بعد ان هدأت المحركات العملاقة الصاخبة لنحو اربعة اشهر، تنطلق اليوم جائزة استراليا الكبرى في ملبورن، المرحلة الاولى من بطولة العالم لسباقات سيارات الفورمولا واحد للعام 2001، وسيكون السائق الالماني مايكل شوماخر، حامل اللقب، وسيارته من طراز فيراري اول المنطلقين في هذا السباق. وعلى رغم الترشيحات التي تصب في مصلحة "شومي الكبير"، فإنه من الصعب جداً تأكيد امكانية احتفاظه باللقب لأسباب عدة في مقدمها ان هذه الرياضة عموماً، لا تعترف ابداً بالتكهنات. وقد قدر لبطولة العالم للسائقين ان تبلغ قمة الاثارة وتشد اهتماماً كبيراً حتى من أولئك الذين لا تعني هذه الرياضة لهم شيئاً كبيراً، بفضل المنافسات التي حفلت بها دائماً، فالرياضة من دون تنافس على الألقاب لا معنى لها على الاطلاق... ومعرفة هوية الفائز سلفاً ليست من الرياضة في شيء وهذا ما لا ينطبق ابداً على هذا النوع من السباقات التي تتغير نتائجها من لحظة الى أخرى. ورياضة سيارات فورمولا واحد من اعقد الرياضات الحديثة وأصعبها وأنجحها وأكثرها سرية، لأنها تمثل عالماً قائماً بذاته فيه إنفاق كثير وأرباح اكثر. كل شيء مبرمج وعلى أعلى المستويات، فهي عملية تجارية مربحة اتخذت من هوس عدد كبير من البشر بعنصري السرعة والاثارة طريقاً لنجاحها... ووراء كل ذلك فرق لا عدّ لها ولا حصر إن على صعيد النوعية او الكمية. لكن المهم هو الواجهة، أي مجموعة السائقين المغامرين الذين يتمتعون بأعصاب حديد، ويضعون رؤوسهم بين أكفهم وارجلهم خصوصاً مع ازدياد معدلات السرعة التي تفوق أحياناً ال300 كلم/ ساعة بفعل التقنيات المتقدمة التي هي نتاج جهد دؤوب يمتد الى 24 ساعة من 24 والى 365 يوماً من 365. لكن الشهرة والمال يمثلان عندهم الهدف الاهم على اعتبار ان "الاعمار بيد الله". وهؤلاء المغامرون هم بدورهم عالم آخر، يبيعون المخاطرة بأثمان غالية، والنخبة منهم أمثال "شومي الكبير"، والفنلندي ميكا هاكينن ماكلارين مرسيدس، والاسكتلندي ديفيد كولثارد ماكلارين مرسيدس، والبرازيلي روبنز باريكيللو فيراري، والكندي جاك فيلنوف بار هوندا... هم الأوفر ربحاً في عالم الرياضة. وأبرز الفرق التي تنافست على اللقب العالمي الموسم الفائت كما في المواسم الأخيرة لجهة لقبي السائقين والصانعين هي: فيراري وماكلارين وبار هوندا ووليامس بي أم دبليو وبنيتون سوبرتك. واشتدت المنافسة في الموسم الماضي بين شوماخر وهاكينن، بيد أن الاول حسم اللقب في الجولة قبل الأخيرة بفوزه بجائزة اليابان الكبرى، وحقق حلماً راوده شخصياً 5 سنوات ورواد شركة فيراري منذ عام 1979. وعلى رغم مرور نحو اربعة اشهر على انجاز فيراري، بيد ان شوارع مدينة مارانيللو الايطالية، معقل الفريق، لا تزال مزينة بالاعلام الحمراء ذات الجواد الجامح الذي يمثل شعار سيارات "فيراري". ويؤكد اهالي المدينة من عشاق هذه الرياضة او من غيرهم ان هذه الاعلام ستظل خفاقة ايضاً هذا الموسم لأن الثنائي شوماخر وباريكيلو هما الافضل حالياً في عالم هذا النوع من السباقات المثيرة. المحركات العملاقة ستعود اليوم الى الدوران، واحلام كل الفرق بلقب غال جداً تتعاظم مع دورانها... لكن المهم ان يبقى "الصراع" نظيفاً وان لا تصل المنافسات الى حد التهور كما حصل عام 1988 بين الفرنسي ألن بروست والبرازيلي ايرتون سينا فأودت بحياة الثاني وهو في عز شبابه وأمجاده.