رفعت مؤسسة تقويم الائتمان الدولية"ستاندارد آند بورز"تصنيف ائتمان القروض الخارجية المغربية الى"ايجابي"من"مستقر"بعد التحسن الذي طرأ على موارد المغرب من العملات الصعبة وتدفق الاستثمارات الخارجية خلال الاعوام الاخيرة. وقالت الوكالة في تقرير ان وضع الديون المقومة بالعملات الاجنبية يعكس تحسن الوضع المالي ومتانة السيولة الخارجية للمغرب، اضافة الى تسارع وتيرة الاصلاحات البنيوية واستقرار الوضع السياسي واستمرار الانفتاح الاقتصادي وتحسن الحسابات الماكرواقتصادية. وتراجعت كلفة خدمة المديونية الخارجية بنسبة 29 في المئة خلال الفترة من عام 2001 الى عام 2003 وتقلصت قيمتها الاجمالية بنحو بليون دولار سنوياً نتيجة تحويل الديون الى استثمارات محلية والتسديد المسبق للمستحقات. كما ساهم تراجع سعر صرف الدولار في تقليص المديونية بنحو 13 في المئة. وقالت"ستاندارد آند بورز"ان المغرب وفر العام الماضي نحو 90 مليون دولار من تراجع اسعار الفائدة في أسواق المالية الدولية. وبلغت قيمة الفائدة نحو 160 مليون دولار بعد احتساب تسديد مستحقات ديون قديمة مرتفعة الكلفة، تشمل اقتراض 400 مليون يورو من بعض أسواق المال الاوروبية. وباتت القروض الخارجية تقل عن 29 في المئة من اجمالي الناتج المحلي وتقلصت الى 70 في المئة من موارد ميزان المدفوعات مقابل 80 في المئة عام 2002. واشارت"ستاندارد آند بورز"الى ان المغرب استفاد من علاقاته الدولية في تقليص الديون الخارجية، اذ حصل على 1.5 بليون دولار من عملية تحويل الديون الى استثمارات خاصة مع فرنسا واسبانيا وايطاليا. وسدد المغرب 1,1 بليون دولار من الديون المرتفعة الكلفة وحقق وفراً مقداره 1,3 بليون دولار من عمليات مقايضة و157 مليون دولار من تراجع اسعار الفائدة. ونتيجة ذلك تراجعت الديون الى اقل من 14 بليون دولار من 21,3 بليون دولار عام 1996. وحسب تركيبة الديون، تمثل القروض الثنائية 41 في المئة وديون المؤسسات المالية الدولية 40 في المئة والمصارف التجارية نادي لندن 19 في المئة. وتأتي الخزانة العامة في مقدم المقترضين ب62,7 في المئة، بينما تقدر ديون الشركات العامة بنحو 23 في المئة. وأدى ارتفاع سعر صرف اليورو امام الدولار الى ارتفاع كلفة خدمة الديون الاوروبية التي بلغت 56 في المئة من الاجمالي. وكان تخلي المغرب عن الاستدانة الخارجية لتمويل عجز الموازنة ساهم في تقليص المديونية الخارجية، لكنه زاد حجم المديونية الداخلية التي ارتفعت الى اكثر من 20 بليون دولار. وقال وزير المال فتح الله ولعلو ل"الحياة"ان المغرب يفضل الاستدانة الداخلية لتمويل عجز الموازنة على الاستدانة الخارجية ومخاطرها المالية والسياسية والسيادية، في اشارة الى ما حدث مع صندوق النقد الدولي في الثمانينات والتسعينات من القرن الماضي. وسيحتاج المغرب السنة الجارية الى 3,5 بليون دولار لمواجهة العجز المرتفع في الموازنة والمقدر باكثر من ثلاثة في المئة من اجمالي الناتج، وسيتم اقتراض المبلغ من السوق المالية المحلية بالكامل. وقال وزير المال ان الخزانة في حاجة الى تمويل عاجل مقداره 1,6 بليون دولار، لافتاً الى ان المبالغ المتبقية ستوضع تحت تصرف الخزانة حسب وتيرة برنامج التخصيص الذي تعول عليه الرباط لتحصيل ايرادات تتجاوز 1,3 بليون دولار، وهي عملية مرتبطة ببيع حصص الدولة المتبقة في شركة"اتصالات المغرب"وبوضع مجموعة"فيفاندي"الفرنسية التي سبق ان تملكت 35 في المئة من"اتصالات المغرب". وساهمت تدفقات الاستثمار الخارجية وتحسن قطاع السياحة وتحويلات المهاجرين في استغناء المغرب، على مراحل، عن التمويل الخارجي، اذ ظلت تلك الايرادات تراوح مجتمعة بين تسعة وعشرة بلايين دولار سنوياً خلال الاعوام الثلاثة الماضية. وساهمت تلك الموارد في تمويل عجز الميزان التجاري بنحو ستة بلايين دولار وتسديد كلفة الديون الخارجية بنحو 1,6 بليون دولار وحققت الخزانة فائضاً بالعملة الصعبة قدر العام الماضي بنحو بليوني دولار. وادى تحسن وضع المديونية الخارجية الى ارتفاع الاحتياط النقدي لدى المصرف المركزي الى 14 بليون دولار، وهو مبلغ يكفي لتغطية سنة من واردات السلع والخدمات المختلفة. ولتحويل تلك المكاسب الى نتائج اجتماعية على الواقع، يحتاج المغرب الى نمو متواصل لا يقل عن ستة في المئة لاستيعاب اعداد العاطلين عن العمل الذين ارتفع عددهم الى مليوني شخص خصوصاً في المدن الكبرى.