بدا رئيس الوزراء الاسرائيلي أرييل شارون متشبثا ب"طوق نجاة" قد يوفره له سيد البيت الابيض الاميركي وفريق عمله خلال زيارته المرتقبة وغير المحددة الموعد بعد، من خلال موافقة الادارة الاميركية على خطته ل"الانفصال" عن الفلسطينيين على رغم سيل الفضائح والمشكلات الداخلية التي هزت صورته وثقة الاسرائيليين به. وتمثل ذلك بالاستعدادات والتحضيرات الهادفة الى "ترتيب اوراق" خطته المذكورة لعرضها بدايةً على مبعوثي واشنطن المتوقع وصولهم الى المنطقة الاسبوع المقبل، علاوة على ما درج عليه شارون في مثل هذه المناسبات من خطوات دعائية محسوبة بالاعلان عن نية حكومته اخلاء تسع بؤر استيطانية جديدة من اصل اكثر من 200 اقيمت في الضفة الفلسطينية منذ العام 2001 تلبيةً لمطلب اميركي طال امده باخلاء كل هذه البؤر في اطار استحقاقات خطة "خريطة الطريق" الدولية. وقال ناطق باسم مكتب شارون امس ان تسعة مواقع استيطانية نائية اقيمت بدون موافقة الحكومة تواجه الازالة "في اي وقت" بعد ان فشل المستوطنون في ايقاف امر الطرد. في أول خطوة "عملية" تعقب اعلانات ارييل شارون وتصريحاته المتكررة في شأن نيته اخلاء المستوطنات اليهودية المقامة في قطاع غزة، اجتمع عدد من الخبراء الاسرائيليين في مجالات الاراضي والبناء والاسكان في مقر مجلس الامن القومي الاسرائيلي للبحث في خطط اخلاء نحو 7000 مستوطن واماكن السكن البديلة وذلك عشية وصول ثلاثة ديبلوماسيين اميركيين قررت واشنطن ارسالهم للاطلاع على مزيد من التفاصيل في شأن خطة "فك الارتباط" الشارونية وابعادها وانعكاساتها الفعلية على الفلسطينيين وارضهم. وذكرت مصادر صحافية اسرائيلية ان من بين المجتمعين المحامي جدعون فيتكون الذي شارك في اقامة المستوطنات في قطاع غزة واخلاء مستوطنة "يميت" اليهودية التي اقيمت على ارض صحراء سيناء المصرية في اطار معاهدة السلام التي ابرمتها مصر في عهد الرئيس المصري الراحل انور السادات وحكومة "ليكود" حينذاك برئاسة مناحيم بيغن. وتأتي هذه الاجتماعات في ما يبدو على وقع الضغوط التي تمارسها ادارة الرئيس الاميركي جورج بوش على شارون لحمله على طرح خطته بكل تفاصيلها وحيثياتها قبل ان تبت واشنطن امر موافقتها او عدم موافقتها المبدئية عليها. ويصل الى تل ابيب الاسبوع المقبل كل من مساعد وزير الخارجية الاميركي وليام بيرنز ونائب مستشارة بوش لشؤون الامن القومي ستيف هادلي اضافة الى رئيس دائرة الشرق الاوسط في ذلك المجلس اليوت ابرامز لمتابعة هذه القضية قبل توجه شارون الى واشنطن نهاية الشهر الجاري بحسب المصادر الاسرائيلية. ولم يحدد الجانب الاميركي الموعد النهائي لهذه الزيارة حتى الان. واشارت تقارير اسرائيلية الى الوفد الاسرائيلي الذي زار واشنطن لهذا الغرض الاسبوع الماضي برئاسة مدير مكتب شارون المحامي دوف فايسغلاس، قائلة ان الادارة الاميركية، خصوصاً مستشارة الامن القومي الاميركي كوندوليزا رايس ومعاونيها ابدوا "اهتماما" بخطة شارون وطرحوا اسئلة كثيرة عن مضمونها وتفاصيلها وتأثيراتها الفعلية على حياة الفلسطينيين وسبل اعطاء الاوروبيين دورا فاعلا في مجال تحسين الاوضاع الاقتصادية للفلسطينيين. وكشفت صحيفة "هآرتس" العبرية ان الاسرائيليين والاميركيين ناقشوا في هذه اللقاءات تأثيرات تنفيذ خطة شارون في قطاع غزة على الرئيس الفلسطيني ياسر عرفات واستمرار قيادته للشعب الفلسطيني. واشارت الصحيفة الى ان الجانب الاسرائيلي طرح امكانات "استغلال الخطة لانهاء قيادة عرفات للسلطة الفلسطينية"، موضحةً ان الاسرائيليين تحدثوا عن "رفض عرفات للخطة مقابل ترحيب القيادات الشابة بها" واقتبسوا تصريحات لمسؤول جهاز الامن الوقائي السابق في قطاع غزة محمد دحلان والتي وصف فيها الخطة بانها "انتصار للفلسطينيين". وكما في المرات السابقة التي التقى فيها شارون الرئيس الاميركي او وصل فيها ديبلوماسيون اميركيون الى المنطقة، اعلنت وزارة الدفاع الاسرائيلية نيتها اخلاء تسع بؤر استيطانية لم تحظ اقامتها بموافقة رسمية من الحكومة الاسرائيلية وذلك من اصل اكثر من 200 بؤرة مماثلة أقيمت منذ دعا شارون المستوطنين في عهد ايهود باراك الى "احتلال التلال" في الضفة الفلسطينية واستمرت الى ما بعد توليه رئاسة الحكومة. وكانت المحكمة العليا الاسرائيلية رفضت التماساً تقدم به المستوطنون لمنع اوامر الاخلاء. وقال مصدر في مكتب شارون ان اخلاء البؤر "قد يتم في اي وقت". وشككت السلطة الفلسطينية في نيات حكومة شارون سواء كان ذلك في شأن اخلاء البؤر الاستيطانية في الضفة او المستوطنات في قطاع غزة. وطالب الرئيس الفلسطيني ياسر عرفات ب"تطبيق خطة خريطة الطريق"، متسائلا بسخرية "هل ينوي شارون اخلاء 17 كرفانا" في القطاع. وقال عرفات في رده على سؤال للصحافيين امام مقره المحاصر في رام الله ان الاميركيين "لم يعطوا الضوء الاخضر لشارون لتنفيذ خطته.. ولكن في المقابل، نحن نطالب بتطبيق خطة خريطة الطريق".