الفضول وحب التعرّف إلى أوجه الحياة المختلفة هي المعادلة التي تحكم العلاقة بين المراهقين والكومبيوتر وإن كانت تلبس عند الجنسين، أي الذكور والإناث، زياً مختلفاً يتلوّن بحسب الميول الشخصية ليعود ويصب في الخانة ذاتها، وهي التوق للتخلص من رقابة الأهل والراشدين التي تقوى خلال دورة الحياة العادية، غير انها تتضاءل حينما تكون أداة الاكتشاف شاشة كومبيوتر تمكّن المراهق من اختراق حواجز الرقابة كلها. يحمرّ وجه وسيم قعقور 14 عاماً حين يُسأل عما اذا كان يدخل المواقع الإباحية على الانترنت، ويتردد في التأكيد او النفي، فيسارع محمد برو 14 عاماً وأيمن رواس 14 عاماً الى التأكيد على دخولهم هذه المواقع إرضاءً لفضولهم نحو هذا العالم الذي يجذبهم، "من الطبيعي في عمرنا ان يكون لدينا هذا الميل" يقول أيمن ويتابع "لكننا في الوقت ذاته لا نتعدى الحدود". عدم اختراق الحدود لا يمنع ذويهم من توبيخهم حينما يعلمون بفضولهم هذا، "ينتهي التوبيخ بيننا بالضرب"، يقول محمد، من دون ان يؤدي ذلك الى ثنيهم عن المحاولة مرة أخرى. الى جانب ذلك الجلوس أمام الكومبيوتر عند كل من وسيم ومحمد وأيمن يعني الدخول الى موسيقى الراب ومختلف أنواع الموسيقى الأخرى، اضافة الى دخول مواقع فنانين مثل جنيفر لوبيز وشاكيرا، بعدها يبدأ الثلاثة بسرد الفائدة الأساسية للإنترنت وهي تعريفهم إلى مواقع البحث عن معلومات تتطلبها واجباتهم المدرسية. مدة جلوس كل من جوانا أيوب 14 عاماً وتمارا شحادة 13 عاماً وبشارة هاشم 13 عاماً أمام الكومبيوتر يومياً تمتد نحو ثلاث ساعات تتوزّع فيها اهتماماتهم في التنقل بين مواقع mini club وإرسال رسائل SMS وchatting او المحادثة مع الرفاق في المدرسة وسماع الأغاني عبر MB3اضافة الى دخول مواقع فنانين وتتبع آخر أخبارهم واقتناء صورهم. لا تقبل سارة لقاء أشخاص تعرّفت اليهم خلال chat، تنفيذاً لوصايا ذوويها باحتمال ان يكون هؤلاء الأشخاص سيئين يتسببون بمتاعب. ويقتصر تأفف ذويها من جلوسها أمام الكومبيوتر على إشغالها لخط الهاتف عند استعماله لتشغيل خط الانترنت. جلوس لما الحميصي 12 عاماً يومياً أمام الكومبيوتر غالباً يكون بعد الانتهاء من الدرس، لتتنقل خلالها بين مواقع الفنانين أمثال بريتني سبيرز اضافة الى chat مع رفاق المدرسة. يلبي الانترنت عند كل من حسن خاطر 14 عاماً وعبدالله طوشي 14 عاماً ومحمد دياب 14 عاماً متطلبات الابحاث التي يُكلفون بها في المدرسة وغالباً يزورون مواقع google وyahoo لايجاد ما يصبون إليه، أما التسلية على الكومبيوتر فتكون بعد التاسعة ليلاً حيث تنخفض رسوم ايجار خط الانترنت فتتنوع أشكال التسلية بين ارسال رسائل SMS والقيام بchat مع الرفاق. لا ينكر كل من حسن وعبدالله ومحمد دخولهم الى مواقع إباحية "صرنا شايفين كثير" يقول عبدالله، أما موقف ذويه مما يراه فيختصره بوصية والده "بألا يدخل كثيراً الى هذه المواقع" ويبرر ذلك بأن والده طبيب منفتح يتفهم حاجاته وفضوله نحو هذا العالم. موقف والدة آدم الحسيني كان مغايراً تماماً، إذ عمدت الى قص كل شرائط الكومبيوتر كرد فعل على تأخر آدم في علاماته المدرسية، بعد ان كان يمضي نحو خمس ساعات يومياً أمام شاشة الكومبيوتر لتتبع آخر أخبار موسيقى الراب. على حوافي القرصنة ذكرني كلامهم بما أعلنه اتحاد شركات التسجيل الأميركية عن عزمه مقاضاة الأفراد الذين يعرضون مجموعاتهم من الأغاني التجارية المحفظة في ملفات الموسيقى من نوعMP3 للتحميل من خلال مشاركة الملفات عبر