سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
الرئيس المصري يجدد تحذيره من "زوبعة عنف وفوضى" في "الشرق الأوسط الكبير". غروسمان : للأطلسي دور أمني لتسهيل الاصلاح مبارك : فرض مبادرة من الخارج يكرر مأساة الجزائر
اعتبر نائب وزير الخارجية الاميركي للشؤون السياسية مارك غروسمان ان مشروع "الشرق الاوسط الكبير" الاميركي ليس "بديلاً" من عملية السلام الاسرائيلية - الفلسطينية، مؤكداً ان لحلف الاطلسي دوراً أمنياً لتسهيل عملية الاصلاح في الشرق الأوسط. وفيما شدد رئيس الحكومة الايطالية سيلفيو برلوسكوني، في ختام لقائه الرئيس المصري حسني مبارك في روما، على ضرورة الاشراك المباشر للبلدان العربية المعنية في المشروع الاميركي، حذر مبارك من "مأساة" على الطريقة الجزائرية اذا فرض المشروع، ومن "زوبعة عنف وفوضى تدفعنا الى الغرق". أكد نائب وزير الخارجية الأميركي ان مشروع "الشرق الاوسط الكبير" ليس "بديلاً" من عملية السلام الاسرائيلية - الفلسطينية. وقال في مؤتمر صحافي بعد اجتماعه بسفراء الدول الاعضاء في الحلف الاطلسي في بروكسيل: "ليس بديلاً، لكنه ليس عذراً لعدم فعل أي شيء في المقابل". وتابع رداً على سؤال ل"الحياة": "أكرر انه يجب ألا يعتقد أحد بأن فكرتنا في دعم الاصلاحات في الشرق الاوسط ستكون بديلاً بأي طريقة من اهتمامنا بعملية السلام في الشرق الاوسط". لكنه أضاف: "العكس صحيح ايضاً ... اي، لا يمكن انتظار احلال سلام شامل لتشجيع الاصلاح" في المنطقة. وكان غروسمان عقد اجتماعاً أمس مع منسق السياسة الخارجية للاتحاد الأوروبي خافيير سولانا وأعضاء اللجنة السياسية والأمنية في الاتحاد، ركز على نتائج المشاورات التي أجراها الطرفان مع الدول العربية. ويواصل غروسمان جولة شملت المغرب والشرق الاوسط، شرح خلالها مبادرة "الشرق الاوسط الكبير" التي ترمي الى تشجيع الاصلاحات الديموقراطية والانفتاح الاقتصادي واصلاح التعليم وتشجيع دور المرأة في العالم العربي ودول اسلامية اخرى. وقال غروسمان: "لمست في الشرق الاوسط اهتماماً كبيراً ونقاشاً واسعاً حول فكرة الاصلاح"، مشدداً على ان "افضل الأفكار سيأتي من دول في المنطقة". وتابع ان "الامر لا يتعلق بسعي من الولاياتالمتحدة او اوروبا لفرض الاصلاح على الناس"، لافتاً الى ان "دول المنطقة مختلفة ... ويمكن ان تتبع كل منها وتيرة مختلفة لتطبيق الاصلاحات مناسبة لها ولمجتمعاتها". وأعلن انه "استفاد في شكل كبير" اثناء جولته من الافكار التي صاغتها في هذا الشأن باريس وبرلين وروما وغيرها، وأضاف: "لسنا وحدنا الراغبين في دعم عملية الاصلاح في الشرق الاوسط"، مشيراً الى "انها في ذهن كل الناس. ووجود كل هذه المشاريع المختلفة تقدم كبير" ينبغي ان يتعزز خلال ثلاث قمم متوقعة في حزيران يونيو المقبل مجموعة الثماني والولاياتالمتحدة-الاتحاد الأوروبي والحلف الاطلسي. واعتبر غروسمان ان لحلف الاطلسي دوراً يلعبه في الاصلاح في الشرق الأوسط، وشدد على ان الحلف "يمكن ان يشكل العنصر الأساسي للأمن يسهل تنفيذ الاصلاحات". وقال ان الولاياتالمتحدة "تتطلع الى يوم يتعاون فيه الحلف مع الدول المجاورة في مجالات الاغاثة من الكوارث الطبيعية ودعم مكافحة التجارة غير المشروعة للمخدرات والأسلحة، وسيشارك الحلف في هذا النقاش المتعلق بتغيير الشرق الاوسط"، ولو كان ينبغي تحديد هذا الدور. واستدرك: "لا اقول ان هناك تفاهماً حول ذلك، لكن النقاش انطلق". وشدد على "المضي