التقى ثمانون رساماً ونحاتاً من جميع أنحاء العالم في مدينة دبي ليعرضوا أجمل انتاجاتهم ويحولوا ساحات في الإمارة أمكنة تجتمع فيها أعمال من هويات فنية متنوعة. وقدم الملتقى الذي نظمته شركة إعمار العقارية في دبي بين العاشر من شهر آذار مارس والثالث والعشرين منه في مرسى دبي وفي موقع مشروع برج دبي أطول برج في العالم جوائز بقيمة 90 ألف دولار أميركي بمعدل 60 ألفاً للنحت و30 ألفاً للرسم، في اطار مسابقة فنية دولية. وستعرض الأعمال في موقع المشروع حتى الانتهاء منه كما هو متوقع عام 2006. "الحياة" حاورت بعض الفنانين المشاركين في الملتقى: مونيكا غونزاليس من كولومبيا تخصصت في فن النحت في جامعة البيرو وأتت لتطبق بعض عوالمها على مادة الستانلس ستيل في صحراء الإمارات، قالت: "لا ألجأ إلى هذه المادة بالذات لأنها اسهل من غيرها ومطواعة في العملية النحتية فحسب، إنما أحب الاشتغال عليها، وأستطيع أن أمرر الكثير من الرسوم عبرها، على عكس مادة الرخام التي نجدها كتلاً ضخمة وثقيلة. وفي منحوتتي الحالية أركز على الأجنحة وفكرة الحركة. صحيح أنني شاركت في تجمعات سمبوزيوم عدة في العالم مثل إسبانيا وألمانيا والبيرو بطبيعة الحال، إلا أنني متحمسة في دبي لأنها منطقة مجهولة بالنسبة الي شخصياً وفيها التقي الكثير من الفنانين إلى جانب الصحراء التي تعطي إلهاماتها الخاصة". غير بعيد من الفنانة الكولومبية، هوى السوري محمد بعجانو بمطرقته على كتلة هائلة من الحجارة، وفي باله التركيز على الفراغ لتمثيل لقطة الأجنحة ضمن خطّ الرمزية الذي اختاره في معظم أعماله. "ليس هناك تجريد في العالم، فلكل شيء وجود، والقصة تكمن في التوليفة المناسبة، أنا أستخدم حجراً شبيهاً ب"التيستاتا" لا الرخام. وفي العموم لا أضع ماكيتاً وأعرف أن خطأ النحات أصعب من الرسام لو عمل على الواقعية، ويستفيد الفنان من مشاهدة أعمال الآخرين وهو ما حدث معي في سمبوزيومي قرطبة في إسبانيا وعاليه في لبنان". الهندسة المعمارية كان الهولندي جيروم سيمونز ينحت حجره، ولم يعرف مسبقاً ما سيؤول إليه العمل. يقول انه يركز على الهندسة المعمارية هو الذي يشغل منصب مستشار فني في بلده، وإن الوحي يأتي من المكان نفسه "بالتأكيد انني متأثر كوني أشتغل في موقع أعلى برج في العالم وسأنجز عنه فيلم فيديو أنوي عرضه في أيلول سبتمبر المقبل في مدينتي نيويورك ولوس أنجليس ضمن معرض فني جماعي كبير، ورسالتي هي الإعلان للعالم أن الدول العربية تحتضن الفن وليست فقط صورة ضيقة عن الإرهاب". وشرح جيروم أن التيار الغالب على التوجهات الفنية في هولندا راهناً هو تيار المسؤولية الاجتماعية. ويأخذ جيروم على مسابقة السمبوزيوم التأخير في إحضار المواد للبعض بما لا يضفي الشرعية المطلوبة على الجوائز التي ستوزع للفائزين. مريم الأرمينية راحت الفنانة الأرمينية مريم هاغوبيان تطوع بقوة الحجر والحديد تحت عنوان "فضاء جديد". ومريم المولودة في يريفان والمشاركة في محافل فنية دولية عدة والحاصلة على جوائز في دورات للبينالي الإيطالي ومسابقات مهمة في الصين وفيينا والنمسا، خصّت زيارتها للإمارات بعمل تجريدي اكتفت فيه بالموجود وبالوقت المتاح مع أنها تؤثر الغرانيت والبرونز. أما السعودي علي الطخيس فانتقى عنوان "الرابطة" ويبدي فرحه بالاحتكاك بجنسيات عدة في الفن ولا يستحوذ عليه هاجس الجائزة، وأكد: "شاركت أربع مرات في دورات سمبوزيوم عربية وأطلق لنفسي العنان مع الحجر لأن الحديد والستانلس من حصة العمال أكثر". كولاج وتزيين بين جزر المالديف وباريس، تتنقل التشكيلية ناتالي بيكير وتنحاز إلى التصويرية في الرسم. وفي ملتقى دبي ابتكرت لنفسها تقنية جديدة اعتمدت بالأساس على فن الكولاج والتزيين. أحضرت معها قماشاً شرقياً ومطرزات وبروكار وقررت أن تضيف فخامة على مربعاتها، فاستخدمت بودرة الذهب والفضة والرخام في إنجاز موزاييك من الرمل والقماش. "سيلمع العمل عندما ينتهي، وتتبدل ألوانه وإضاءاته بحسب الأوقات وزواية النظر والأبعاد" على عكس لمعان الذهب والفخامة، رجعت البحرينية لبنى الأمين إلى الخشب القديم. أمسكت الأبواب التي عمّرت لخمسين سنة وما فوق واستبدلت بها سطح اللوحة. "بالنسبة الي الباب الذي يرمى أو يكسر فيه روح واحساس وخلفه تعيش القصص والحكايا. ولكن عتق المادة لا يعني بالضرورة أنني أرسم الكلاسيكية، بل أفضّل التجريد والحداثة التي أجعلها تتسرب بين عقد الخشب وأسعى إلى دمج اللون بإيحاء القديم". يُذكر ان كلمة السمبوزيوم يونانية الأصل وتعني "لقاء مرح لاستكشاف موضوع"، وأول سموزيوم نحت دولي رأى النور في العام 1993 في "يوروبوس باركاس" على يد النحات غينتاراس كاروساس، على رغم أن عالم الفنانين شهد منذ عقود تجمعات صغيرة لنحاتين يشتغلون على نصب منحوتات.