كشف نبيل ابو ردينة، مستشار الرئيس ياسر عرفات، ان الجانب الاسرائيلي طلب تأجيل اللقاء بين رئيسي الوزراء الفلسطيني احمد قريع والاسرائيلي آرييل شارون اسبوعين آخرين، وذلك خلال الاجتماع الذي عقد بين مديري مكتب الرجلين الاربعاء. ويعد هذا التأجيل اشارة جديدة الى عدم جدية الطرف الاسرائيلي في استئناف الاتصالات مع الفلسطينيين واصرار شارون على المضي قدماً في فرض تسوية من طرف واحد للصراع الفلسطيني - الاسرائيلي، وهو تحديداً ما حذر منه الناطق باسم البيت الابيض الاميركي ريتشارد باوتشر الذي اعلن بشكل مفاجئ وصول نائب شارون الوزير ايهود اولمرت الى واشنطن في اطار المساعي الاسرائيلية لتمهيد الطريق امام زيارة شارون المرتقبة الى العاصمة الاميركية "لاقناع" ادارتها ب"قبول" خطته احادية الجانب "للانفصال عن الفلسطينيين"، فيما يعد شارون نفسه للمهمة نفسها على الجبهة الداخلية. أكدت مصادر اسرائيلية ان وفداً اميركياً سيصل الى تل ابيب الاسبوع المقبل للاطلاع على "تفاصيل خطة شارون لاخلاء المستوطنات" في قطاع غزة على الارض قبل عودة مدير مكتب رئيس الوزراء دوف فايسغلاس من زيارات مكوكية بين تل ابيب وواشنطن للتحضير لزيارة شارون نهاية الشهر الجاري او مطلع الشهر المقبل. وذكرت المصادر ان وزير التجارة والصناعة، نائب رئيس الوزراء الاسرائيلي ايهود اولمرت سيلتقي خلال زيارته لواشنطن، بالاضافة الى وزير الخارجية كولن باول، مستشارة الامن القومي الاميركي كوندوليزا رايس لتسويق خطة شارون في ما يتعلق باخلاء قطاع غزة من الاحتلال الاسرائيلي والمستوطنات. "غزة في مقابل الضفة" وحسب مصادر اسرائيلية، يسعى شارون الى اقناع الادارة الاميركية بقبول انسحاب اسرائيلي من قطاع غزة في مقابل موافقة اميركية على مواصلة احتلال الجزء الاكبر من الضفة الغربيةالمحتلة. واشار المحلل السياسي الاسرائيلي المعروف الوف بن في هذا السياق الى ان شارون "مستعد لدفع ثمن اخلاء المستوطنات في غزة في مقابل الموافقة الاميركية على مواصلة اسرائيل سيطرتها على جزء كبير من الضفة .. حتى يتوافر شريك فلسطيني للمفاوضات". واوضح المحلل الاسرائيلي في مقال حمل عنوان "غزة في مقابل الضفة" ان سلسلة الخطط التي اعلنها شارون بدءاً من "تكثيف الاستيطان" في العام 1977 ومروراً ب"ضم الاراضي الواردة في مشروع الون الامني" في العام 1988 وحتى "خريطة الغيتوات" في العام 1994 و"التسوية الموقتة طويلة الأمد" في 2001 و"الجدار الفاصل" وصولاً الى "خطة فك الارتباط مع الفلسطينيين" يجمعها قاسم مشترك وهدف واحد: احتفاظ اسرائيل ب"المناطق الامنية" في غور الاردن وغرب نابلس وحبس الفلسطينيين في جيوب ظهر جبال الضفة، اي الاحتفاظ بالمناطق المرتفعة لضمان السيطرة العسكرية الاسرائيلية. ويشارك وزير الدفاع الاسرائيلي شاؤول موفاز رئيس وزرائه في هذا الشأن اذ اعلن تأييده خطة شارون بالانسحاب من القطاع، وذلك في مقابلة صحافية مع صحيفة "يديعوت احرونوت" العبرية. موفاز: إخلاء المستوطنات امن لاسرائيل ونسبت الصحيفة الى موفاز قوله ان "خطة فك الارتباط مع الفلسطينيين جيدة وإخلاء القطاع يمنح سكان اسرائيل أمناً أكبر"، مضيفاً انه "في غياب شريك فلسطيني للمفاوضات حان الوقت لأخذ المبادرة ومنح أمل للاسرائيليين". وكشفت الصحيفة ان