قدماً في تشجيع الاصلاحات السياسية والاقتصادية والتعليم"، وقال: "سنحقق نجاحاً افضل طالما كان الامن سائداً". واقترح توسيع الحوار مع اسرائيل ومصر والاردن والجزائر وتونس والمغرب وموريتانيا، مشيراً الى انه يمكن هذه الدول، بعد تقديم تدريب عسكري لقواتها، ان تساهم بسفن في الأسطول الذي يسيّر دوريات في البحر الأبيض المتوسط. ونأت فرنسا والمانيا عن المشروع الأميركي، وطلبتا من الاتحاد الأوروبي تحديد نهج "منفصل ومكمل لنهج الولاياتالمتحدة". وشددتا طبقاً للاستراتيجية الأمنية للاتحاد التي اعتمدت في كانون الاول ديسمبر الماضي، على ضرورة ايجاد حل للصراع الاسرائيلي - الفلسطيني، والذي من دونه "ستكون الفرص ضئيلة لحل مشاكل اخرى في الشرق الاوسط". وشدد برلوسكوني، في ختام لقائه مبارك في روما مساء أول من أمس، على ضرورة الاشراك المباشر للبلدان العربية المعنية، في المشروع الاميركي. واشار في بيان الى اهمية السير في عملية الاصلاحات لتحديث بلدان "الشرق الاوسط الكبير" وتطويرها. واعتبر ان "هذه العملية ستعطي اهمية للمبادرات التي وعد بها الاتحاد الاوروبي كالشراكة الاوروبية - المتوسطية"، مشيراً الى انه اتفق مع الرئيس المصري على ان "أي تطور في هذا المجال يجب ان يشمل مباشرة البلدان المعنية باعدادها". وأكد "اهمية دور مصر في البحث عن حل للنزاع العربي - الاسرائيلي"، مشيراً أيضاً الى "انعاش الاقتصاد الفلسطيني". "المأساة" الى ذلك، حذر الرئيس المصري من ان مشروع "الشرق الاوسط الكبير" قد يتسبب في "زوبعة من العنف والفوضى" تذكّر ب"المأساة الجزائرية" اذا فرض على الدول العربية، كما حذر من تهميش الصراع العربي - الاسرائيلي. وكشف في مقابلة مع صحيفة "لا ريبوبليكا" الايطالية انه سيطالب الرئيس جورج بوش خلال لقائهما في مزرعة الأخير بتكساس في الثاني من الشهر المقبل ب"توضيحات للمبادرة" التي قال أنه لا يمتلك أي تفاصيل عنها. واضاف: "سأطلب منه توضيح محتوى هذه الاصلاحات التي لا تزال غامضة وسأشرح له ان هذه المبادرة محكومة بالفشل من دون مشاركتنا. أشعر بشيء غريب في الجو، فكيف تفرض تسوية واحدة جاهزة على منطقة بأسرها تمتد من موريتانيا الى باكستان"؟ ونبه الى ضرورة "درس" مشروع الاصلاحات الاميركي لتفادي "زوبعة من العنف والفوضى التي ستقضي علينا نحن وجيراننا"، رافضاً التلميحات إلى ان الخطوات التي بوشر بها في طريق الإصلاحات جاءت بفعل ضغوط خارجية. وزاد: "لن أقبل دروساً من أحد، فجهودنا من أجل الإصلاح بدأت في وقت مبكر قياساً إلى أحداث الحادي عشر من أيلول سبتمبر والاصلاحات ننجزها بأنفسنا". وحذّر مبارك من أخطار التسرّع في فرض الإصلاحات على الدول العربية، وقال: "نحن بحاجة إلى الوقت واحترام التقاليد والثقافة التي تتغيّر بالتدريج"، وأشار الى تجربة الانتخابات الجزائرية عام 1991 التي فازت فيها الجبهة الإسلامية للإنقاذ بالغالبية، وقال: "الحرية واحلال الديموقراطية بسرعة قد يكون لهما تأثير الهزة في بلد ما". وتساءل: "ماذا يحدث لو ان غالبية من المتطرفين فازت في البرلمان؟ المأساة الجزائرية مستمرة منذ 12 سنة ... ولن ندع الخارج يفرض علينا صيغاً تدفعنا الى الغرق والفوضى. نعرف بلادنا اكثر من أي كان". وأكد ان الصراع العربي - الاسرائيلي هو "لب مشاكل المنطقة ويجب الا يهمش"، لافتاً الى أن "تطبيق الاصلاحات وتجاهل القضية الفلسطينية، وهي لب كل شيء، لن يسفر عن الاستقرار المنشود سواء رضيتم ام ابيتم".