أكد وزير الخارجية البريطاني جاك سترو أمس أن لجنة التحقيق في قضية أسلحة الدمار الشامل العراقية لن تشمل تهمة "تلاعب" الحكومة بمعلومات الاستخبارات عن هذه الأسلحة. وقال إن لا علاقة للتحقيق بقرار شن الحرب الذي اتخذ بناء على انتهاك النظام العراقي قرارات الأممالمتحدة. وفي واشنطن، شدد أعضاء الكونغرس الديموقراطيون في رسالة الرئيس جورج بوش على ضرورة أن تكون لجنة التحقيق في الثغرات المتعلقة بمعلومات الاستخبارات عن أسلحة الدمار الشامل العراقية "مستقلة فعلاً"، وطالبوه بعدم تشكيل اللجنة بمرسوم رئاسي وتسمية أعضائها. في غضون ذلك، دعت روسيا إلى افساح المجال للمفتشين الدوليين لاستئناف عملهم في العراق، مشددة على أن مجلس الأمن هو الجهة الوحيدة المخولة اغلاق ملف الأسلحة العراقية، وأكدت أنها اتفقت مع الأممالمتحدة على ضم خبراء روس إلى فرق التفتيش الدولية. اعلن وزير الخارجية البريطاني جاك سترو امس، تشكيل لجنة مستقلة للتحقيق في المعلومات التي قدمتها الاستخبارات قبل الحرب على العراق، لكنه اكد ان التحقيق لن يشمل جوانب تناولها اللورد هاتون في تقريره، لجهة الاشتباه في "تلاعب" حكومة توني بلير بتقارير الاستخبارات لتبرير شن الحرب. كما دافع سترو وبلير عن قرار الحكومة شن الحرب، معتبرين ان لا علاقة للتحقيق بهذا القرار الذي اتخذ بناء على "انتهاك" بغداد قرارات الاممالمتحدة. وأوضح سترو ان اللجنة ستؤلف من خمسة اشخاص هم وزير سابق ورئيس الاركان السابق وعضوان رفيعا المستوى في مجلس العموم البرلمان وموظف حكومي سابق، ويشارك فيها حزب المحافظين الذي أيد قرار الحكومة خوض الحرب. ولكن حزب الديموقراطيين الأحرار المعارض امتنع عن المشاركة، لأن التحقيق لن يشمل القرار السياسي بالذهاب الى الحرب. وقال سترو إن عمل اللجنة سيكون مماثلاً للجنة فرانكس التي حققت في فشل الاستخبارات البريطانية في توقع اجتياح الارجنتين جزر الفوكلاند عام 1982. واضاف انها ستأخذ في الاعتبار عمل لجان التحقيق السابقة في ملف اسلحة الدمار الشامل العراقية، والتي يبلغ عددها ثلاثاً. وجاء حديث سترو بعد اعلان بلير أمس امام اعضاء في مجلس العموم، نية حكومته تشكيل اللجنة. وقال رئيس الوزراء ان حكومته تنوي تشكيل لجنة تحقيق مستقلة بالاتفاق مع الحزبين المعارضين، الديموقراطيين الأحرار والمحافظين، لكنه اكد ان التحقيق لن يطاول "القرار السياسي بالذهاب الى الحرب" على العراق أو "إعادة اطلاق لتقرير اللورد هاتون" في شأن "انتحار" خبير الاسلحة ديفيد كيلي، والذي برأ حكومته وقدم "هيئة الاذاعة البريطانية" بي بي سي كبش فداء. وأصر بلير على عدم قبول حكومته استنتاجاً بعدم صواب شن الحرب، اياً تكن استنتاجات اللجنة. واوضح امام نواب في مجلس العموم خلال مناقشات ان عدم العثور على الاسلحة العراقية المحظورة "لا يقوض الأساس القانوني للحرب وهو انتهاك العراق قرارات الاممالمتحدة". وذكر بلير انه "مندهش الى حدّ كبير" من