تفاقمت أزمة التيار الأصولي الراديكالي الذي يتبنى افكاراً جهادية في مصر، بعد تعرضه لضربة شديدة جديدة بعد اعتقال السلطات اليمنية زعيمه الروحي الدكتور سيد إمام الشريف، صاحب كتاب "العمدة في اعداد العدة" الذي يعتبر دستوراً للحركات الجهادية في أكثر من بلد، وتتخوف جهات اصولية من احتمال ترحيله إلى مصر. وقال مدير "مركز المقريزي للدراسات التاريخية" في لندن الدكتور هاني السباعي في اتصال هاتفي مع "الحياة" في القاهرة أمس إن جهات عدة في اليمن أكدت له أن "اتصالات مصرية - يمنية جرت في الفترة الأخيرة لتسليم الشريف الذي يعد الزعيم الروحي ل"جماعة الجهاد" المصرية، وكان أول أمير لها عندما أسسها في باكستان مطلع العقد الماضي قبل أن يستقيل من قيادة التنظيم ويسلمه إلى الدكتور أيمن الظواهري ويتفرغ لإعداد أبحاث فقهية وشرعية". وأوضح السباعي أن شخصيات ومنظمات حقوقية في اليمن أبلغته فشلها في اقناع السلطات هناك بإطلاق الشريف ووقف إجراءات ترحيله. وناشد السباعي منظمات دولية تعمل في مجال حقوق الإنسان الضغط على صنعاء لمنع تسليم الشريف إلى القاهرة، مؤكداً أنه "لم يرتكب مخالفات للقانون اليمني وكان يقيم بطريقة شرعية حيث كان يمارس مهنة الطب". وأشار إلى أن محكمة عسكرية مصرية أصدرت عام 1999 حكماً غيابياً بالاشغال الشاقة المؤبدة في حق الشريف في قضية "العائدون من ألبانيا" التي دين فيها أيضاً والظواهري الذي حكم غيابياً بالإعدام. وظل الشريف الذي عُرف في أوساط الأصوليين باسم عبد القادر بن عبد العزيز واحداً من أبرز منظري الحركات الجهادية، وهو حوكم غيابياً العام 1981 في قضية "الجهاد الكبرى" على هامش حادثة اغتيال الرئيس الراحل أنور السادات، لكنه تمكن من الفرار إلى خارج البلاد واتجه إلى السعودية ومنها إلى باكستان حيث عمل في مستشفى الهلال الأحمر الكويتي في مدينة بيشاور، ثم التقى أيمن الظواهري بعد رحيل الأخير عن مصر منتصف الثمانينات، وخلال سنوات قليلة تمكن من استقطاب عدد من رموز الجهاد بينهم علي الرشيدي المعروف باسم أبو عبيدة البنشيري، الذي صار لاحقاً القائد العسكري لتنظيم "القاعدة" ومات غرقاً عام 1996 في كينيا، وعبد العزيز الجمل وآخرون، وأسس جماعة "الجهاد" مطلع التسعينات وتولى إمارتها، واختار الظواهري نائباً له، لكن خلافات دبت بين الاثنين في العام 1992، إثر القبض على عدد كبير من عناصر التنظيم في ثلاث قضايا في مصر عرفت باسم "طلائع الفتح" وكان الشريف اعترض على قيام التنظيم بعمليات مسلحة على أساس أنها لن تسقط النظام، وستتعزز ذراع السلطة في ضرب الإسلاميين بعنف، وكان يرى أن التوغل في الأجهزة الرسمية في الدولة أفضل من أي عملية عسكرية. واستقال الشريف من موقعه كأمير للجماعة وتفرغ لإعداد أبحاث شرعية. وانتقل العام 1993 للإقامة في السودان مع أعداد كبيرة من المصريين وحدث صدام شديد بينه وبين الظواهري عام 1995 ، فغادر السودان عام 1996 واستقر للإقامة في اليمن في جوار أحد مشايخ مدينة صعدة هو الشيخ قايد شويط.