كاليفورنيا، تلك القطعة الذهبية التي أبهرت العالم بمفاتنها وطبيعتها الملونة وتضاريسها المتنوعة، تتفوق على بقية الولايات الأميركية بعدد من الامتيازات، فهي أكبرها مساحة وأكثرها جذباً للسياح، وهي فضلاً عن هذا وذاك عاصمة السينما الأميركية التي ألهبت عقول الناس منذ السنوات الأولى لانطلاقة هوليوود السينمائية. إلاّ أن لكاليفورنيا موقعاً آخر في نفوس الأميركيين وربما غيرهم من البشر، فهي الأرض التي أغنت المستقبل الأميركي منذ أن بدأت إشعاعات "المعدن الأصفر" تنبعث من بين صخور جبالها ورمال صحرائها ومياه أنهارها، فأحدثت انقلاباً هائلاً في نظام الاستيطان في عموم أراضي كاليفورنيا عندما اندلعت "حمى الذهب" من مرتفعات وصحارى "سان دييغو" و"سييرا نيفادا" و"جبال روكي". ولم يتوقف سيل الانجذاب الى كاليفورنيا، هذه البقعة الواقعة في غرب الولاياتالمتحدة وتنبسط أراضيها على مياه المحيط الهادئ، فإلى جانب كونها كنز الأميركيين من حقول المعدن الأصفر، فقد شكّلت كذلك ذخيرة هائلة للاقتصاد الأميركي مع اكتشاف حقول النفط الهائلة التي ما زالت تعطي الجزء الأكبر من الإنتاج النفطي الأميركي. اكتشفت كاليفورنيا باكتشاف الذهب العام 1542 على يد الاسباني جوان كابريلو الذي كان أول من وضع قدميه على أرض سان دييغو، التي أطلق عليها هذا الإسم طبقاً لإسم جزيرة جاء ذكرها في إحدى الروايات الاسبانية. ومنذ ذلك الوقت وحتى القرن الثامن عشر إمتدت المستعمرات الاسبانية على طول شواطئ الباسفيك وصولاً الى المكسيك. لكن الأميركيين من أصل ايرلندي وانكليزي بدأوا يسيطرون وبشكل ناجح على عموم الشاطئ الغربي إلى أن أصبحت كاليفورنيا الولاية الحادية والثلاثين بين الولايات الأميركية. كاليفورنيا ولاية كبيرة وجذابة، تمتاز بتنوع تضاريسها وجمال مرافقها السياحية المختلفة، وتشتهر بمنتزهاتها الضخمة. أما المدن المعروفة فيها مثل لوس انجليس أو سان فرانسيسكو فتتعدد فيها المباهج وتتألق في أجوائها المرافق السياحية الجذابة للغاية. ربما تكون الشوارع والأزقة الضيقة في لوس انجليس أكثر لفتاً للنظر من ناطحات السحاب. ففي هذه المدينة المفتوحة التي تتمتع بحرية مطلقة تشاهد صورتين مختلفتين للملمح الاميركي، فهي مدينة الغنى والازدهار العالي، ولكنها أيضاً تكتظ بالأحياء الشعبية الفقيرة. انه عالم المال وعالم الافلاس في آن واحد. غير أن هذا لا يلغي الطابع العام المزدهر الذي تعيشه مدن كاليفورنيا، والذي رفد صناعة السياحة بمستلزمات التفوق الواضحة التي ميزتها عن غيرها من الولايات. ومعرفة المرافق السياحية في كاليفورنيا تحتاج الى المزيد من الوقت، ولا يكفي أسبوع كامل للإلمام بهذا الكم الكبير. المنتزه الوطني وسهول الموت المجاورة تحتاج الى ثماني ساعات من المشي، وهذه فترة طويلة يمكن تقليصها طبقاً لبرنامج الزائر. وربما تحتاج هوليوود الى المزيد من الوقت، لأنها تضم مفاتن السينما العالمية، وقد يطمح الزائر في لقاء أحد النجوم، أو ربما يلتقي صدفة بالممثل أرنولد شوارزنيغر الذي اصبح أخيراً حاكماً لولاية كاليفورنيا، لكنه لم ينقطع حتى الآن عن زيارة استوديوهات هوليوود. يقصد لوس انجليس سنوياً ملايين السواح. أعداد غفيرة منهم يقصدون هوليوود بحثاً عن السر الذي سيطر على عقولهم منذ الصغر. وفي سان فرانسيسكو يوجد أكبر سجن في العالم: "الكاتراز"، الذي استقبل اشهر المجرمين الأميركيين ومن بينهم آل كابوني. ويشير أرشيف السجن الى وقوع 14 محاولة هروب فاشلة. وفي سان فرانسيسكو أيضاً "جسر البوابة الذهبية" الذي يعد واحداً من أشهر الجسور في العالم، ويمتد بطول 1260 متراً على خليج سان فرانسيسكو. والعبور عليه ليس مجانياً، لكنه يوفر للزائر فرصة الإطلالة على بانوراما المدينة التي تمتاز بجمال رائع. كثيرة هي المرافق الجمالية السياحية في كاليفورنيا، ويكفي انك تتمتع بدفء اجوائها، ففيها الصحراء اللاهبة والمدينة ذات الطقس الهادئ، ومياه المحيط الهادرة وإن كان بعضهم ينصح بعدم السباحة لوجود أسماك القرش المفترسة. كاليفورنيا قطعة مدهشة من الارض الطافحة بالجمال، المليئة بالمرافق الجذابة التي تدخل المتعة الى قلب الزائر. وفضلاً عن السياحة والتسوق، هناك مجالات للاستثمارات المالية والتجارية المختلفة. لكن تبقى ميزتها الاساسية انها افضل الولايات الاميركية من الناحية السياحية.