موفاز كان الوزير الوحيد الذي "اطلع على سر" شارون في شأن اخلاء المستوطنات وانه جرى بحث خطته بشكل ثنائي بينهما في ثلاث اجتماعات اخيراً. وبدا ان رفض شارون الاجتماع مع نظيره الفلسطيني احمد قريع خلال اللقاء التحضيري الذي جرى بين ممثليهما الاربعاء، ينسجم واستراتيجيته التي تقضي بتغييب "الشريك الفلسطيني" للدفع اميركياً واسرائيلياً نحو تطبيق خطته من دون التفاوض مع الفلسطينيين او الاتفاق معهم في شأن تسوية نهائية يريد ان ينفرد في رسم تفاصيلها على الارض. وفي هذا السياق، اكد نبيل ابو ردينة مستشار الرئيس الفلسطيني ان فايسغلاس طلب من الوفد الفلسطيني الذي التقى به والمؤلف من الوزيرين حسن ابو لبدة وصائب عريقات إرجاء موعد الاجتماع بين قريع وشارون اسبوعين آخرين. وصرح ابو ردينة بأنه "حتى اللحظة اسرائيل غير جاهزة وغير مستعدة لا لخريطة الطريق او غيرها ... لم يخرج الاجتماع التحضيري الذي جرى الاربعاء سوى عن طلب اسرائيل تأجيل موعد اللقاء بين رئيس الوزراء الفلسطيني وشارون". واتهم الجانب الاسرائيلي بالتهرب من تنفيذ الالتزامات وعقد لقاءات مع المسؤولين الفلسطينيين، مشيراً الى ان ذلك يؤكد عدم جدية اسرائيل "على رغم ادعاءاتها باخلاء مستوطنات والقيام بمبادرات". ونفى مكتب شارون من جهته الاتهامات الفلسطينية. وجاء في بيان رداً على تصريحات ابو ردينة ان الطرف الاسرائيلي طلب عقد لقاء "تحضيري" آخر لاجتماع قريع - شارون الاسبوع المقبل، غير ان الطرف الفلسطيني اوضح ان المسؤولين الفلسطينيين "لن يكونوا في البلاد في هذه الفترة"، علماً ان قريع سيقوم بجولة في عدد من العواصم الاوروبية بدءاً من منتصف الشهر الجاري. وكانت واشنطن ضغطت بشدة على الجانب الفلسطيني للتسريع في عقد اللقاء، الا ان الارجاء، وبحسب ابو ردينة، جاء من الجانب الاسرائيلي الذي ابلغ اميركيا بموافقة قريع عقد اللقاء بأسرع وقت ممكن. موعد اخلاء المستوطنات وعلى الجبهة الداخلية الاسرائيلية، اختلف المسؤولون الاسرائيليون في شأن موعد بدء تنفيذ خطة اخلاء المستوطنات في قطاع غزة، ففي حين رجح موفاز ان الانسحاب لن يتم قبل نهاية العام الحالي تشرين الثاني او كانون الاول، رأى اولمرت انه سيجري منتصف العام. وكان شارون نفسه اعلن ان اخلاء المستوطنات سيستغرق نحو عامين. ويسعى شارون الى تجنيد تأييد الشارع الاسرائيلي لخطته في ضوء تعاظم المعارضة لها في صفوف حزب "ليكود" الحاكم الذي يتزعمه، وتصاعد وتيرة "التهديدات" على حياته من اليمين المتطرف الذي يمثله المستوطنون المعنيون مباشرة بعملية اخلاء المستوطنات في قطاع غزة. وكشف مقربون من شارون نيته اجراء استفتاء عام غير ملزم ولا يتطلب تشريعاً خاصاً من الكنيست في ايار مايو المقبل. ونقل عن هؤلاء امكان إرجاء هذا الموعد حتى الصيف اذا ما استدعت ذلك ظروف اجرائية. واشارت الصحف الاسرائيلية الى ان شارون سيتمكن من الحصول على تأييد ما بين 70 الى 80 في المئة من الاسرائيليين في حال اجراء هذا الاستفتاء، مبرزة نتائج استطلاعات الرأي الاخيرة التي اشرف على بعضها المستوطنون انفسهم. ولم يسقط شارون امكان اجراء استفتاء بين المنتسبين لحزب ليكود 250 الف للضغط على وزرائه من الحزب، اذ يفكر بعضهم في "الانشقاق" عن الحزب على خلفية خطة شارون الانسحاب من القطاع.