قال محلّلون في بيروت، أمس، ان أكبر عملية اندماج في تاريخ القطاع المصرفي اللبناني قد تفتح الباب أمام المزيد من العمليات المماثلة بين المصارف الكبرى التي تتطلع للتوسع في منطقة الشرق الأوسط. يُذكر ان"بنك عودة"و"بنك سرادار"وقّعا الاثنين الماضي اتفاق اندماج، في صفقة بلغت قيمتها 159 مليون دولار، كانت أول صفقة من نوعها بين اثنين من أكبر عشرة مصارف في لبنان. وأذنت هذه الصفقة بميلاد أكبر مجموعة مصرفية في البلاد. وتفرض الصفقة ضغوطاً على المصارف الكبرى الاخرى في لبنان الذي كان في يوم من الأيام"المركز المالي للشرق الأوسط". وقال المسؤول الاستثماري في مجموعة"ميدل ايست كابيتال غروب"، طوني حشيمة:"حتى أكبر بنوك لبنان لا يُعد شيئاً بالمقارنة مع حجم المصارف العربية الاخرى. فهي أكبر من بنوك لبنان خمس أو عشر مرات". وأضاف:"يتعين ان تكون المصارف كبيرة إذا كانت تريد حصة على المستوى الإقليمي. وهذا هو المنطق وراء عملية الاندماج هذه، ويسري عليها كلها". وتحاول بعض المصارف المحلية أن تجد لنفسها موضع قدم في العمليات المصرفية الخاصة الموجّهة لأثرياء الخليج، وهو قطاع يتزايد الاعتماد فيه على الخبرة أكثر من الحجم. لكن مصارف أخرى، مثل"بنك عودة"الذي سيفتح فروعاً في الأردن، تتوسع في مجال التجزئة المصرفية خارج حدود لبنان الذي يشهد تباطؤاً في النمو وارتفاع معدلات ما بحوزة المصارف من الديون الحكومية، التي تجاوزت 31 بليون دولار، مما يحد من فرص الإقراض التجاري. ولأن أصول القطاع المصرفي تتجاوز إجمالي الناتج المحلي للبنان بكثير، فليس أمام المصارف الرئيسية في لبنان فرص تُذكر لتوسعة أنشطتها سوى الاندماج والنمو الإقليمي وصدور قواعد جديدة تتيح للمصارف المحلية تقديم قروض في الخارج. وقال محلل الائتمان في مؤسسة"ستاندرد إند بورز"، ايمانويل فولاند،"ان أكبر المصارف هي أكثرها ادراكاً للتحديات والاتجاهات خارج لبنان، وأكثرها وعياً بأهمية إدارة المخاطر". وفي الاتفاق الذي أبرم الاثنين الماضي، قال مصرفا"عودة"و"سرادار"انهما يأملان أن يكون الاندماج حافزاً للقطاع. وحض الاثنان السلطات النقدية والمصارف الاخرى على عدم السماح بتخلف المصارف اللبنانية، في الوقت الذي تنهار الحواجز الحدودية في عالم التمويل. ومنذ سنوات، يشجع"مصرف لبنان"المركزي مصارف لبنان، التي يتجاوز عددها الخمسين، على الاندماج لتدعيم مراكزها خصوصاً من خلال شراء مصارف أصغر أو رفع معدلات كفاية رأس المال. إلا أن هذه العملية سارت ببطء حتى الآن، حيث ان آخر محادثات بهدف الاندماج بين"بنك عودة"و"البنك اللبناني الفرنسي"التابع لمجموعة"كريدي اغريكول"الفرنسية توقفت عام 2002. كما أن خلافات في شأن التقييم ساهمت في انهاء محاولة من"البنك اللبناني الفرنسي"لشراء"سرادار"في العام نفسه. ومن أسباب اعاقة الاندماجات رفض الأسر المالكة لبعض المؤسسات المالية التخلي عن الإدارة والسيطرة عليها، وذلك في بلد يُعتبر عدد المصارف فيه كبيراً على حجم الاقتصاد وعدد السكان. وقال محلّل مصرفي في مؤسسة"موديز":"ليس من السهل دمج مصارف في لبنان، لأنه يتعين أن تأخذ في الاعتبار هدف المالك: من سيدير البنك الجديد". ويبدو أن"بلوم"هو أكثر المصارف تأثراً بمجموعة"عودة سرادار"الجديدة، حيث أنه كان أكبر مصارف لبنان من حيث الموجودات حتى صفقة الاثنين الماضي. لكنه لا يزال الأول من حيث الأرباح. غير ان محلّلين يشيرون إلى ان البنك، الذي لم يبد اهتماماً يذكر بشراء مصارف أخرى،"سيظل من أقوى المؤسسات المالية"في لبنان إذا ظل يتابع النمو العضوي. وعلى رغم ان الاندماجات ستؤدي الى تحسين الكفاءة وتقوية المصارف لتصبح قادرة على التنافس في المنطقة، إلا ان المحللين يقولون ان أكبر المخاطر التي تواجهها المصارف تظل ضخامة حجم ما تملكه من الدين الحكومي الذي يعادل 185 في المئة من إجمالي الناتج المحلي.