بدأت أسبانيا أمس تشييع ضحايا التفجيرات الارهابية في مدريد، فيما لا يزال الغموض يكتنف التحقيق لمعرفة الجهة التي تقف وراء أسوأ هجوم تتعرض له البلاد، وسط اتهامات لحكومة خوسيه ماريا اثنار بالكذب واخفاء المعلومات، والاصرار على اتهام حركة "ايتا" الانفصالية في اقليم الباسك لأسباب انتخابية. راجع ص 10 وأكد وزير الداخلية انجيل اثيبيس أمس ان "ايتا" لا تزال المشتبه فيه الرئيسي وان لا دليل جديداً على تورط "القاعدة"، لكنه أعلن في مؤتمر صحافي عقده ليلاً ان أجهزة الأمن اعتقلت خمسة هم ثلاثة مغاربة واسبانيان "من أصول هندية" ينتميان الى الطائفة الهندوسية. واوضح ان هؤلاء متورطون ببيع اجهزة خلوية وبطاقات مزورة للهاتف، عثر عليها المحققون في احدى الحقائب التي لم تنفجر. وقال إن الحكومة الاسبانية اعلنت تورط "ايتا" عندما توافرت ادلة على ذلك، لكن التحقيق اخذ مساراً آخراً لدى عثور الشرطة على شاحنة صغيرة تحوي شريطاً قرآنياً. واضاف ان المغاربة الثلاثة "قد يكونون مرتبطين بجماعات اصولية مغربية". وختم قائلاً: "يجب ألا نستبعد أي احتمال والشرطة تواصل التحقيق على كل الصعد، وهذا يفتح مساراً مهماً في التحقيقات". وأفادت تقارير اعلامية ان جهاز الاستخبارات الاسباني "متأكد بنسبة 99 في المئة" من فرضية "الارهاب الاسلامي". وأفاد موقع صحيفة "الموندو" على الانترنت مساء أمس ان السلطات الاسبانية اعتقلت "أربعة من المواطنين العرب على الأقل" في اطار التحقيقات في التفجيرات. وكان اثيبيس ذكر في مؤتمر صحافي ان التحقيق في الاعتداءات يسير "في اتجاهين منذ البداية" و"يحرز تقدماً"، لكن "الفرضية المرجحة" تبقى حركة "ايتا". ولم يستبعد احتمال التعاون بين الطرفين، وقال: "لا يمكن استبعاد وجود صلة بين منظمات إرهابية من أي نوع... وتبادلها التعاون". لكن محطة اذاعة اسبانية نقلت عن مصادر في اجهزة الاستخبارات ان الأدلة حول تفجيرات مدريد تدعم بنسبة "99 في المئة" فرضية ان اسلاميين متشددين مسؤولون عن الاعتداءات. وقالت مصادر في المركز الوطني للاستخبارات الاسبانية رداً على اسئلة هذه الاذاعة الخاصة الاولى في اسبانيا: "انه اعتداء يحمل بصمات راديكالية اسلامية ونفذته مجموعة كبيرة تضم 10 15 عنصراً ربما اصبحوا خارج البلاد"، وتابعت ان العثور على حقيبة مليئة بالمتفجرات بدد الشكوك في شأن وقوف "ارهابيين اسلاميين" وراء الاعتداءات. واكدت المصادر ان المركز حذر وزارة الداخلية منذ الخميس من ان فرضية وقوف "ايتا" خلف الاعتداءات ضعيفة جداً، وأن المنفذين قد يكونون اسلاميين متطرفين. في أوسلو، بثت شبكة التلفزيون "ان ار كاي" ان لدى خبراء نروجيين وثائق تميل الى تأكيد وجود صلة بين "القاعدة" والاعتداءات. وقال هؤلاء الخبراء المتخصصون في البحث عن وثائق تنظيم "القاعدة" انهم عثروا العام الماضي على موقع لشبكة الانترنت بالعربية، على وثيقة تعرض استراتيجية التنظيم لطرد الولاياتالمتحدة وحلفائها من العراق، وتصف اسبانيا بأنها "الحلقة الأضعف"، واوضح الخبراء ان "القاعدة" كتبت في الصفحة 42 من الوثيقة: "يجب ان نستخدم الانتخابات الى أقصى حد، ويمكن ان تواجه الحكومة ثلاثة اعتداءات على الأكثر". 911 يوماً وأفادت صحيفة "نيويورك بوست" ان دليلاً جديداً على تورط "القاعدة" بهجمات مدريد، ظهر في توقيت هذه التفجيرات، اذ تفصلها 911 يوماً سنتان ونصف سنة عن هجمات 11 ايلول سبتمبر 2001. وانتقد زعيم حزب "باتاسونا" القومي الباسكي اورنالدو اورتيغي بشدة الحكومة الاسبانية لتوجيهها الاتهامات الى "ايتا"، وقال ان حكومة خوسيه ماريا اثنار "تكذب في شأن منفذ الهجمات لمجرد الفوز في الانتخابات"، ويعتقد محللون بأن أي دليل على تورط "ايتا" بالتفجيرات سيعود على الأرجح بالفائدة على الحزب الحاكم في الانتخابات العامة اليوم. أما اذا كانت الهجمات من تنفيذ المتشددين الاسلاميين فقد ينظر اليها على انها عاقبة تأييد اثنار غير المقبول شعبياً في اسبانيا، حرب العراق. الى ذلك أدت تفجيرات مدريد الى رفع درجة التأهب في الولاياتالمتحدة وعدد كبير من البلدان الأوروبية. ونشرت وزارة الأمن الداخلي الاميركية مزيداً من الضباط في القطارات وفي محطات السكك الحديد، مضيفة فرقاً للبحث عن متفجرات، وطلبت من الركاب الحذر. كما زاد عدد دوريات الشرطة والدرك، معززة بقوات من الجيش في محطات القطارات والمطارات الفرنسية.