ارتفع اجمالي الدين العام المغربي الى نحو 29 بليون دولار تعادل 81 في المئة من اجمالي الناتج المحلي، وهو مرشح للارتفاع السنة المقبلة نتيجة تمويل عجز الموازنة التي تحتاج الى نحو بليوني دولار، أي ما يعادل 26 في المئة من اجمالي العائدات الجبائية التي ستشمل السنة المقبلة بليون دولار من ايرادات برنامج التخصيص. جاء في موازنة سنة 2002 المعروضة على البرلمان للمصادقة ان حجم الدين العام الخارجي بلغ 14.9 بليون دولار، ويقتطع تسديده نحو 20 في المئة من مجموع الصادرات، بينما زاد الدين الداخلي الى 157 بليون درهم 14.1 بليون دولار وأصبح يمثل 40.8 في المئة من اجمالي الناتج المحلي. وهذه هي المرة الأولى التي يقترب فيها حجم الدين الداخلي من الخارجي. ورصدت الموازنة 46.7 بليون درهم لتسديد الديون السنة المقبلة منها 31.8 بليون درهم للدين الداخلي و1.4 بليون دولار للدين الخارجي. وقالت فيديرالية رجال الاعمال في الدار البيضاء ان ارتفاع الدين الداخلي بات يمتص جزءاً مهماً من السيولة النقدية يحتاجها الاقتصاد المحلي لتمويل استثمارات تابعة للقطاع الخاص. وانتقدت لجوء الحكومة الى تمويل العجز عبر موارد محلية محدودة، في اشارة الى السوق المالية المحلية، واعتماد الموازنة المتواصل على ايرادات التخصيص لتمويل العجز المقدر بنحو سبعة في المئة من اجمالي الناتج والذي تم تقليصه الى اثنين في المئة عبر اقتطاع جزء من مداخيل بيع حصة مقدارها 35 في المئة من شركة "اتصالات المغرب". وسيتم اعتماد السيناريو نفسه السنة المقبلة لتقليص العجز الى ثلاثة في المئة من 5.9 في المئة عن طريق بيع "شركة التبغ" وشركات تجميع السيارات. وكانت متطلبات تمويل الموازنة المغربية ارتفعت الى 24 في المئة من مجموع الموارد الجبائية وهي مرشحة لتبلغ 26.6 في المئة السنة المقبلة مقابل 17.5 في المئة في نهاية التسعينات. وكانت مؤسسة "ستاندار آند بورز" الاميركية انتقدت اسلوب الحكومة الاشتراكية في تمويل العجز باستخدام جزء من عائدات التخصيص وحضت على تحويل تلك الايرادات الى مجال الاستثمار بالكامل. وقال وزير المال فتح الله ولعلو امام البرلمان ان تمويل عجز الموازنة عبر السوق المحلية "يوفر على المغرب الاستدانة الدولية ويجنبها رهن مستقبل الاجيال بيد المؤسسات المالية الدولية". وزاد ان الجهود التي قامت بها الحكومة على امتداد الاعوام الماضية مكنت من معالجة جزء مهم من المديونية الخارجية عبر صيغة تحويلها الى استثمارات، مشيراً الى انها تقلصت بمعدل بليون دولار سنوياً، اذ تراجعت من 21.3 بليون دولار عام 1996 الى 16 بليون دولار عام 2000 والى 15 بليون دولار عام 2001 وهي مرشحة لتقل عن 14 بليون دولار سنة 2002. واشار الى ان تمويل عجز الموازنة عبر سندات الخزانة لا يؤثر في اسعار الفائدة المصرفية 5 في المئة بفعل فائض السيولة التي تتوافر عليها المصارف وتقدر بنحو 25 بليون دولار. غير ان الأوساط الاقتصادية المغربية تعتقد ان استمرار العجز المالي يحد من امكان خفض الضرائب التي كانت وعدت بها الحكومة خصوصاً في قطاعات الطاقة وخدمات السياسة والنقل البري والضريبة على الدخل والشركات وضرائب الاستهلاك القيمة المضافة. وتعتقد تلك الأوساط انه طالما لم يخرج الاقتصاد المحلي من مرحلة الاستدانة سيكون صعباً خفض الضرائب لتحسين منافسة الشركات المحلية وزيادة حجم نفقات الافراد والأسر. وكانت الحكومة استعملت الفصل 51 من الدستور أثناء مناقشة الموازنة لمعارضة خفض الضرائب واعتبرته انه يضر بوضعية المالية العامة التي تحتاج الى تمويلات بديلة. وتدرس وزارة المال منذ فترة امكان العودة الى السوق المالية الدولية للحصول على قروض سيادية، تراوح قيمتها بين 300 و500 مليون دولار، كانت ارجأت الحصول عليها في الصيف الماضي بسبب الاحداث الدولية غير المؤاتية. وذكر مصدر ل"الحياة" ان برنامج الاقتراض من السوق الدولية لا يزال قائماً وهو يحتاج الى الوقت المناسب لتنفيذه بسبب الأوضاع المالية الدولية غير المستقرة والتخوف المغربي من ان يساء فهم عودة المغرب الى السوق الدولية من قبل المستثمرين.