أثار إخلاء الشرطة البريطانية اسكتلانديارد سبيل المعتقلين البريطانيين الخمسة العائدين من غوانتانامو شكوكاً متزايدة في شرعية تعرضهم لمعاناة الاسر على ايدي القوات الاميركية، ما يمهد لطلبهم تعويضات، اضافة الى انعكاسات العروض التي انهالت عليهم من العالم لسرد شهاداتهم عن المعاناة التي تعرضوا لها داخل المعتقل. وترددت معلومات عن عزم العائدين من غوانتانامو على مقاضاة حكومتهم لتسترها على معاناتهم لدى زيارة عناصر من "اسكتلنديارد" المعسكر ومشاركتهم في الاستجواب هناك قبل التحقيق الذي أجري لدى وصولهم إلى لندن. أعلنت السلطات البريطانية أمس، إخلاء سبيل معتقلي غوانتانامو الأربعة المتبقين الذين كانت تستجوبهم شرطة مكافحة الإرهاب، مطلقة ألسنتهم ليسرد كل واحد منهم رواية اعتقاله الخاصة. ونقل الأسرى المحررون إلى وجهات لم يكشف عنها بعدما أفرجت عن احدهم في اليوم الأول لوصولهم. وكان آخر المفرج عنهم "ثلاثي تيبتون" رحول أحمد وآصف إقبال وشفيق رسول الذين غادروا سجن "بادينغتون غرين" قبل منتصف ليل اول من أمس. وجرى قبل ذلك بقليل إخلاء سبيل طارق درغول 26 عاماً الممرض القادم من بيثنال غرين شرق لندن. وقال الناطق باسمه ماكس كليفورد الذي حصل على حق نشر روايته: "سلامته العقلية في وضع حساس، كما كان يواجه صعوبة في السير"، بعد عامين أمضاهما في قفص، مشيراً إلى أنه "ليس في أحسن حال جسدياً". وولّد تدخل كليفورد بلبلة في وسط دور النشر المتعطشة لاحتكار قصص المفرج عنهم الأربعة الباقين. وتلقت العائلات عروضاً من العالم لنشر رواياتهم، وبلغت قيمة عرض حصل عليه درغول مساءاول من أمس، مئة ألف جنيه إسترليني 123 ألف دولار. وتتفاوض عائلات المحررين مع ستة وجوه إعلامية لبيعها حقوق رواياتهم، إلا أن أي اتفاق لم يعلن عنه حتى الآن. دعاوى قضائية وتشير التكهنات إلى أن المعتقلين السابقين سيسعون، إلى جانب بيع قصص احتجازهم، إلى رفع دعاوى قضائية للمطالبة بتعويضات عن احتجازهم لمدة طويلة من دون اتهام. وقال المحامي البريطاني ستيفن وات الذي مثل رسول وإقبال مركز الحقوق الدستورية ومقره الولاياتالمتحدة: "يؤكد ما حدث عبثية غوانتانامو التامة. لقد أمضوا عامين ونصف العام في ذلك السجن. وهي صورة زائفة تماماً للعدالة. أعتقد أن الحكومة الأميركية مدينة لهم في شكل ما، لكن قدرتهم على استرداد ذلك الدين مسألة أخرى". وسينصح البريطانيون الخمسة بالتزام الصمت وعدم التحدث إلى الإعلام عن غوانتانامو او عن سبب سفرهم الى افغانستان حيث اعتقلوا، وذلك حفاظاً على سلامتهم. وأبدت مصادر بريطانية قلقاً من أن يتسبب ذلك في توتر في العلاقات بين العاصمتين البريطانية والأميركية عند الكشف عن الأوضاع داخل معسكر غوانتانامو والطريقة التي جرى التعامل فيها مع الأسرى، مشيرة إلى توجه لمنعهم من الكلام في حال تبيّن أنهم سيتعرضون للإدارة الأميركية، التي قد تعدل عندها عن إطلاق سراح الأسرى الباقين. وما زال أربعة بريطانيين آخرين محتجزين في غوانتانامو ومن المرجح تقديمهم إلى المحاكمة وهم فيروز عباسي 23 عاماً ومعظم بيغ 36 عاماًً ومارتين موبانغا 29 عاماً وريتشارد بيلمر 23عاماً. وبلغ عدد الأسرى المفرج عنهم 88 من أصل 660 معتقلاً في الخليج الكوبي من بينهم سبعة روس وأربعة سعوديين وإسباني ودانماركي، لم يتحدث أي واحد منهم عن الوضع في المعتقل، ولو كان الإسباني عبدالرحمن أحمد قال إن الأميركي بروس سبرينغستين كان يحتجز في سجن انفرادي في شكل متكرر. وكان الإنكليزي جمال الدين حارث 37 عاماً المعتقل الذي أفرج عنه في اليوم الأول لوصوله، التقى أمس بعائلته في مكان سري. وقالت شقيقته ماكسين فيلدر أن لدى شقيقها "قصة مرعبة ليرويها". أما أسرة رحال أحمد فمنقسمة حول قبول العرض الذي تلقته. ويتفاوض والده رياسوذ أحمد مع عدد من برامج التلفزيون من بينها برنامج تريفور ماكدونالد على شاشة "آي تي في" البريطانية قيل إن قيمته بلغت 50 ألف جنيه، إلا أن أحد أبنائه نصحه بعدم التوقيع مع أي وسيلة اعلامية. وسمح للأسرى وهم في سجن "بادينغتون غرين" بمخابرة عائلاتهم. وقال شقيق طارق درغول أنه أكد له عدم وجود أي صلة له مع "القاعدة"، وان الحكومة تعرف ذلك. احتجاج أسترالي على صعيد منفصل، أعلن المحامي العسكري مايكل موري الذي يزور اديلايد في استراليا للاجتماع مع أسرة المعتقل ديفيد هيكس 28 عاماً، أن موكله يواجه محاكمة غير عادلة في غوانتانامو، بموجب نظام المحاكم العسكرية الأميركية المخصصة لغير الأميركيين الذين اعتقلوا خلال الحرب التي تقودها الولاياتالمتحدة ضد الإرهاب. وقال: "البريطانيون يقولون إن الأربعة الآخرين يحتاجون الى ان يحاكموا وفقاً لمعايير دولية أو أعادتهم إلى وطنهم. إذا حققوا ذلك فإن ديفيد هيكس يجب إن يستفيد من الإجراء نفسه". واعترفت استراليا بأن هيكس سيكون ضمن المجموعة الأولى التي ستواجه المحاكمة. ولم تحاول إعادته إلى الوطن لعدم إبرام قوانين مكافحة الإرهاب قبل عام 2002.