بعد ان هدأت المحركات العملاقة الصاخبة نحو أربعة اشهر، تبدأ اليوم عملية الاحماء من خلال التجارب الحرة التي تجرى على حلبة ملبورن الاسترالية التي تستضيف، كعادتها، أولى جولات بطولة العالم لسباقات فورمولا واحد. وأرتفع عدد جولات هذا العام الى 18 بعد إنضمام حلبتي البحرين وشنغهاي الصينية، وسيكون السائق الالماني ميكايل شوماخر، حامل اللقب، وسيارته من طراز فيراري صاحبي الحظ الأوفر للاحتفاظ بلقبيهما. لكن... وعلى رغم الترشيحات التي تصب في مصلحة "شومي الكبير"، فإن من الصعب جداً تأكيد امكانية احتفاظه باللقب لأسباب عدة في مقدمها ان هذه الرياضة عموماً لا تعترف أصلاً بالتكهنات، خصوصاً في ظل التعديلات الجديدة وتحديداً "حكاية" استخدام محرك واحد منذ التجارب الحرة يوم الجمعة الى نهاية السباق الرسمي الأحد. وقد قدر لبطولة العالم للسائقين ان تبلغ قمة الاثارة وتشد اهتماماً كبيراً حتى من أولئك الذين لا تعني هذه الرياضة لهم شيئاً كبيراً، بفضل المنافسات التي حفلت بها دائماً، فالرياضة من دون تنافس على الألقاب لا معنى لها على الاطلاق... ومعرفة هوية الفائز سلفاً ليست من الرياضة في شيء وهذا ما لا ينطبق ابداً على هذا النوع من السباقات التي تتغير نتائجها من لحظة الى اخرى. والواقع ان رياضة سيارات فورمولا واحد من أعقد الرياضات في العالم الحديث وأصعبها وانجحها واكثرها سرية، لأنها تمثل عالماً قائماً بذاته فيه انفاق كثير وارباح اكثر. كل شيء مبرمج وعلى أعلى المستويات، فهي عملية تجارية مربحة اتخذت من هوس عدد كبير من البشر بعنصري السرعة والاثارة طريقاً لنجاحها... ووراء كل ذلك فرق لا عد لها ولا حصر ان على صعيد النوعية او الكمية. لكن المهم في كل هذا يتمثل في الواجهة، وهذه الواجهة ما هي إلا مجموعة مغامرين يتمتعون بأعصاب حديد يطلق عليهم لقب السائقين، يضعون رؤوسهم على أكفهم خصوصاً مع ازدياد معدلات السرعة التي تفوق أحياناً ال300 كلم/ ساعة بفعل التقنيات المتقدمة التي هي نتاج لجهد دؤوب يمتد 24 ساعة من 24 و365 يوماً من 365. لكن الشهرة والمال يمثلان عندهم الهدف الاهم باعتبار ان "الاعمار بيد الله". وهؤلاء المغامرون هم بدورهم عالم آخر، يبيعون المخاطرة بأثمان غالية، والنخبة منهم أمثال "شومي الكبير"، والفنلندي كيمي رايكونن ماكلارين مرسيدس، والاسكتلندي ديفيد كولثارد ماكلارين مرسيدس، والبرازيلي روبنز باريكيللو فيراري، والكولومبي خوان بابلو مونتويا وليامس... هم الأوفر ربحاً في عالم الرياضة. وعالم سيارات فورمولا واحد يتألف من ثلاثة عناصر رئيسة: الصانع والممول والسائق... وهم يشكلون فريق عمل مشتركاً في عالم أعمال ورياضة صعب ومعقد يصعب الاحاطة به من كل جوانبه. وربما يكون الحديث عن السائق بالذات هو الأسهل، لأن مثل هذا الامر يقتصر على النواحي الرياضية بكل ما فيها من مهارة وبراعة في فنون القيادة، وعلى مهماتهم التي من بينها اطلاعهم شخصياً ومشاركتهم في اختبار المحركات والاطارات والهيكل والمكابح ودرجة الانسيابية ومقاومة السيارة للهواء. وأبرز الفرق التي تنافست على اللقب العالمي الموسم الفائت كما في المواسم الأخيرة لجهة لقبي السائقين والصانعين هي فيراري وماكلارين ووليامس بي أم دبليو ورينو.