الشكوك التي اثيرت حول نتائج تحقيق هاتون في ملابسات انتحار كيلي. وأشاد رئيس الوزراء بعمل اجهزة الاستخبارات البريطانية، قائلاً انها تؤدي "عملاً رائعاً لخدمة مصالح بريطانيا". ويرأس اللجنة اللورد باتلر الوزير السابق في حكومة جون ميجر المحافظة، كما تضم النائب المحافظ مايكل مايتس اضافة الى رئيس لجنة الاستخبارات والامن في مجلس العموم آن تايلور والموظف الحكومي السابق السر جون شيلكوت، ورئيس الاركان السابق اللورد اينج. الى ذلك، واجه اعلان الحكومة تشكيل اللجنة انتقادات من معارضيها، خصوصاً لجهة اقتدائها بالمثال الأميركي في هذا الشأن. وقالت كلير شورت الوزيرة البريطانية السابقة التي استقالت من حكومة بلير احتجاجاً على قرار المشاركة في الحرب: "انه امر مهين ان نصبح صدى للولايات المتحدة مرة اخرى". وكان بلير صرح قبل الحرب بأن ترسانة الرئيس السابق صدام حسين "آخذة في النمو" وان العراق يشكل "خطراً آنياً". لكن ديفيد كاي الرئيس السابق للمفتشين الأميركيين أحدث ثغرة في القضية التي ساقتها الولاياتالمتحدةوبريطانيا ضد العراق، حين أعرب عن اعتقاده بأن العراق لا يملك اي اسلحة محظورة، وقال: "كلنا تقريباً اخطأنا" حين افترضنا ذلك. ودفعت تصريحات كاي الرئيس جورج بوش الى اتخاذ قرار بتشكيل لجنة مستقلة تحقق في معلومات الاستخبارات عن العراق قبل الحرب. وقال وزير الخارجية البريطاني السابق روبن كوك: "سيكون أمراً مشيناً اذا حمّلت اجهزة الاستخبارات مسؤولية قرار سياسي... نعلم انه لم تكن هناك اسلحة دمار شامل ولم يكن هناك تهديد من العراق كما نعرف أننا اخطأنا". وسلّطت الصحف البريطانية الأضواء على اللورد باتلر الذي سيرأس لجنة التحقيق، مشيرة الى انه سينظر اليه باعتباره شخصية تمثل السلطة والمؤسسة الحاكمة. لكن صحيفة "ذي تايمز" لاحظت إنه ليس وثيق الصلة ببلير او "العمال الجدد"، خصوصاً ان المستشارين في حكومة بلير اثاروا توتراً واسعاً داخل جهاز الخدمة المدنية في بريطانيا. وكان اللورد باتلر سكرتيراً لحكومة جون ميجر عندما شكلت لجنة القاضي سكوت للتحقيق في مخالفات مبيعات الأسلحة الى بغداد اثناء الحرب العراقية الايرانية في الثمانينات. وحقق باتلر ايضاً في الفضائح المالية والاخلاقية لبعض الوزراء في حكومة ميجر، بينهم جوناثان اتكنز الذي كان وزيراً للخزانة. وترى "ذي تايمز" ان اختيار اللورد باتلر يثير ارتياحاً لدى رجال الاستخبارات البريطانية لانه رأس اللجنة الدائمة حول اجهزة الاستخبارات، وكان خلال تلك الفترة يطلع على تقارير الاستخبارات التي ترسل الى رئيس الوزراء. وكتبت صحيفة "فايننشال تايمز" ان لجنة التحقيق توجه انتقاداً الى اجهزة الاستخبارات، لأنها كانت تقدم الى الوزراء نتائج محددة جداً واخفقت في أن تعكس الفجوة القائمة في المعلومات "الخام" حول اسلحة الدمار الشامل العراقية. في كانبيرا، اعترفت الحكومة الاسترالية بأن المعلومات الاستخباراتية عن اسلحة