- هاي، اميريكان كوفي بليز! - سكر وحليب؟ - لا لا أميريكان... بلاك - اميريكان لا تعني بالضرورة "بلاك"... اميركا ملونة، على كل حال، كيف تحبين القهوة؟ درس في طبيعة الولاياتالمتحدة المتعددة الاعراق قبل بدء نهار عمل تتلوه عليك مراهقة تعمل بدوام جزئي في المقهى الاميركي الذي "فرّخ" على ناصية الشارع. صعقها جهلك فانتفضت تدافع عن بلد أمنت لها ثقافة الشركات المتعددة الجنسية فيه، عملاً الى جانب دراستها. هي نصف موظفة ونصف طالبة، وهذا يناسبها تماماً. النمط الاميركي في الدراسة والعمل وتحقيق الذات سهّل حياة الكثيرين، وبات الشباب يعرفون عن اميركا اكثر مما يعرفون عن بلدانهم، فالطريق السريعة 66 ممتعة للقيادة والمغامرات، و"التفاحة الكبيرة" مدينة ساحرة وان كان ايقاعها سريعاً، وتكساس اشبه بقرية وميشيغان "عربية"... وليس من قبيل الصدفة ان يعرف الشباب كل ذلك فهم في النهاية اكثر المعنيين بهذا البلد الذي يؤمن لهم علماً جيداً وعملاً بعد التخرج. والواقع ان الولاياتالمتحدة نجحت في تقديم نفسها، خصوصاً من خلال افلام هوليوود، كبلد للفرص والاحلام التي تتحقق بمجرد ان يملك الحالم ارادة كافية لتحقيقها. فالافلام الاميركية التي تحطم مبيعاتها شباك التذاكر، قلما تخلو من تحول شخص عادي الى بطل، ما يشعر المشاهد بأنه هو ايضاً قادر على هذا التحول، الذي يحظى في نهايته بزوجة فاتنة وأولاد طيبيبن يعيش معهم في بيت له حديقة خلفية وسيارة وكلب. واذا كانت هذه المكونات الاولى "للحلم الاميركي" جلعت بعضهم ينتقده بسبب ماديته، فهي في الوقت نفسه المكونات التي، على بساطتها، جعلت "الحلم العربي" يكون اميركياً بامتياز! والتعريف الاولي للحلم الاميركي هو ان يعطى كل اميركي الفرصة لامتلاك ادوات سعادته. فتركّز هم الاميركيين على الامتلاك "اكثر" من مبدأ ان "الاكثر هو الافضل". الا ان السعي الدؤوب للحصول على "الاكثر" لم يترك لهم وقتا كافياً للتمتع بما جنوه. لذلك اصبح الحلم حكراً على من يستطيع تحمل تكاليفه. فشرع الاميركيون اليوم باعادة صوغ حلمهم. ولكن قبل ان يصلوا الى هذه المرحلة، وخصوصاً بعد الحرب العالمية الثانية وال"بيبي بلوم"، بدأ الاميركيون يصدرون حلمهم في سيارة فارهة وجهاز تلفزيون متوافر في كل منزل، ومياه غازية محلاة. ولم يتأخر "المشروب المنعش الداكن" والمعروف بكوكا كولا في عبور المحيط، لحقت به سلسلة مطاعم ماكدونالدز، وسيجارة مارلبورو التي تجسد الروح الاميركية الحرة. واجتاحت مفاهيم استهلاكية جديدة الاسواق كلها فدخلت كلماتها في الاحاديث اليومية والتصرفات العادية لاشخاص ربما يكرهون اميركا، حتى اصبحت تسمع في المحلات التجارية الكبرى نساء عربيات او آسيويات او اوروبيات يطلبن سلعاً "كينغ سايز" او "كومبو". وراح الجميع يفصل حلمه على قياس "العم سام". وفي الحقيقة لا يجمع المؤرخون على تعريف هذه الشخصية التي اختزلت الهوية الاميركية كاملة. والنظرية السائدة هي ان اللقب اطلق على صاموئيل ويلسون الذي كان يعمل جزاراً. وخلال حرب 1812 كان ويلسون يرسل اللحوم الموضبة الى الجيش الاميركي ويضع عليها طابع "US" فافترض احد الجنود ان المرسل هو "Uncle Sam" ممثلاً الحكومة الفيديرالية. واشهر جملة للعم سام هي "اريدك!" التي وضعها الجيش الاميركي على ملصقات ضخمة عشية الحرب العالمية الاولى لتجنيد الشباب. ولكن في لبنان من هو اشهر من العم سام، سيدة اسمها ليزا عملت لسنوات طويلة في السفارة الاميركية في دمشق، وكانت سبباً في بقاء عدد من اللبنانيين في بلادهم! فالسفارة الاميركية في بيروت لم تعد فتح ابوابها الا منذ سنوات قليلة، وهي حتى الآن لا تمنح الا تأشيرات سياحية. من يرغب في تقديم طلب هجرة عليه التوجه الى السفارة في دمشق حيث تقف له ليزا بالمرصاد. اطلق اللبنانيون من شدة قهرهم عليها اسم "ليزا نو فيزا" ووصفوها بشتى النعوت فهي امرأة قبيحة، شريرة ترفض منح التأشيرات بسبب مزاجها السيء، ولا ينفع معها توسل او رجاء. حطمت ليزا ما بناه سام واستحال الحلم معها كابوساً.