أنهى معرض مسقط الدولي للكتاب دورته التاسعة بإحصائية أفادت أن عدد الزائرين بلغ 750 ألفاً قصدوا مركز عمان الدولي للمعارض، وأن 50 ألفاً ودّعوه في يومه الأخير، ما دفع رجال الشرطة الى تنظيم السير في النقاط الموصلة اليه بسبب الزحام الكبير الذي اكتسح مواقف السيارات كافة وجعل من التفاؤل بمستقبل الكتاب أمراً واقعاً. المعرض بدأ بعاصفة من الجدل انطلقت من مقال كتبه الشاعر محمد الحارثي واتهم فيه ناشرين بأنهم مجموعة "أفاقين" يعرفون من أين تؤكل الكتف، واتهم المنظمين بمجاملة دور النشر "السطحية" كما سماها بمنحها حق الظهور في المقدمة، فيما توارت دور النشر المهمة في الصفوف الخلفية، اضافة الى غياب البرامج الثقافية. هذه القضية وجدت من يأخذ بخيوطها بين المثقفين العمانيين الذين وجدوا الباب مفتوحاً للجدل، مع بعد آخر جادت به قرائح ناشرين صبوا جام غضبهم على الشاعر محمد الحارثي متهمين قلمه بنثر السموم والأحقاد. وبرر مدير المعرض حسن محمد علي غياب البرامج لعدم وجود المكان المهيأ لاقامتها. لكن الجدل لم يمنع عشرات الآلاف من التوجه يومياً الى المعرض. وفيما رضي ناشرون بمستوى المعرض تنظيماً ومبيعاً، فإن آخرين اتهموا الجهات الحكومية العمانية بالمحاباة في عملية الشراء المؤسسي منوهين بأن مشكلة اصداراتهم تكمن في بعدها عن الجانب التربوي والجامعي الذي تنشده لجان الشراء في الوزارات والمؤسسات العلمية، وطالبوا بأن يكون هناك توزيع عادل كي "تعم الفائدة". مدير المعرض نفى في تصريح للحياة وجود محاباة لدور نشر على حساب أخرى في اختيار المكان، مشيراً الى أن ذلك يعود الى الأسبقية في استيفاء شروط الاشتراك في المعرض. وذكّر بأن عدداً من دور النشر ما كان لها ان تشارك بعد اغلاق الباب وانتهاء الوقت المحدد لتقديم الطلبات لولا تدخل النقابات في بلدانها. وقال حسن محمد علي ان السلبيات لا بد من وجودها، لكنها تناقش بوضوح وشفافية للخروج من مأزق الاستكانة الى الأخطاء وعدم الاعتراف بها، مشدداً على أن عدداً من دور النشر وجهت لها انذارات نتيجة الاخلال بقواعد التعامل مع المشتري ومن بين ذلك التلاعب بالأسعار. ويرى مدير المعرض أن الجموع من الزوار تؤكد نجاح المعرض، وهذه أنجح دوراته، ونأمل في تقديم دورة أفضل العام المقبل. الشاعر خالد المعالي صاحب منشورات "الجمل" اعتبر ان هناك فارقاً هائلاً بين بداية صلته بالمعرض سنة 1996 والعام الجاري بخاصة في مستوى الشراء والوعي في اختيار الكتاب. ووزّع هذا العام كتاب "الشخصية المحمدية" لمعروف الرصافي، ولكن من تحت الطاولة على رغم تأكيده أن أحداً لم يمنعه من بيع الكتاب، مشيراً الى عدد قليل من الكتب التي منعت، ومشيداً بمستوى الرقابة العمانية مقارنة بنظيراتها في الدول العربية. عصام أبو حمدان من دار "الساقي" رأى أن الاقبال عادي ويتجه نحو الأفضل، مشيراً الى ان كتابي ادونيس الأخيرين وجدا اقبالاً مميزاً من المثقفين العمانيين، لكنه أكد وجود اقبال اكثر على الكتب التربوية كون دار "الساقي" تتعامل مع كتب نخبوية الى حد ما، خصوصاً أن معظم زوار المعرض من الطلبة والمعلمين والأمهات اللاتي يبحثن عن الكتب التخصصية في مجالات محددة. لكن الروايات وجدت اقبالاً، والطلب على روايات احلام مستغانمي متواصل على رغم أنها ليست من منشورات "الساقي". في الجناح العماني لقي جناح مؤسسة عمان للصافة والأنباء تدافعاً كبيراً لشراء كتاب مترجم عن الروسية عنوانه "مصلح على العرش" يتناول شخصية السلطان قابوس، وفي الأيام الأولى نفدت النسخ، ما اضطر الناشر على طلب النسخ المرسلة للتوزيع في القاهرة. ويرى قارئ أن جميع الكتب تجد فيها من يساوم على القيمة الا هذا الكتاب الذي يباع بسعر 14 دولاراً أميركياً تقريباً. ومع أن المكتبات العمانية تعاني أزمة بسبب ضعف الاقبال عليها، الا أنها تجد في المعرض فرصة كبيرة لتسويق "بضائعها"، وكأنها غائبة عن الواقع في الزمن الفاصل بين معرض وآخر. وفيما اشتكى ناشرون من التدافع الهائل من طلبة المدارس الذين يزورون المعرض في حافلات يومياً، فإن ناشرين آخرين رأوا في ذلك غنيمة كبرى.