«ارسلي إيميل، مسَجلي، أرسلي مس كول، أشوفك على المسن، لازم يكون في بينا كونتاكت..» وغيرها الكثير من المفردات والمصطلحات التي أصبحنا نرددها في اليوم الواحد عشرات المرات، ليس فقط من باب (البرستيج) الاجتماعي بل لأنها أصبحت تعكس واقعا لحياة الشباب، فالموبايل والMP3 وال MP4 والإنترنت وغيرها الكثير من وسائل التكنولوجيا الحديثة أصبحت عناصر أساسية لا غنى عنها، بل نستطيع القول إن مجرد نسيانها يولد حالة من الإرباك والضياع وعدم القدرة والتركيز لدى البعض، وكم من ساعة يقضيها الشباب بلا توقف أمام شاشات الكمبيوتر، على الماسنجر والألعاب (الجيمز) وفي غرف الدردشة. لمعرفة هذه الأجواء ومدى انعكاسها على محيطنا الاجتماعي، قمنا بجولة بين الشباب متوغلين داخل تفاصيلهم اليومية. خير جليس «النت» أسامة الغامدي (19 سنة) يقول «طبعا وسائل التكنولوجيا الحديثة أصبحت عنصرا أساسيا في حياتنا، خاصة تلك الأجهزة التي تحمل الصفة الشخصية من الخلوي إلى الكمبيوتر المحمول، فأنا لا يمكن أبدا تخيل حياتي من دون وجود الموبايل والإنترنت و الMP3 حتى ألعاب الفيديو التي أقضي أمامها ساعات طويلة مع أصدقائي.. في الماضي كانوا يقولون إن الكتاب خير رفيق، واليوم مع تطور التكنولوجيا أعتقد أن الإنترنت هو الرفيق الأفضل، فأنا أقضي على النت حوالي خمس ساعات يوميا فهو مصدر واسع وشامل للمعلومات حول العالم إلى قرية صغيرة، صحيح أن أوقات جلوسي مع أسرتي قلت تدريجيا، لكنني اليوم أمتلك أصدقاء في مختلف أنحاء العالم أتواصل معهم بشكل مستمر، رغم البحور و القارات التي تفصلنا». أفادني في دراستي مشاري حامد الذي يقضي ما يزيد على ست ساعات خلف الشاشة يتصفح الإنترنت، تحدث قائلا: عالم الإنترنت فتح أمامي أفاقاً واسعة من الأفكار والمعلومات الهائلة التي قد احتاج إلى إضافتها في رسالة الماجستير التي أعدها في التاريخ وبصراحة، مؤكدا أنه قبل توغله في الإنترنت كان معظم وقته يذهب في البحث عن المصادر. ولا يتوقف الأمر لدى مشاري عند هذا الحد بل يمضي أوقاتاً أخرى على جواله يرسل رسائل sms إلى أصدقائه أو إلى القنوات الغنائية الفضائية، فهذه أيضاً وسيلة حديثة وطريفة للتواصل والتسلية على حد تعبيره. قصة غرام خالد أبو الجدايل (19 سنة خريج ثانوي) يرى نفسه مغرما بالإنترنت إلى حد الإدمان، حتى أنه ينسى تناول وجبات الأكل خاصة في الألعاب (الجيمز) من جانب ومن جانب آخر هدفه هو بناء علاقات مختلفة وكسب أكبر عدد من الأصدقاء يومياً، فضلاً عن تحميل أجدد الأفلام والأغاني.. «وأكثر ما يزعجني في الحاسب الآلي هو برمجته أو إصلاحه خاصة عندما يتصيده فيروس عن طريق النت بواسطة أحد الهاكرز الذين أصبح شغلهم الشاغل إلحاق الضرر بجهاز الكمبيوتر فهم بصراحة لا إحساس لديهم وليس هناك رادع إنساني داخلهم، رغم أنه لا فائدة عائدة عليهم من جراء أعمال التخريب تلك». الألعاب الجديدة أما عمر النقلي (14 سنة طالب بالصف الثاني متوسط) فيقول: أكثر ما يستهويني في عالم النت متابعة الألعاب الجديدة فأنا بعد عناء ووقت طويل في المدرسة وواجباتها اليومية أتفرغ للترفيه عن نفسي ومتابعة الجديد في عالم الألعاب من على المواقع المهتمة بهذا الجانب لذلك أجد ضالتي من عالم الترفيه. وأما بالنسبة للإنترنت فقد أتاح لي فرصة التعرف إلى حياة غير مقيدة وأفكار غير تقليدية «أعتقد أنني أمتلك حرية أكبر في التعرف إلى أصدقاء جدد والتعبير عن أفكاري دون خجل أو خوف على النت، في حين لا أمتلك نفس المقدار من الشجاعة للتعرف أو الحديث بشكل مباشر مع المحيطين بي». أجهزة الجوال تكفي بكري إسماعيل (مبرمج ومسؤول في إحدى صالات الإنترنت) يرى أن «أجهزة التكنولوجيا الحديثة من الخلوي إلى الإنترنت كلها أصبحت عناصر أساسية في حياتنا اليومية العملية وانسحبت بالتالي على حياتنا الشخصية.. بالطبع لهذه الأجهزة فوائد وسلبيات أيضا، فهي أجهزة وجدت لفائدة الإنسان ولمساعدته في التواصل بفاعلية أكبر. لكن إذا أساء استخدامها انقلبت ضده. فالهاتف الخلوي اليوم لم يعد مجرد أداة اتصال خاصة مع وجود الكثير من الميزات التكنولوجية الإضافية الحديثة فيه (ألعاب بالاضافة لوجود الكاميرا، وراديو ومشغل موسيقى حتى إمكانية تصفح للانترنت بكل يسر وسهولة). ويضيف بكري: بحكم عملي في هذا المجال منذ ما يقارب خمس سنوات أرى أن الإقبال زاد في الآونة الأخيرة وأصبح الشباب لا يتوانى في قضاء أي وقت فراغ لديه في التصفح على الإنترنت وممارسة الألعاب الجديدة والمشوقة والمسلية من على المواقع المتخصصة في هذا المجال.. ويزداد الإقبال في إجازات الصيف وإجازة نهاية الأسبوع ويوجد بعض الشباب المداومين بشكل شبه يومي. لها تأثير اجتماعي محمد الغالبي (19 سنة خريج ثانوي) يقول لقد دخلت التكنولوجيا الحديثة وملحقاتها بقوة في حياة الصغار والكبار وأوجدت لنفسها مساحات كبيرة في حياتنا وهذه حقيقة لا يستطيع أحد أن ينكرها، نظراً لما تمتلكه من إمكانات لا حدود لها في خلق التواصل عن طريق الكمبيوتر فقط. وعلى الرغم من كون التواصل هو أساس الحياة الاجتماعية للإنسان إلا أنها أوجدت فجوة كبيرة بين المجتمع من ناحية التواصل الحسي والترابط الاجتماعي الملموس مثل الزيارات والاجتماع على سفرة واحدة، فقد فقدت تدريجياً منذ دخول عالم النت وأجهزة الكمبيوتر والتكنولوجيا..فأصبحنا بصراحة نقضي الساعات الطوال مسمرين أمام شاشات الكمبيوتر ومتابعة كل ما هو جديد، وبالنسبة لي فأنا أقضي كل وقت فراغي أمام الجهاز وممارسة الألعاب التكنولوجية الحديثة والدردشة مع أصدقائي (القروب) ونادراً مع أجتمع مع أهلي وأصدقائي إلا في حدود المعقول.