اعتبر السيد مشعان الجبوري، رئيس حزب "الوطن" العراقي انه إذا لم تتدخل الاطراف المعنية ليكون العراق مستقلاً ومستقراً ولعقد مؤتمر للمصالحة الوطنية الحقيقية على غرار مؤتمر الطائف فإن الحرب الأهلية "قد تحدث في أي لحظة". وأكد ان شعور فريق كبير من العراقيين بالاقصاء والاستبعاد والغبن يزيد من احتمالات هذا الانفجار. ودعا الى اعتماد البطاقة التموينية المستندة الى الوثائق الموجودة لدى الأممالمتحدة في اجراء الانتخابات، من دون اشراك "الملايين الذين قدموا من خارج الحدود". وفي ما يأتي نص الحديث: في الساحة السياسية اكثر من 300 حزب يدعون تمثيل العراقيين، ولكن عندما وقعت أزمة حقيقية حول شكل الدولة الجديد، بدا رجال الدين المحاور الوحيد، ومجلس الحكم في الوسط. كيف تفسر هذا الأمر؟ وهل لهذه الأحزاب دور حقيقي على الساحة؟ - أولاً إذا كان هناك 300 حزب، فالكثير منها عبارة عن دكاكين لأن ليس في العراق اليوم جهة تجيز الأحزاب. وهذا التعدد في الأحزاب لا يمثل المجتمع العراقي. أما في ما يتعلق بالدور البارز للمرجعيات الدينية فلأسباب تتعلق بجوهر الفقه الشيعي. هذا الوضع كان يثير القلق في العراق سابقاً، وكانت الدولة تتسابق لتجعل من الحزب والقائد والبعث المرجعية التي يتم اللجوء اليها لحل كل المشاكل. ولهذا السبب يشعر الناس بالحرية اليوم في العودة إلى مرجعياتهم الدينية. ومن أسباب هذا الدور أيضاً العامل الإيراني لأن كل النشاط السياسي يتأتى من الدعم المالي واللوجيستي الإيراني للمؤسسات الدينية وللأحزاب الإسلامية التي تواليها. وفي مواجهة هذا الوضع فإنه، حتى السيد السيستاني الذي كان يقول قبل سنتين إنه لا يجوز للجانب الديني أن يتدخل بالسياسة، نراه اليوم يتدخل في السياسة. أما على صعيد أهل السنة فهناك محاولات لتشكيل مجلس العقد والربط ليحاولوا من خلاله أن يجعلوا لأنفسهم مرجعية. ولأن ليست هناك مرجعية موحدة فإن هناك مساعي حقيقية لتشكيل مرجعية سياسية. وفي نهاية الشهر الجاري ستعقد النخب العربية السنية المتمثلة بالمفكرين والسياسيين ورجال الدين وزعماء القبائل وكبار ضباط الجيش اجتماعاً في اربيل بضيافة الأخ مسعود البارزاني وبدعوة منه. وأعتقد أن الهدف من ذلك هو محاولة تشكيل موقف سياسي سني موحد من قضية المصالحة الوطنية. وحتى في ظل غياب المرجعية السياسية فإن كل السنة يجمع على مطلب واحد هو المصالحة الوطنية. إذا حدثت انتخابات جزئية في المناطق الشيعية، هل يؤدي ذلك إلى انقسام ما يجعل السنة والأكراد والبعثيين السابقين يتقاربون لتشكيل كتلة موازية؟ - نحن مع الانتخابات، لكن الأهداف تختلف عن أهداف إخواننا الشيعة، ونحن ضد الانتخابات إذا أرادوا أن يشركوا فيها الملايين الذين قدموا من خارج الحدود اليوم في ظل غياب الأرقام الحقيقية للإحصاء السكاني. نحن مع اعتماد القرص المدمج للبيانات لدى الأممالمتحدة المتعلق بالبطاقة التموينية لأن هناك بطاقة تموينية أيضاً جرى تشغيلها الآن، ولكن أصدق الوثائق والأوراق والمستندات هي تلك التي في حوزة الأممالمتحدة والخاصة بالبطاقة التموينية. إذا أجريت انتخابات وفق هذه البطاقة، سنؤيد هذه الانتخابات بصورة كاملة، أما في حال غياب هذه البطاقة فإننا سنعتقد أن الانتخابات لم تكن نزيهة وأن الإحصاء لم يكن نزيهاً. وفي ظل هذا الغياب فأن موضوع الانتخابات ما زال موضوعاً غير واضح. وأعتقد أيضاً أن الأخوان الأكراد يشعرون الآن بخيبة أمل من الشيعة، لأن في كل اجتماعات المعارضة العراقية منذ عام 1990 كان هناك حلف بين الأحزاب الكردية والأحزاب الإسلامية الشيعية، ووصل هذا الحلف إلى اتفاق استراتيجي بين "الاتحاد الوطني الكردستاني" و"المجلس الأعلى للثورة الإسلامية"، مكن الأخير منذ ذلك الوقت من إرسال قوات "بدر" إلى محافظة السليمانية. والأكراد اليوم