اعترف وزير الدفاع الأميركي دونالد رامسفيلد بأن قوات الاحتلال في العراق عاجزة عن ضمان حماية المواطنين في شكل كامل من مجازر كتلك التي حصلت في كربلاء وبغداد، في حين شدد قائد القوات الأميركية الجنرال جون ابي زيد على أن الأردني"أبا مصعب الزرقاوي"الذي يتهمه"التحالف"بتدبير الهجمات"ما زال في العراق". وأعلن اعتقال اثنين من كبار مساعديه، لكن الحاكم المدني بول بريمر توقع"مشكلات أمنية خطيرة"بعد نقل السلطة في 30 حزيران يونيو، مؤكداً أن سلطة"التحالف"ستتحول آنذاك إلى"سفارات"، وأن الزرقاوي جنّد يمنيين وسودانيين وأفغاناً وسعوديين وسوريين لتنفيذ عمليات انتحارية. أعلن الوزير دونالد رامسفيلد أنه لا يمكن القوات الأميركية أو قوات الأمن العراقية الناشئة حماية العراقيين في شكل كامل من"الهجمات المدمرة"مثل تلك التي شهدتها كربلاء وبغداد. وقال قائد القوات الأميركية في العراق إن الأردني"أبا مصعب الزرقاوي"، الذي يشتبه في أنه أحد ناشطي"القاعدة"ويعتقد بأنه يقف وراء تلك الهجمات، ما زال في البلاد، وان القوات التي تقودها الولاياتالمتحدة شنت حملة لضبطه. وأدلى رامسفيلد وأبو زيد بهذه التصريحات في وقت متقدم ليل الخميس، وسط انتقادات متزايدة من مجلس الحكم بعدم بذل قوات الاحتلال جهوداً كافية لضمان الأمن، بعد التفجيرات التي أدت إلى قتل ما لا يقل عن 181 شخصاً في كربلاء وبغداد. وقال رامسفيلد في البنتاغون:"لا يمكن أحداً، سواء قوة أمن عراقية أو قوة أمن أميركية أو قوة أمن لقوات التحالف، أن يدافع في كل مكان ضد كل تقنية يمكن تصورها في كل وقت من النهار أو الليل". وكان محمد بحر العلوم، الرئيس الحالي لمجلس الحكم، لام قوات"التحالف"في عدم توفير حماية كافية، في حين شدد أبو زيد على أن الزرقاوي موجود في العراق. وتابع في تصريحات بثها برنامج في التلفزيون الأميركي:"اعتقد أن التهديد الذي يمثله للسلام والاستقرار في العراق، لا بد أن يثير قلق السلطات العراقية والأميركية". وذكر أن السلطات الأميركية توافرت لديها مؤشرات إلى أن هجوماً سيقع، واتخذت احتياطات قبل المجزرتين، لكنه أشار إلى استحالة حماية العراقيين في شكل كامل من التعرض لهجمات من هذا النوع. وشدد على أن القوات التي تقودها الولاياتالمتحدة تتعقب الزرقاوي، و"اكتشفت بعضاً من العمل الذي يقوم به". وأعلن ضبط"بعض معاونيه واعتقال اثنين من أبرزهم". وكان بريمر أعلن الأربعاء أن واشنطن ستنفق 60 مليون دولار لتعزيز الأمن على الحدود العراقية، وستستخدم مئات أخرى من المركبات وأفراد الأمن العراقيين لتعزيز الأمن. ونبه جنرال أميركي في بغداد إلى أن الأجانب"يشكلون أكبر تهديد في ما يتعلق بتطور الهجمات، لكن معظم من يقاتلون الاحتلال عراقيون". "عناصر دخيلة" وفي حديث إلى التلفزيون العراقي، اتهم بريمر ليل الأربعاء - الخميس الزرقاوي بتوظيف"عناصر دخيلة"من خارج العراق، بهدف"اشعال حرب طائفية"في البلد. وزاد أن الأخير"اتبع منذ ستة شهور اسلوب توظيف عناصر دخيلة من خارج العراق، من يمنيين وسودانيين وأفغان وسعوديين وسوريين لتنفيذ"هجمات مثل تلك التي استهدفت مواكب للشيعة في بغداد وكربلاء. واستدرك:"الأكيد تقريباً أن من نفذوا هذه الهجمات هم عناصر من مجموعة الزرقاوي، والإرهابيون كما اعترفوا يسعون إلى قتل عدد كبير من الشيعة سعياً إلى اشعال حرب طائفية مع السنّة". وأشار بريمر إلى أن العراقيين"يدركون أن هذه الهجمات لا يمكن أن تصدر عن مواطنيهم"، لافتاً