وسط مؤشرات الى "صفقة" مع الديموقراطيين لانقاذ الرئيس جورج بوش من تداعيات فضيحة الاسلحة العراقية وحظوظه في الانتخابات، اعلن بوش أمس أنه سيشكل لجنة مستقلة من الحزبين الجمهوري والديموقراطي للتحقيق في تقارير الاستخبارات في شأن امتلاك العراق اسلحة دمار شامل، والتي استخدمت اميركياً وبريطانياً في تبرير الحرب. وانعكس قرار البيت الابيض على رئيس الوزراء البريطاني توني بلير الذي يخضع اليوم للاستجواب امام لجنة برلمانية في الموضوع ذاته. كما اعلن مكتب رئيس الوزراء انه سيعلن "قريباً" تشكيل لجنة تحقيق للرد على "اسئلة مشروعة" تتعلق بالفشل في العثور على اسلحة دمار شامل في العراق. راجع ص 2 وجاء ذلك بعدما دعا زعيم حزب المحافظين البريطاني مايكل هوارد الى تشكيل لجنة مستقلة للتحقيق في معلومات الاستخبارات قبل الحرب، على غرار قرار الادارة الاميركية. وقال بوش عقب لقاء في البيت الابيض مع كبار المسؤولين في الادارة انه سيختار لجنة التحقيق هذا الاسبوع لمراجعة المعلومات الاستخباراتية التي جمعت قبل الحرب، علماً بأن الرئيس سيختار عدداً من اعضاء اللجنة المؤلفة من تسعة اشخاص، في حين تختار قيادات الكونغرس بقية الاعضاء. وأفاد مسؤول اميركي ان اللجنة ستشكل من خبراء في الاستخبارات واعضاء سابقين وحاليين في الكونغرس. وجاء قرار بوش الموافقة على تشكيل لجنة التحقيق المستقلة في اطار صفقة ابرمها البيت الابيض مع المعارضة الديموقراطية في الكونغرس تضمن عدم نشر نتائج تقرير اللجنة الى ما بعد الانتخابات الرئاسية في تشرين الثاني نوفمبر المقبل. وتفادى بوش الرد على سؤال هل عليه السماح باعلان نتيجة التحقيق قبل الانتخابات، ليتمكن الاميركيون من تحديد موقفهم من ادارته. وقال: "اريد اولاً ان اعرف ما حدث بالضبط"، في اشارة ضمنية الى ان قراره كشف نتائج التحقيق سيعتمد على مضمونه. واضاف انه واثق بأن "نظام صدام حسين كان يشكل خطراً على العالم كما كان يشكل خطراً على شعبه... فهو قتل الآلاف... وعلينا ان ننظر في مسألة اسلحة الدمار الشامل في اطارها الاوسع". وابلغ مسؤول في الادارة "الحياة" إن من الطبيعي ألا يسمح لمشكلة تتعلق بمعلومات اوردتها الوكالات الاستخباراتية ان تُستغل للإضرار بالحملة لإعادة انتخاب بوش. واشار الى انه ليس بالامكان الموافقة على لجنة التحقيق اذا لم يوافق الكونغرس على ان لا تؤثر نتائجها في الحملة الانتخابية. وكشف ان الرئيس اجرى اتصالات بعدد من اعضاء الكونغرس حول تعيين اعضاء اللجنة من الحزبين في اسرع وقت ممكن. وقال بوش انه سيلتقي قريباً الرئيس السابق للمفتشين الاميركيين في العراق ديفيد كاي. وفي حال تبين ان المعلومات الاستخباراتية لم تكن من المستوى الذي يمكن الاعتماد عليه، قد يؤدي ذلك الى تقويض عقيدة "الضربة الوقائية" التي تبنتها الادارة بعد هجمات 11 ايلول سبتمبر 2001. وكان كاي ابلغ لجنة الاستخبارات في مجلس الشيوخ الاسبوع الماضي ان فريقه لم يعثر على اسلحة دمار شامل، وانه لا يعتقد بوجودها، داعياً الى التحقيق في هذا الشأن. لكنه اعتبر ان الرئيس الاميركي ليس مسؤولاً عن هذا الخطأ بل الاستخبارات التي اعدت التقارير. وقال مسؤولون في الادارة ان الرئيس يريد ان تبحث لجنة التحقيق في ما يمكن عمله لضمان عدم تكرار الاخطاء، على ان تقدم اللجنة تقريرها في الفترة الممتدة بين اوائل العام المقبل ومنتصفه. واضافوا ان المسألة تتعلق بصدقية الولاياتالمتحدة في سعيها الى الحصول على تعاون دولي للحد من خطر اسلحة الدمار الشامل التي تملكها "دول تدعم الارهاب". وفي لندن، اعلنت رئاسة الوزراء ان بلير سيكشف قريباً خطته للاجابة عن اسئلة مشروعة تتعلق بعدم عثور المفتشين على اسلحة الدمار الشامل. واكد الناطق باسم بلير ان هناك حاجة الى مقارنة عدم العثور على هذه الاسلحة بتقارير الاستخبارات قبل الحرب على العراق. ورفض اعطاء تفاصيل في شأن اطار التحقيقات، مشيراً فقط الى اعلانها اليوم على الارجح.