ستشهد الجزائر في الثامن من نيسان ابريل المقبل حدثاً استثنائياً في تاريخها الحديث يتمثل في دخول لويزة حنون معركة الانتخابات الرئاسية مع خمس شخصيات من الجنس "الغليظ". ويتوقع أن تحتل حنون الصف الثالث على الأقل ما يعني أنها لم تشترك في هذا السباق من اجل أن تقوم بدور "الأرنب". لويزة حنون سبقت الرجال كلهم في جمع التواقيع اللازمة لرفع ملف الترشيح الى المجلس الدستوري، حتى يبث في تطابقه مع القوانين المسيرة للاقتراع الرئاسي. وما يحير المراقبين الغربيين للوضع السياسي في الجزائر، أن تخطف لويزة حنون العضوية في البرلمان الجزائري، الذي سبق أن "زينته" جزائريات من قبلها، لكن من طريق التعيين، وليس بفضل أصوات الناخبين. وتزداد حيرة الغربيين حينما يعلمون أن لويزة حنون فازت في الانتخابات البرلمانية عام 1997، بصفتها الناطق الرسمي باسم حزب العمال، ذي النزعة التروتسكية، وحدث هذا كله في سنوات الإرهاب الأعمى. فمن أين جاءت هذه "التروتسكية" التي غزت قلوب الملايين من الجزائريين، ويشار في الصحافة الى أنها "الرجل الوحيد" في البرلمان. ولدت حنون في مدينة عنابة عند انطلاق حرب الجزائر عام 1954، على بعد أمتار فقط من مصنع للحجارة، وسط هموم العمال اليدويين ومعاناتهم، وبمجرد أن وضعت في جيبها شهادة البكالوريا اختارت دراسة الحقوق. وبالموازاة مع ذلك عملت في مطار المدينة، وأسست تجمعاً للنساء، سرعان ما جلب لها مضايقات البوليس السري. عقب ذلك قررت النزوح إلى العاصمة عام 1980، لتنخرط سنة بعد ذلك في المنظمة الاشتراكية للعمال المحظورة، ما كلفها السجن سنة، بقرار من محكمة امن الدولة. ولما أطلق سراحها أعلنت عضويتها في هذا الحزب السري، ثم أسست مع مجموعة من المناضلات الجمعية الوطنية من اجل المساواة بين المرأة والرجل أمام القانون، واختيرت أمينة عامة. وزادت المنازلات السياسية لويزة حنون شعبية، إضافة إلى هجماتها المتكررة على رؤساء الحكومات المتعاقبة، في ظل تطبيقهم برامج اقتصادية تسببت في إغلاق الكثير من المصانع، ما زاد عدد العاطلين من العمل. ولم تكتف لويزة حنون بتنفيذ كلام اليسار التقليدي حول حقوق العمال، فأسست مع حقوقيين احدى الجمعيات الأولى لحقوق الإنسان في الجزائر، وكانت ضد وقف المسار الانتخابي عام 1992، وظلت على امتداد عشرية الدم والجنون تطالب بإيجاد حل سلمي للحرب المستمرة بين النظام والإسلاميين المسلحين، ما حمل شخصيات إسلامية مثل علي بلحاج، الرجل الثاني في الجبهة الإسلامية للإنقاذ المنحلة، إلى توجيه الشكر لها على مواقفها. لكن علي بلحاج وغيره سرعان ما يديرون ظهورهم لخطاباتها التي تطلق فيها النار على من يصرون على القول ان تصويت المرأة في الانتخابات ليس أمراً حيوياً.