إلى أن"الزعماء الشيعة والسنّة دانوا هذه الهجمات واتهموا الزرقاوي بالسعي إلى اشعال حرب طائفية، وأكدوا أن العراقيين، شيعة وسنّة، يريدون عراقاً موحداً". ورداً على تصريحات عدد من رجال الدين العراقيين الذين حمّلوا"التحالف"مسؤولية الهجمات، بسبب"تقصيره"في ضمان الأمن، قال بريمر إن"قوات التحالف امتنعت عمداً عن الدخول أو التقرب من الأضرحة بناء على طلب المرجعيات"في الكاظمية وبغداد وكربلاء. وأضاف:"نريد أن نحترم الوعد الذي قطعناه للمرجعيات الدينية بألا تتدخل قوات من سلطة الائتلاف في شكل مباشر في مسألة حفظ الأمن في هذه الأماكن، وسحبنا بناء على طلبهم قواتنا إلى مسافة بعيدة عن تلك الأماكن المقدسة. كنا حريصين على احترام حرمة المدن المقدسة، خصوصاً كربلاء والنجف والكاظمية، ومسؤولية حفظ الأمن هناك ينبغي أن تقع على عاتق العراقيين". ... بعد نقل السلطة إلى ذلك، أعلن بريمر أن سلطة"التحالف"ستتحول بعد تسليم السلطة إلى العراقيين إلى"سفارات"تستأنف من خلالها دول الائتلاف الذي خاض الحرب على العراق، علاقاتها الديبلوماسية الطبيعية مع هذا البلد. وقال رداً على سؤال للتلفزيون العراقي إن"الائتلاف كسلطة أمثلها أنا لن تكون هنا"بعد نقل السيادة في 30 حزيران. وزاد:"سنسلم السلطة إلى حكومة عراقية ستقيم علاقات ديبلوماسية مع حكومات دول الائتلاف، وستتحول سلطة الائتلاف إلى سفارة كبيرة جداً للولايات المتحدة، وسفارات لبريطانيا واستراليا وايطاليا واسبانيا. بكلمة أخرى، ستستأنف حكومات دول الائتلاف علاقاتها الديبلوماسية الطبيعية مع العراق، والحوار بين هذه الأطراف سيكون بعد الحكومة العراقية المنبثقة بعد 30 حزيران وبين هذه السفارات". وتوقع أن يتسم"الوضع في 30 حزيران بولادة حكومة ذات سيادة واستمرار مشاكل أمنية خطيرة، تفتعلها عناصر استخبارات وفدائيون تابعون لنظام صدام المنهار، ومجرمو حزب البعث، ولن تكون قوات الأمن العراقية مهيأة للتصدي لهذه التهديدات". وتابع ان"الحكومة التي ستتسلم السلطة هي إحدى المسائل التي ناقشناها مع مجلس الحكم، وهناك فرصة حقيقية لتوسيع القاعدة السياسية للحكومة الانتقالية. إن مناقشات واسعة ستجرى في المجالس المحلية والبلدية وفي مجلس الحكم ونقابات المحامين واتحادات النساء، حول هذه الحكومة التي لن تبقى في السلطة سوى ستة شهور". وسئل عما سيفعله بعد نقل السلطة إلى العراقيين، فأجاب:"سأذهب إلى بيتي وعائلتي التي انفصلت عنها منذ عشرة شهور، وآخذ قسطاً من النوم الذي لم أنل منه ما يكفي خلال هذه الفترة". وإذ كرر أبو زيد أمام لجنة القوات المسلحة في مجلس الشيوخ الأميركي أن الهجمات التي استهدفت كربلاء وبغداد، كان هدفها إثارة فتنة وحرب أهلية بين الشيعة والسنّة، أكد أن نقل السلطة إلى العراقيين"أمر بالغ الأهمية"لنجاح التدخل العسكري الأميركي في العراق، لأن القوات الأميركية"تعتبر الآن قوات احتلال". وكشف ان قانون إدارة الدولة ينص على أن يستمر قائد القوة المتعددة الجنسية في"الاشراف على قوات التحالف والقوات العراقية لفترة ستحدد"لاحقاً، موضحاً ان هذا القائد هو الذي يتخذ قرارات نشر القوات الأميركية في العراق لعمليات حربية، وليس الحكومة العراقية. وذكر أبو زيد أن الشرطة ستتبع وزارة الداخلية، فيما يتبع الجيش وزارة الدفاع الجديدة، لكنهما سيكونان مرتبطين بقائد قوات"التحالف". وتوقع تصاعد عمليات العنف لعرقلة نقل السلطة إلى العراقيين واجراء انتخابات.