يشعرون بخيبة أمل وبأن الحركات الإسلامية الشيعية نكثت بوعودها مع الأحزاب الكردية حول الفيديرالية. نحن نعتقد اننا في حاجة الى ألا نجعل أي طائفة أو قومية تمتلك الأكثرية في العراق. ولو حدث وتركت الأمور لغلبة مجموعة سياسية أو طائفة لتدعي أو تفرض أمراً واقعاً لتحقيق غالبية فأنا أعتقد أن الأمور ستصل إلى مراحل بالغة الخطورة في العراق. ولا أخفي أن السنة يسعون الآن إلى التعاطي مع الأكراد ومع المسيحيين والتركمان والوطنيين الشيعة مع البعيدين عن الحركات الاسلامية لتشكيل قاعدة عريضة تقوم على أساس عدم جعل أي طرف يتمتع بالغالبية. نحن في العراق من مصلحتنا أن تبقى كل مجموعة تعتقد انها في حاجة إلى الطرف الآخر والمجموعة الأخرى، ولهذا السبب ما تقوله صحيح، هناك مساعٍ حقيقة، بدأت من الاكراد وفي اجتماع الذي دعا اليه السيد جلال طالباني في قصر المؤتمرات، وفي الاجتماع الذي سيعقد الشهر الجاري في اربيل واعتقد ان هناك الآن نشاطاً كبيراً لتشكيل مثل هذا التحالف. أكراد مع السنة مع البعث؟ - أنا اعتقد أن لا أحد يريد ان يعمل تحت عنوان البعث. لكن ليست هناك اليوم عائلة سنية ليس بها بعثي، أو عائلة سنية ليس لها ابن ضابط في الأمن أو في الاستخبارات أو في الجيش من كبار قادة الجيش. ولذلك كنا نفسر، وما زلنا، ان الذين اتخذوا قرار اجتثاث البعث وحل الجيش وحل الأمن والاستخبارات إنما هم مفترون كانوا يريدون اقصاء العرب السنة عن العملية السياسية في العراق. نحن سنعود أو سيعود هؤلاء الناس تحت عناوين سياسية، قد لا يتاح للبعثيين ان يعودوا تحت عنوان "حزب البعث العربي الاشتراكي" مع أن من حقهم أن يعملوا تحت عنوان "حزب البعث العربي الاشتراكي" في ظل عملية سياسية ديموقراطية حقيقية مثلما أتيح للاحزاب الشيوعية أن تفعل في رومانيا وتشيخيا وروسيا، وفي كل الدول التي كانت تعيش في ظل أنظمة مستبدة أكثر سوءاً من نظام صدام حسين. ونحن إذا كنا سنسمح للبعثيين وضباط الجيش والأمن والاستخبارات وكل الذين كانوا محسوبين على السلطة السابقة من غير المتورطين بجرائم، فإن هذه المسألة سينظر فيها القضاء ليكون هو الذي يسمح لهؤلاء بالمشاركة. وهنا من المفيد القول إن السنة لن يشتركوا في العملية السياسية المقبلة من دون ان يسمح لكل هؤلاء بالاشتراك بالعملية السياسية. هل هناك خوف من حرب طائفية في العراق؟ - هناك كل المبررات لحرب طائفية. لكن كيف تبدأ الحروب؟ الحروب تبدأ عندما تحدث عملية قتل أو تفجير تكون سبباً لحرب طائفية. واعتقد ان الذين قتلوا السيد محمد باقر الحكيم كانوا يريدون حرباً طائفية، لكن عائلة الحكيم والمجلس الأعلى للثورة الاسلامية تصرفا بقدر كبير من المسؤولية والاخلاق وحافظا على الوحدة الوطنية وتجنبا استغلال هذه الحادثة في إشعال حرب اهلية. وكل ما يجري في شوارع بغداد من عمليات قتل لضباط الأمن السابقين ومسؤولي الحزب السابقين وشخصيات سنية وبعض رجال الدين والهجوم على المساجد وتغير الهويات هذه كلها أسباب تدفع باتجاه حدوث حرب أهلية. وإذا لم تتدخل الاطراف المعنية ليكون العراق مستقلاً ومستقراً ولعقد مؤتمر للمصالحة الوطنية الحقيقية على غرار مؤتمر الطائف فإن الحرب الأهلية قد تحدث في أي لحظة. أما أن نضحك على بعضنا بعضاً تحت عناوين الوحدة الوطنية والايمان بوحدة العراق، لأننا لا نريد ان نقيم العدوانية والطوائف إلى اخره من مسميات فأعتقد ان مثلما كان النظام السابق مستبداً ويحكم العراق ويتحكم بكل طوائفه وقومياته تحت عناوين المشروع القومي فإن الآخرين اليوم يحاولون أن يستولوا على كل شيء بدعوى أنهم يريدون العراق موحداً تحت عناوين المشروع الوطني. وهذه القضية لن تنجح اليوم لأن هناك فريقاً عراقياً كبيراً يشعر بأنه مستبعد ومقصى ويشعر بالغبن. وهذا الوضع يهدد بالانفجار في أي لحظة.