاصلاح لا يمكن ان يتم بالمعنى المعرفي والعملي الا عبر مواجهة الاستبداد رباعي الابعاد: الاستفراد بالسلطة والثروة والاعلام والحقيقة... وتأسيس مجتمع ديموقراطي تسقط فيه قوانين الطوارئ والاحكام العرفية واطلاق السجناء السياسيين وصولا الى فتح ملفات الاقتصاد والقضاء والجيش وكل ما انتج من فساد خلال عقود" في العالم العربي. من جهته، قال الشيخ حسين شعبان "ان التاريخ قد يعذرنا في جميع الهزائم العسكرية والاقتصادية والسياسية، لكن الابناء والاحفاد لن يعذروا جيلنا على الاطلاق بهزيمتنا الثقافية في معركة الهوية لانها معركة الوجود: ان نكون او لا نكون"، في حين اشار العلامة السوري محمد حبش الى اثارة "صراع بين التيارين القومي والاسلامي" على خلفية هذا المشروع الذي طرحته اميركا ل"دغدغة عواطف الامة". وكانت رئيسة قسم الصحافة في جامعة دمشق فريال مهنا اخذت على وسائل الاعلام العربية النضح من "جعبة معرفية... لا تتصدى للمشروع في ضوء معطيات الواقع بل في ضوء معطيات افتراضية"، فيما اكد رئيس تحرير صحيفة "تشرين" الحكومية خلف الجراد ان "الواجب يقتضي فضح اللعبة" الاميركية.