الشبكات. وأكد الاتحاد أنه سيتمكن من وضع لائحة بأسماء الأشخاص الذين يعتبرهم مخالفين للقانون، حتى لو حاولوا التخفي وراء أسماء مستعارة. وأفاد محامو الاتحاد المذكور انهم سيرفعون دعاوى ضد أصحاب المجموعات الموسيقية الكبيرة. واعلن مدير الاتحاد كاري شيرمان، انه لا يوجد قانون محدد عن عدد الملفات الموسيقية المعروضة من شخص معين، والتي تكفي لاتهامه بمخالفة القانون! لا تنكر كل من تالا درويش 15 عاماً ونور كعباشي 16 عاماً من التحادث مرات عدة مع اناس غرباء يضعون صورهم على مواقع التعارف، وتبيان قرارهما بالتحادث معهما تبعاً لسعة وقتهم وللسيرة الذاتية ولصور الأشخاص الطالبين التعارف. لم يتعدَ هذا التعارف عبر خطوط الانترنت الى لقاء على أرض الواقع، بحسب كل من تالا ونور والى جانب chat تهتمان ايضاً بتفقد Mail ولسماع الموسيقى والتفتيش عن معلومات لبحوثهما المدرسية المطلوبة. تأفف ذوي كل من تالا ونور يأتي من جلوسهما لفترة قد تمتد الى خمس ساعات أمام الكومبيوتر بينما النصيحة هي بالخروج من المنزل بدل التسمّر امام الكومبيوتر. عند سارة بوخاري 13 عاماً وحسن أياس 14 عاماً الجلوس الكومبيوتر يكون لنحو ثلاث ساعات خلال العطلة الاسبوعية لإكمال واجباتهما المدرسية، هذا اضافة الى chat مع رفاق المدرسة فقط، تجزم سارة بعدم دخولها الى مواقع إباحية او فنية التزاماً بتعليمات دينها لتقول: "أصلي وأصوم ولا أدخل هكذا مواقع"، اما حين تطيل التحادث مع رفاقها عبر chat يضطر أهلها الى نزع كابل الانترنت، وفي كل الاحوال ممنوع عليها الجلوس امام الكومبيوتر ما لم تنهي واجباتها المدرسية. في الضاحية الجنوبية لبيروت حيث الاكثرية الشيعية المحافظة، وحيث ينتشر ايضاً الكثير من الأماكن التي تقدم خدمة الدخول الى شبكة الانترنت فتجد هذه الأماكن تعج على مدار العام بالاطفال والمراهقين الذين تتنوع اهدافهم لدخول هذه الأماكن، ففي الوقت الذي يطلب الاطفال اللعب بالGames مقابل ألف ليرة لبنانية كأجر للساعة الواحدة، يدخل المراهقون بالأجر ذاته الى المواقع التي يريدونها، وإن كان اصحاب هذه الأماكن يؤكدون حرصهم على منع اي دخول للمواقع الإباحية واقتصار الخدمات التي يقدمونها على الألعاب والمعلومات. هذا التأكيد لا يمنع بعض الأهل من الريبة من عالم الكومبيوتر، حيث أطر الرقابة هشّة على حد قولهم، وهذا ما يدفع كلاً من علي أيوب وفيصل حسين من تفقد بناتهما حنان وملاك ونادين بين الحين والآخر حين يطلبن منهم الإذن بدخول احدى هذه الأماكن في حيهم للإتيان بمعلومات مطلوبة منهن في المدرسة. تعبر كل من حنان وملاك ونادين عن استيائهن من هذه الرقابة التي تمنعهن من تلبية فضول بريء نحو فنان معين، و"كأن آباءنا نسوا انهم كانوا يوماً ما في مثل عمرنا، وهم الآن معجبون برقص شاكيرا"، تقول حنان. رقابة أهل كل من حسين ترمس 16 عاماً وعلي حيدر 15 عاماً لم تمنعهما من خداع والديهما على مدى شهرين وايهامهما بأنهما يذهبان الى المدرسة يومياً في حين انهما كانا يقضيان الوقت في احد أماكن الكومبيوتر القريب من المدرسة. يقول علي: "لم أرد إكمال دروسي، وقد أبلغت رغبتي هذه الى أهلي الذين أجبروني على متابعة ارتياد المدرسة، الى ان جاء القرار بطردي بعد تغيبي لمدة شهرين". مواقع عدة كان يدخلها كل من علي وحسين تنوّعت بين مواقع الأغاني وصور الفنانين والمواقع الإباحية، يقر الاثنان بانجذابهما اليومي نحو عالم الكومبيوتر الذي ينقلهما من عالمهما الضيق الى عالم اكثر اتساعاً.