بات الاتحاد الطرف الاول في نهائي مسابقة كأس ولي العهد السعودي لكرة القدم بعدما كرر فوزه على النصر بهدفين للبرازيليين تشيكو وديمبا في مقابل هدف للمغربي هشام ابو شروان من ركلة جزاء، وكانت مباراة الاياب انتهت لمصلحة "العميد" أيضاً 3-1. ونجح الاتحاد في تسجيل رقم قياسي جديد في الملاعب السعودية بعد ان خاض 30 مباراة من دون ان يخسر، والسؤال الكبير الذي يتردد في جنبات المجالس الرياضية السعودية هو من يقدر على هزيمة الاتحاد؟ الاجابة لا يمكن احداً الجزم بها، لكن التفكير في ايجاد منافس للاتحاد في الملاعب السعودية هذه الايام يعد ضرباً من الخيال. وعلى رغم انه يحارب على ثلاث جبهات، فإنه ناجح في كل مساعيه، إذ يتصدر كأس دوري خادم الحرمين الشريفين وضمن الوصول للعب المباراة الختامية للمسابقة، اضافة الى تأهله الى نهائي المسابقة الثانية المحلية وهي كأس ولي العهد، وفوق ذلك بلوغه الدور قبل النهائي في دوري ابطال العرب، فضلاً عن بدايته الممتازة في بطولة الاندية الآسيوية. من جانبه، اعترف مدرب النصر، المصري محسن صالح بأن فريقه خسر "امام فريق افضل منا بمراحل، ويقوده مدرب افضل مني ايضاً". وإن كان هذا الاعتراف يصب في خانة الروح الرياضية، الا ان صالح اصاب كبد الواقع، فالاتحاد ليس افضل من النصر فقط او ان مدرب "العميد" كاندينو افضل من صالح فحسب... بل انه لا يمكن اي فريق سعودي ان يجاريه، او ان تتم تسمية مدرب آخر من الاجانب او المحليين يستحق الافضلية على كاندينو. نعترف جميعاً بأن المال هو عصب الرياضة، فمتى توافرت المادة، النجاح لن يكون بعيداً. الاتحاد هو النادي الوحيد في السعودية الذي دفع ما يقارب ال100 مليون ريال سعودي في موسمين، ورئيسه رجل الاعمال الثري منصور البلوي لا يتردد في استدعاء اي لاعب سعودي يبرز مع ناديه للانضمام الى الاتحاد. وكانت صفقات "ابراموفيتش" الكرة السعودية منصور البلوي حديث الجميع بدءاً من تعاقده مع بيبتو، ومحاولته الظفر بخدمات ريفالدو، وانتهاء بجلبه لاعبي القادسية سعود كريري وسعيد الودعاني في صفقة تجاوزت 20 مليون ريال... اضافة الى ان اجندة البلوي تضم اسماء الكثير من اللاعبين المحليين في مقدمهم ياسر القحطاني، والمدافع رضا تكر المعار من الشباب الى الاتحاد هذا الموسم، والذي تترددت انباء عن ان البلوي مستعد لدفع مبلغ يفوق عشرة ملايين ريال في مقابل الاستفادة من خدماته. واذا كنا نسلم بدور المال في سيادة العميد، فإن هناك اموراً اخرى ساعدت على فرض سيطرته منها: جيش اللاعبين في صفوفه، وعندما قال البلوي ان الاتحاد لعب بنصف قوته وببدلائه امام النصر، فهو محق بدرجة كبيرة، فمحمد نور الذي توج اخيراً بلقب افضل لاعب عربي لم يلعب المباراة، والجميع يعرف الثقل الذي يمثله هذا "الطوربيد" في الملعب. وعندما يشرك كندينو لاعباً شاباً اسمه محمد امين منذ البداية وينجح بدرجة امتياز، فهذا يدل على ان الفريق يملك بديلاً من طراز رفيع. وعندما يتم ابقاء خميس العويران على مقاعد البدلاء وهو قائد المنتخب السعودي وأفضل لاعبيه في دورة كأس الخليج الاخيرة، فهذا ينم عن الثقة الكبيرة من الجهاز الفني بقدرات الصف الثاني. وعندما لا يسمح كندينو بمشاركة قائد الفريق باسم اليامي ويفضل عليه حمد المنتشري ورضا تكر، فهذا يدل على ان الفريق لا يتأثر بغياب قائده. وعندما لا يتم اشراك الدوليين الواكد والودعاني، فهذا يدل على ان المدرب لا يعترف بالاسماء... وتطول قائمة التساؤلات التي يطرحها انصار الفرق الاخرى والنقاد، وفي النهاية يواجهون بإجابات واقعية: الفريق يفوز ويتصدر ويتأهل للنهائيات وهم يجرون حساباتهم على الاتحاد كما يجرونها على اندية اخرى، وهذا هو الذي يدعو الى التساؤل. الرقم الصعب ويبقى المدرب جوزيه كندينو الرقم الصعب في المعادلة الاتحادية، فهو الذي يمسك بخيوط اللعبة كلها، وهو الذي يدير العمليات الحسابية والتكتيكية خارج الملعب، وهو المشهود له بالكفاية من قبل ابان تدريبه الهلال او المنتخب السعودي. عندما قدم كندينو كان الاتحاديون يفضلون اللعب بطريقة 5-3-2، وهي من بواقي المدرب الصربي ديمتري الذي حقق نجاحاً لم يصبه احد من قبله مع العميد، لكن القادم الجديد من بلاد البن كسر كل التقاليد "الديمترية" ورسم نهجاً جديداً للعميد. لم يكن معظم الاتحاديين راضين عنه، ومع هذا السخط الجماهيري، كان الفريق يسجل نتائج ساحقة لكن من دون تقديم مستوى يتناسب مع عراقة العميد. ومع مرور الوقت شرب لاعبو الاتحاد الطريقة البرازيلية وحفظوها عن ظهر قلب وواصلوا تألقهم، وكسب كندينو الجولة مع الجمهور وبات احد عوامل النجاح، خصوصاً انه يتمتع بقوة الشخصية ولا يسمح بالتهاون في التدريبات ولا ينظر الى الاسماء. والاعلام الرياضي لا يعطي الاضواء الا للمدرب ويحجبها عن بقية الجهاز الفني، وهذا ما ينطبق على مساعد كندينو وابن جلدته البروفيسور مادينا الضالع جداً في علم اللياقة البدنية والمعروف بتجهيزه اللاعبين، ودليل نجاحه هو اننا لم نشاهد بعد اياً من لاعبي الاتحاد يشتكي من الاجهاد داخل الملعب وجميع اللاعبين ينهون المباراة كما بدأوها. نختتم بالقول ان مثلث نجاح اي فريق يعتمد على توافر المال وقدرة المدرب على القيادة ووجود لاعبين اكفياء، وهذه الاضلاع الثلاثة متوافرة بأعلى درجاتها في العميد وهذا ما يجعل الاجابة عن السؤال الذي طرحناه في البداية تبدو صعبة وغير منتظرة في القريب العاجل، وهذا ما حدا بأحد النقاد الى القول: "بقية الفرق السعودية تحتاج الى سنوات ضوئية للحاق بالعميد".