تسير الأمينة العامة ل»حزب العمال» لويزة حنون نحو خلافة نفسها على رأس حزبها التروتسكي اليساري الذي أسسته قبل عشرين سنة. ولا يتوقع ألف مشارك في المؤتمر السادس للحزب أي تغييرات على رأس القيادة بقدر ما يترقبون موقف حنون من استمرار تحالفها مع حزب رئيس الحكومة وما إذا كانت ستدخل الانتخابات التشريعية 2012 وفق التحالف نفسه. ودعت حنون إلى مؤتمرها السادس، الذي بدأ مساء الجمعة ويستمر إلى مساء اليوم، شخصيات سياسية في المعارضة والحكومة، ما يؤكد توجهها نحو رهان بدأته قبل خمس سنوات على قاعدة «مسك العصا من الوسط» مع الثبات على مواقف الدفاع عن الطبقات العمالية وفئات الشغيلة. ولبى عبدالعزيز بلخادم دعوة القيادية اليسارية على رغم «تنافر» حزبيهما وتفضيل زعيمة العماليين التحالف مع حزب أويحيى، وما تبع ذلك من «ملاسنات» بين الحزبين، إلا ان أويحيى غاب عن الافتتاح وأرسل من ينوب عنه ممثلاً في القيادي شهاب صديق. ويعتقد مراقبون أن لا مصلحة لبلخادم ولا أويحيى كسب خصومة مع حنون، التي قد يقلب التحالف معها الطاولة على الجميع، كما كاد يفعل تحالفها مع أويحيى في كانون الثاني (ديسمبر) الماضي أثناء تجديد العضوية في مجلس الأمة وفقاً لإنتخابات تعتمد على أصوات ما يعرف ب «كبار الناخبين»، ولذلك بات ينظر للزعيمة العمالية ك»رهان اللحظات الأخيرة». وتحمل هذه التحالفات مؤشرات قوية على تغيير محتمل في الخريطة السياسية. وبوجود حنون، التي تخلف نفسها على رأس الحزب برأي الغالبية الساحقة، يعتقد بعض السياسيين أنهم يقدرون على «النجاة» في حال نهاية دور التحالف الرئاسي، أو بروز حزب جديد يملك من القوة حتى قبل ولادته ما يمكنه من اكتساح كل الاستحقاقات المنتظرة خصوصاً انتخابات البرلمان والانتخابات المحلية 2012، مثل «حزب شقيق الرئيس»، السعيد بوتفليقة، الذي يعتبر في الممارسة ثاني رجل في الدولة بحكم نفوذه القوي في الكثير من المؤسسات والهيئات. وطفا خلاف حنون مع الزعيم الإخواني أبو جرة سلطاني، الذي يرأس حركة مجتمع السلم المشارك في التحالف الرئاسي، على أعمال افتتاح المؤتمر، لذلك تغيب هو وكثير من الوجوه المحسوبة عليه في مجتمع السلم. وثار جدال عنيف بين الشخصيتين بسبب دعوة حنون لإلغاء عقوبة الإعدام، فرد عليها سلطاني بأن «تتوب إلى الله»، فما كان منها إلا أن نعتته ب»المنافق السياسي». اللافت أن دور حنون لم يكن بارزاً لدى «أحزاب السلطة»، لكنها اليوم تتودد الى العمال عسى ان تكسب في صفها قيادية لا تكل عن الحديث عن مشاكل فئات الشغيلة ولا تهاب «السباب السياسي» أو المواجهات الساخنة. وفي انتخابات مجلس الأمة برزت حنون شخصية سياسية محورية بحكم ما شهدته تلك الإنتخابات من تحالفات غير متوقعة بين أحزاب وكيانات لا توجد بينها قواسم سياسية ولا أيديولوجية، وعقد حزب رئيس الحكومة صفقة مع اليسار التروتسكي الذي تقوده لويزة حنون. وتسبب ذلك في غضب شريكي أويحيى في التحالف الرئاسي على أساس أن التنسيق في المواعيد الانتخابية يتم داخل التكتل الحزبي الثلاثي، بحسب النصوص التي قام على أساسها. واستغرب مراقبون ما اعتبروه حلفاً هجيناً بين حنون وأويحيى. فقد دأبت الأولى على انتقاد كل قرارات الحكومة بدعوى أنها في غير صالح العمال وبخدمة مصالح أجنبية عن طريق بيع المؤسسات العمومية بأبخس الأثمان. وستظل حنون أمنية عامة لحزبها لدورة أخرى، وستكون حليفة لأويحيى في اتجاه الإنتخابات التشريعية على ما أشارت إليه في بداية المؤتمر. وما تريد حنون تغييره بعض وجوه أمانة الحزب، برحيل قيادات وتعويضها بأخرى إضافة على رفع عدد أعضاء اللجنة المركزية. فالنقاشات بين مندوبي المؤتمر تشير إلى تزكية لا تحتمل الشك لحنون على رأس الحزب لدورة أخرى، في ظل غياب منافسين لها. وناقش المؤتمرون أمس ملفات تتصل بالقطاعات الاجتماعية والاقتصادية، على رأسها مشاكل طبقة الشغيلة والخصخصة والاستثمار وظاهرة الفساد وسبل مكافحتها.