جدد الرئيس حسني مبارك رفض بلاده عودة الإشراف على قطاع غزة كما كانت الحال قبل عام 1967، كما رفض اقتراحا إسرائيليا بإرسال قوات أمنية شبه عسكرية إلى القطاع في حال انسحاب إسرائيلي أحادي الجانب. وأبلغ مبارك وزير الخارجية الإسرائيلي سلفان شالوم خلال استقباله أمس في القاهرة أن مصر ستحمي حدودها مع غزة بشكل كامل في هذه الأحوال، وأنه يفضل التفاهم الإسرائيلي - الفلسطيني الثنائي في خطة الانسحاب، واعدا ببحث التعاون مع الحكومة الفلسطينية في القطاع في إطار التدريب والمعلومات والمعونات الفنية. وأوضحت مصادر سياسية ل"الحياة" أن القاهرة قد تفكر في دعوة الفصائل إلى جولة جديدة من الحوار في القاهرة لمناقشة ترتيب الأوضاع في غزة بما لا يحولها إلى ساحة مواجهة. وكان مبارك اجتمع أمس لمدة ساعتين مع شالوم في قصر الاتحادية في القاهرة، وحرص الجانبان على وصف اللقاء بأنه "إيجابي وجيد للغاية"، وقال وزير الخارجية المصري أحمد ماهر إن الوزير الإسرائيلي نقل لمبارك رسالة شفوية من رئيس الوزراء آرييل شارون تظهر الرغبة في التعاون من أجل التوصل إلى حلول للمشاكل القائمة في الشرق الأوسط ولزيادة التعاون بين مصر وإسرائيل في هذا الشأن وأيضا في ما يتعلق بالعلاقات الثنائية. وأضاف ماهر أن مبارك أعرب عن تقديره للرسالة والرغبة في العمل من أجل إحلال السلام بين الفلسطينيين والإسرائيليين على أساس "خريطة الطريق" وتصميم مصر على المساعدة في هذا الاتجاه. وأوضح ماهر أنه تم خلال اللقاء مناقشة الوضع عموما في الشرق الأوسط والخطوات المنتظر اتخاذها من أجل تسهيل المفاوضات بين الفلسطينيين والإسرائيليين. ووصف ماهر الاجتماع بأنه كان "جيداً للغاية وأتاح الفرصة لتبادل وجهات النظر بين الجانبين على نحو صريح وبشكل مفصل". من جانبه، قال شالوم إن اللقاء "كان طيبا للغاية وتشجعت بلقاء مبارك والذي أظهر أن هناك مرحلة جديدة تشهدها العلاقات ويتعين علينا أن نبذل قصارى جهدنا من أجل تعزيز هذه العلاقات". وأضاف أن مصر هي رائدة العالم العربي ويجب أن تضطلع بدور رئيسي في إطار الجهد من أجل تحقيق تفهم في المنطقة بين إسرائيل والعالم العربي. وقال شالوم: "لقد ناقشنا كل القضايا وكان مبارك مهتما بما سيتحقق في المستقبل في شأن عملية السلام"، مشيرا إلى أنه أطلع مبارك على الاجتماع الذي سيعقد خلال الأسبوع المقبل بين شارون ورئيس الحكومة الفلسطينية أحمد قريع والخطة الإسرائيلية الجديدة، "كما تطرقنا بالحديث أيضا الى سبل بناء البنية الأساسية للسلام على كل المستويات بما يعني ضرورة تحقيق تفهم أفضل وإقامة مشاريع مشتركة مع الفلسطينيين والمصريين أيضا". الجاسوس عزام عزام لاحقا، اجتمع شالوم برئيس جهاز الاستخبارات المصري الوزير عمر سليمان، ونظيره المصري. وقالت مصادر سياسية في القاهرة ل"الحياة" إن شالوم بحث في إبرام صفقة تخص الجاسوس عزام عزام الذي ينفذ عقوبة السجن لمدة 15 عاما منذ العام 1997 ومبادلته بسجناء مصريين في إسرائيل، كما طلب عودة السفير المصري إلى تل أبيب والذي سحبته القاهرة عام 2000 ولم يتلق ردا. وعقب محادثاتهما في مقر وزارة الخارجية المصرية، عقد ماهر وشالوم مؤتمراً صحافياً مشتركا أكد خلاله ماهر على أن العلاقات الثنائية مرتبطة بالضرورة بالوضع العام في المنطقة، معربا عن أمله بأن تترجم إسرائيل الرغبة في السلام، والتي أبدتها خلال الرسالة الشفوية التي نقلها شالوم خلال استقبال مبارك له، الى "اجراءات عملية تقربنا فعليا من تحقيق هذا الهدف وتجنب الاجراءات التي من شأنها تصعيد الموقف". وقال ماهر في رده على اسئلة الصحافيين إن "السلام بين مصر واسرائيل لم يمت، وان عانى أحيانا من بعض الامراض والفيروسات، لكنه ظل دائما حياً لأنه يعبر عن رغبة دفينة في أن نرى السلام يسود المنطقة". وقال ماهر ان السلام بين مصر واسرائيل هو جزء من عملية سلام شاملة. ورداً على سؤال عما اذا كانت المحادثات تطرقت للمسار السوري - اللبناني، قال ماهر: "نحن نؤيد استئناف المفاوضات على جميع المسارات، فالسلام يجب ان يكون شاملاً، لكننا ركزنا في محادثات اليوم على الموضوع الفلسطيني". وأكد ماهر مجدداً على أن مصر لن ترسل قوات الى قطاع غزة، "لكن سنضطلع بمسؤولياتنا في حماية حدودنا". وقال إن الشعب الفلسطيني عندما يسيطر على غزة سيتصرف بطريقة مسؤولة وسيكون قادرا على حفظ السلام والأمن ومنع اي موقف يؤدي الى التوتر. واشار الى انه لا توجد حتى الان خطة نهائية للانسحاب من غزة، مرحباً في الوقت نفسه بأي انسحاب اسرائيلي من الاراضي المحتلة. وشدد على ضرورة ان تكون "اي خطوة في هذا بمثابة جزءاً من خطة سلام شاملة، ولدينا خريطة الطريق". وأكد ضرورة ان يتم اي انسحاب بشكل تنسيقي وليس من جانب واحد. من جانبه، أكد شالوم التزام بلاده عملية السلام و"خريطة الطريق" التي تعطلت على حد زعمه بعدم التزام الجانب الآخر، وقال: "اننا في حاجة لإقامة بنية اساسية للسلام تضمن تحقيق التفاهم بين شعوبنا". واشار الى أن اسرائيل لم تبلور بعد خطة نهائية ل"فك الارتباط من جانب واحد في غزة لانها تحتاج للتصديق عليها من الحكومة اولا". وقال ان ذلك سيتم بعد زيارة شارون لواشنطن نهاية الشهر الجاري، مشيرا الى اهمية لقاء شارون - قريع الثلثاء المقبل.