شهدت أسعار المواد الغذائية في السوق العراقية في الفترة الأخيرة قفزة كبيرة مع حلول مناسبة عاشوراء، حيث يزداد إقبال المواطنين على شراء الكثير من هذه المواد لإعداد مآدب الطعام وتقديم النذور التي اعتاد عدد كبير من العراقيين على القيام بها كل سنة. ويقول علي الجبوري، صاحب"مجمع البركة للمواد الغذائية"في منطقة الشورجة، التي تُعد أكبر المراكز التجارية في بغداد، ل"الحياة"، ان السوق تأثرت بالانخفاض المتواصل لسعر صرف الدولار، علماً ان معظم التحويلات من الخارج يتم بالعملة الأميركية. ويضيف ان توزيع وزارة التجارة العراقية الحصة التموينية الشهرية بصورة منتظمة، ومن دون تأخير، يؤدي إلى توازن في سوق المواد الغذائية واستقرار أسعارها،"لكن التأخير الذي يحصل حالياً"وعدم انتظام توزيع بعض المواد الغذائية المدرجة ضمن البطاقة التموينية الشهرية، علاوة على تقليل كميات الرز والسكر ومساحيق الغسيل، في الوقت الذي يزداد طلب التجار والزوار الايرانيين عليها، ولدت"ارتفاعا هائلاً"في الأسعار. وأشار الجبوري على سبيل المثال، إلى ان سعر مسحوق الغسيل ارتفع من 7 آلاف دينار للكيس الواحد زنة 20 كيلوغراماً إلى 20 ألف دينار، فيما ارتفع سعر كيس الرز من ماركة"آر"التايلندي المنشأ زنة 50 كيلوغراماً من 11 ألف دينار إلى 17 ألف دينار للكيس الواحد. كما زاد سعر كيس الحمص زنة 50 كيلوغراماً الأميركي المنشأ من 20 ألف دينار إلى 25 ألف دينار. ويقول التجار ان الظاهرة اللافتة هي ان معدل المبيعات اليومي ارتفع حالياً إلى ضعف الكمية المباعة سابقاً. وخلال شهري محرم وصفر، يتزايد الطلب كل سنة في العراق على المواد الغذائية بشكل ملفت للنظر. ويحدث هذا الإقبال الشديد بسبب قيام المواطنين العراقيين، خصوصاً الشيعة منهم، بإعداد النذور خلال هذين الشهرين. ويضيف التجار ان الإقبال السنة الجارية تجاوز بأربعة أضعاف ما كان عليه العام السابق، جراء الحرية التي باتت متاحة في ممارسة الشعائر الدينية للعراقيين والتي حُرموا منها طوال السنوات السابقة. وكانت البطاقة التموينية عملت طوال الفترة الماضية على تثبيت توازن دخل الأسر العراقية، التي تعتمد غالبيتها على البطاقة التموينية، لسد حاجاتها من المواد الغذائية، بدلاً من الشراء من السوق التجارية. ويشير محلّلون إلى انه على رغم ان الوضع المعيشي قد تحسن، إلا انه"زاد أيضاً من تطلعات السكان"الذين يأملون في قيام وزارة التجارة بتحسين نوعية المواد الغذائية المدرجة في البطاقة التموينية وإضافة مواد جديدة إليها مثل معجون البندورة الطماطم واللحوم والبيض والألبان. وقال كريم جدوع حسين، صاحب"مكتب كريم لتجارة المواد الغذائية"في بغداد، ل"الحياة"ان تجارة المواد الغذائية بصورة عامة"شهدت تحسناً كبيراً"في الأسعار بسبب استقرار نسبي للبطاقة التموينية، فضلاً عن عامل أساسي وهو تحسن القدرة الشرائية للمواطن العراقي بعد ارتفاع دخله، وهو أمر"انعكس على مجمل الحياة الاقتصادية في العراق". ويلفت المراقبون إلى ان هناك عاملاً آخر يتدخل أحياناً للتلاعب في أوضاع السوق، حيث يعزو عدد من تجار المواد الغذائية في بغداد أسباب ارتفاع أسعار هذه في بعض المناسبات إلى صعوبة التنقل بين المحافظات، بسبب أعمال السلب والنهب الحاصلة على الطرق الخارجية، لا سيما على طريق بغداد - البصرة، التي تعتبر أحد منافذ دخول المواد الغذائية إلى البلد.