الدمار الشامل العراقية "قد لا تكون مثالية"، لكنها رفضت تشكيل لجنة مستقلة للتحقيق في المسألة. واوضح رئيس الوزراء جون هاورد ان التحقيقات يمكن ان تثبت ان اجهزة الاستخبارات اخطأت في شأن هذه الاسلحة، لكنه اعتبر ان اي حديث يصف تقاريرها بأنها "مفبركة" غير دقيق. روسيا تطالب باستئناف عمل المفتشين الدوليين وكان القائم بأعمال رئيس لجنة التفتيش "انموفيك" ديميتروس بيريكوس أجرى محادثات في موسكو مع نائب وزير الخارجية الروسي يوري فيدوتوف تركزت على الاوضاع في العراق، وأكد الطرفان في مؤتمر صحافي على ضرورة عودة المفتشين الدوليين الى العراق، واعتبر فيدوتوف ان على المجتمع الدولي انهاء التناقض القائم حالياً. واشار الى ان العقوبات التي كانت مفروضة على نظام صدام حسين رفعت فيما برح ملف الاسلحة مفتوحاً. وشدد على ان الجهة الوحيدة المخولة انهاء الجدل القائم حالياً حول الاسلحة العراقية هي مجلس الأمن، مشيراً الى ضرورة العودة لمناقشة هذا الملف بعد تسلم تقرير نهائي من لجان التفتيش الدولية. وأعرب عن أمل بلاده في ان توفر واشنطن معلومات وافية للمفتشين وتفسح المجال أمامهم لمواصلة مهماتهم. ولفت إلى أن التطورات الأخيرة في العراق أظهرت صحة الموقف الروسي الذي دعا الى حل المشكلة العراقية سياسياً. وقال ان تقرير ديفيد كاي الذي رأس لجنة اميركية لم يكن مفاجئاً لروسيا التي تأكدت عبر قنواتها الخاصة "حتى قبل اندلاع الحرب بخلو العراق من اسلحة الدمار الشامل". من جهته، أشار بيريكوس الى ان المفتشين الدوليين لم يحصلوا على أي معلومات من قوات التحالف حول النشاط الموجه للبحث عن اسلحة محرمة، واضاف ان الفرق الدولية، تواصل استعدادها للعودة الى العراق، وكان الطرفان اعلنا في ختام المحادثات عن التوصل الى اتفاق على ضم خبراء روس الى فرق التفتيش الدولية وذكر بيريكوس انهم سيقومون بمساعدة اللجان الدولية في المهمات المعلقة منذ رحيل المفتشين عن العراق قبيل بداية الحرب. لجنة التحقيق الاميركية وأكد زعماء المعارضة الديموقراطية ضرورة ان تكون لجنة التحقيق في الثغرات المتعلقة بالمعلومات عن اسلحة الدمار الشامل في العراق "مستقلة فعلاً". وقال زعيم الاقلية الديموقراطية في مجلس الشيوخ توم داشل "من المهم بالنسبة الينا ان تكون اللجنة التي ستحقق في اسلحة الدمار الشامل العراقية مستقلة فعلاً". وعبّر عن أسفه لأن بوش "سيقوم على ما يبدو بتسمية أعضاء اللجنة وتحديد شكلها وحتى إطارها وشروط عملها". وكان بوش أكد الاثنين أنه "سيشكل لجنة مستقلة تضم اعضاء من الحزبين لتحليل الوضع وما يمكننا ان نفعله لمكافحة الارهاب بشكل افضل". وفي رسالتهم طلب القادة الديموقراطيون من بوش "تسليم الكونغرس نص تشكيل لجنة مستقلة فعلاً للبحث في جمع وتحليل وتوزيع المعلومات الاستخباراتية في العراق واستخدامها". واضافوا "يجب ان نعرف ما اذا كان مسؤولون في الادارة خدعوا الكونغرس والشعب في طبيعة التهديد العراقي".