كشفت مصادر اسرائيلية عن نية رئيس الوزراء الاسرائيلي ارييل شارون تسليم المستوطنات اليهودية المنوي اخلاؤها في قطاع غزة، ضمن خطة من طرف واحد، الى "هيئة دولية" تشرف بدورها على نقلها الى الفلسطينيين. وذكرت المصادر أن هذا التوجه كان موضع مناقشة في اجتماع عقده شارون ليل أول من أمس مع قادة الاجهزة العسكرية والاستخبارات، ومستشارين سياسيين للبحث في خطة "فك الارتباط" مع الفلسطينيين من جانب واحد، والتحضير للقاءات التي سيجريها مبعوثون اميركيون، بينهم نائب وزير الخارجية وليام بيرنز وستيف هادلي من مجلس الأمن القومي الاميركي وصلوا الى تل ابيب أمس لدرس تفاصيل الخطة. واشارت مصادر اسرائيلية الى ان شارون "يميل الى تسليم الوحدات السكنية" و"البنية التحتية" للمستوطنات الى "هيئة دولية" تشرف على نقلها الى الفلسطينيين، لمنع احتمال سيطرة حركة "حماس" عليها. وأفادت صحيفة "يديعوت احرونوت" ان العسكريين أجمعوا على "ضرورة اخلاء قطاع غزة بأسرع وقت ممكن و دفعة واحدة"، فيما اقترح وزير الدفاع شاؤول موفاز تحديد جدول زمني لعملية الاخلاء لتشجيع الطرف الفلسطيني على العودة الى طاولة المفاوضات لتحديد الخط الأمني الذي سينسحب اليه الجيش الاسرائيلي. وتضاربت الانباء الاسرائيلية عن عدد المستوطنات المنوي اخلاؤها بما في ذلك الخط الحدودي الفاصل بين الاراضي المصرية والفلسطينية جنوب القطاع في مدينة رفح. ويؤيد الجيش الاسرائيلي على ما يبدو الانسحاب من هذا الشريط الحدودي الضيق والذي تقول اسرائيل ان الفلسطينيين يهربون اسلحة من خلاله عبر انفاق تحت الارض، مشيرين الى ان المسؤولية الأمنية عنه ستتولاها اذا انسحب الجيش الاسرائيلي. وفي محاولة لكسب تأييد ادارة الرئيس جورج بوش لخطة شارون، أكد مصدر ديبلوماسي اسرائيلي للاذاعة الاسرائيلية ان اي عملية اخلاء من القطاع لن تجري قبل الانتهاء من الانتخابات الاميركية في نهاية العام الجاري. وأوضح ان الهدف من التأجيل هو تلافي "انتقادات الحزب الديموقراطي والجالية اليهودية في الولاياتالمتحدة للرئيس بوش من شأنها ان تؤثر سلباً على مجريات الانتخابات". واضاف ان وضع تفاصيل خطة الانسحاب سيستغرق ثلاثة شهور يليه بعد ذلك اجراء استفتاء شعبي ثم طرحها على الحكومة والكنيست للمصادقة عليها، مشيراً الى أن هذه الاجراءات تنتهي قبل الانتخابات الاميركية مباشرة. ومن المتوقع ان يطرح الجانب الاسرائيلي هذه المسألة في المحادثات التي سيجريها الوفد الاميركي مع المسؤوليين الاسرائيليين، بمن فيهم شارون. في موازاة ذلك كشفت معطيات التقرير السنوي لحركة "السلام الان" اليسارية الاسرائيلية "ان شارون تنصل من تنفيذ تعهداته" لبوش في شأن تفكيك وازالة البؤر الاستيطانية التي اقيمت في ظل الانتفاضة الفلسطينية في الضفة الغربية. واكد تقرير الحركة المدعم بخرائط وصور جوية للمواقع الاستيطانية اليهودية ان 12 بؤرة استيطانية جديدة أقيمت العام الماضي، وأن ستة عشر موقعاً آخر جرى توسيعها وتحويلها الى "مستوطنات دائمة" من خلال ربطها بشبكة الكهرباء الاسرائيلية والماء واقامة منازل ثابتة وشق طرق وتعبيدها. كما نقلت عشرات المقطورات الكرفانات الى المواقع الاستيطانية، وأن "الادارة المدنية" الاسرائيلية في الضفة اصدرت تصاريح للمستوطنين بزراعة اراض تعود الى الفلسطينيين، رغم ان هذه المستوطنات كان من المقرر اخلاؤها بحسب القرارات الاسرائيلية التي لم ينفذ منها سوى اخلاء مستوطنة واحدة من اصل 202 تصنفها الحكومة على انها "غير قانونية". وخلص التقرير الى ان حكومة شارون "تواصل التنصل من تعهدها باخلاء البؤر غير القانونية بل انها توسعها وتحولها الى مستوطنات ثابتة". وكان الرئيس بوش واعضاء ادارته طالبوا شارون غير مرة باخلاء البؤر الاستيطانية هذه في اطار عملية تنفيذ "خريطة الطريق". وتعهد شارون في قمة "العقبة" في ربيع العام الماضي امام بوش ورئيس الوزراء الفلسطيني السابق محمود عباس أبو مازن والعاهل الاردني عبدالله الثاني اخلاء هذه البؤر التي تكاثر عددها منذ ذلك التاريخ.