يغادر وزير الدفاع الكويتي الشيخ جابر مبارك الصباح الى أوروبا الغربية الأحد المقبل، في جولة تتضمن اهم الدول الاعضاء في الحلف الأطلسي وهي بريطانياوفرنسا وايطاليا. وتسبق الجولة زيارته الأكثر أهمية للولايات المتحدة في 20 آذار مارس، وخلالها سيُعلن رسمياً ان الكويت حليف للولايات المتحدة خارج "الناتو". وتأتي الجولتان في ظل نقاش داخل الحكومة الكويتية حول استراتيجية الدفاع عن الكويت في فترة ما بعد سقوط صدام حسين، خصوصاً مع اكتناف الغموض مستقبل العراق على المدى الأبعد وكذلك عدم وضوح الخطط الاميركية تجاه ايران ودول اخرى في المنطقة، بالتالي صعوبة تحديد طبيعة الاخطار التي يمكن ان تهدد الكويت. وعكس الشيخ جابر قبل ايام استمرار هواجس كويتية تجاه العراق، حتى مع اختفاء النظام البعثي، وقال لصحافيين رافقوه في جولة تفقدية صباح عيد الأضحى انه يتمنى ألا يسعى العراقيون الى اعادة بناء جيش كبير يهدد دول الجوار. ورأى ان العراق يحتاج الى جيش بحجم اصغر و"ذي طبيعة دفاعية" لحفظ أمنه وحدوده، "لئلا تتكرر أخطاء الماضي". واستبعد ان تقلل الكويت جهودها في بناء قواتها المسلحة مع زوال نظام صدام، وقال: "جيشنا سياج الوطن وهو لم يبن للعراق فقط بل لتوفير الأمن لنا". وسيطلب الشيخ جابر قريباً من مجلس الأمة البرلمان تمديد موازنة خاصة اقرت عام 1994 لتعزيز مشتريات القوات المسلحة باثني عشر ألف مليون دولار، ولم يبق منها الا 800 مليون. وكانت وزارة الدفاع عقدت خلال التسعينات صفقات مهمة تضمنت 240 دبابة من طراز "م 1 ابرامز" و48 مدفع ميدان ذاتي الحركة من نوع "بالادين" و16 مروحية "أباتشي" و16 مروحية نقل من طراز "بلاك هوك" و6 بطاريات "باتريوت" للدفاع الجوي، وهذه الأسلحة من الولاياتالمتحدة التي كان لها نصيب الأسد من التعاقدات. ومن بريطانيا اشترت الكويت نحو 300 عربة قتال من نوع "وورير" ومنظومة صواريخ مضادة للسفن، كما انشأت بريطانيا مرافق تدريبية مهمة، منها معهد لضباط الأركان، أما فرنسا فكان نصيبها محدوداً جداً اذ تمثل بستة زوارق بحرية. ومع روسيا ابرمت الكويت صفقة ب800 مليون دولار، وصفها نواب معارضون بأنها "غامضة" وتضمنت معدات مثل عربة القتال "بي م بي 3" وراجمة صواريخ أرض - أرض من نوع "سميرش" مداها 70 كيلومتراً. واثارت مشتريات الكويت من روسيا ثم الصفقة التي ابرمت مع الصين وتضمنت مدافع "هاوتزر" من عيار 155 ملم انتقادات اميركية، اذ قال الاميركيون ان ادخال الكويت منظومات دفاع شرقية التصميم سيجعل انسجام الوحدات الكويتية التي تستخدمها مع حليفتيها الاميركية والبريطانية صعباً خلال العمليات المشتركة. لكن الكويتيين تجاهلوا هذه الانتقادات، وقالوا ان من مصلحتهم تنويع مصادر السلاح، وقيل ايضاً ان للصفقات مع موسكو وبكين فوائد سياسية مهمة للكويت. وأثار عدد من الصفقات الغربية والشرقية جدلاً واسعاً بين مجلس الأمة ووزارة الدفاع، خصوصاً في الفترة التي سبقت تولي الشيخ جابر المبارك هذه الحقيبة عام 2001، اذ اثير لغط كبير حول صفقة صواريخ "سي سكوا" البحرية البريطانية الصنع، ثم تكرر الأمر ذاته مع صفقة مدافع "بالادين" الاميركية، وكذلك مع الصفقة "الغامضة" مع روسيا. وفي كل الحالات اشتبه النواب في أن عمولات كبيرة دفعت واستفاد منها متنفذون، وهو ما نفته الحكومة بشدة، وشدد الشيخ جابر المبارك في تصريحات صحافية على انه أوكل أمر مشتريات الدفاع الى لجان من الضباط، تصدر قراراتها على اساس فني بحت، وانه لا يسمح بصفقات لا تقرها هذه اللجان. ويتوقع ان تكون مهمة وزارة الدفاع في الحصول على مزيد من الأموال لمشتريات السلاح غير سهلة، اذ ان البرلمان الذي ما زال نوابه يمطرون الوزارة بالأسئلة حول نفقاتها سيقاوم بشدة هذا الانفاق الجديد، ويطالب بإصلاحات كثيرة في المؤسسة العسكرية. كما سيطرح أسئلة حول استراتيجية الدفاع عن الكويت في فترة ما بعد صدام، وهي الأسئلة التي لا تزال الحكومة ذاتها تبحث عن أجوبة لها. يضاف الى ذلك ان نظام الخدمة العسكرية جُمد قبل سنتين بعدما أثبت عقمه، اذ لم تستكمل الوزارة استحداث النظام البديل. ولعل سقوط صدام سيعزز مطالبات بعضهم بالاستغناء كلياً عن ذلك النظام، وهو ما لا توافق عليه الوزارة.