قال"بنك الكويت الوطني"إنه على رغم ارتفاع الطلب الحقيقي على الدولار، إلا ان رغبة كل المضاربين مجتمعة ضمنت أن تكون دعوة الدول الصناعية السبع من أجل مرونة أسعار الصرف فهمها الجميع بلا استثناء على أنها دعوة من أجل دولار أضعف. وأضاف البنك في تقريره الاسبوعي أن الانتعاش الاقتصادي في الولاياتالمتحدة يسير حثيثاً، على رغم بعض القلق بخصوص الوظائف، لافتاً الى أنه على رغم ان بعض البيانات الاقتصادية التي صدرت الأسبوع الماضي فاقت توقعات الاقتصاديين، الا انها لم تصل الى درجة الإيحاء بتغيير قريب في السياسة النقدية المتبعة. وزاد ان بيع اليورو القوي يوم الجمعة الماضي يعتبر بشكل عام نوع من تعديل المراكز وعمليات جني الأرباح الطبيعية بعد أسابيع من شراء الأسواق له، لافتاً الى أنه من المتوقع أن يعاود اليورو ارتفاعه في المدى المتوسط مقابل الدولار بعد أن يتم نفض الغبار عن العملة الأوروبية. وفي ما يأتي ما ورد في التقرير: شهدت الأسواق ركوداً شديداً في بداية الأسبوع الماضي جعل توقع ما آلت إليه نهاية الاسبوع يوم الجمعة من تقلبات حادة ضرباً من الخيال. فبعد أحداث 11 أيلول سبتمبر كان أي نوع من التحذير ضد الإرهاب دائماً ما يؤدي إلى انخفاض قيمة الدولار. ولكن يوم الجمعة، حين رفعت اليابان من مستوى التحذير الأمني، زاد طلب الأسواق مجتمعة على الدولار بشكل مفاجئ، ما جعل الين ينخفض لأدنى مستوى له منذ ثلاثة شهور. وكانت العملات ذات المردود العالي، التي كانت الأكثر استفادة في الأسابيع الأخيرة هي التي منيت بأكبر خسارة. ولم تهز قوة الدولار أسواق العملات فحسب، بل أدت إلى خفض أسعار الأسهم والذهب والنفط بشكل حاد. وهمشت بيانات التضخم الأميركية لدرجة كبيرة. وفي بداية الأسبوع، أفادت الخزانة الاميركية بأن المستثمرين الأجانب واصلوا استثمارهم الواسع في الأوراق المالية الأميركية مسجلين 75.7 بليون دولار من التدفق الصافي إلى الولاياتالمتحدة في شهر كانون الأول ديسمبر. وعلى الرغم من أن ذلك كان أقل بقليل من الرقم التي تمت مراجعته لشهر تشرين الثاني نوفمبر والبالغ 87.5 بليون دولار، فقد بقي التدفق الصافي أعلى بكثير من مستوى الاستثمارات المنخفض في الشهرين المنصرمين. وكانت الأسواق قلقة في شأن قدرة الولاياتالمتحدة على تمويل العجز في الحساب الجاري. وأشارت آخر البيانات إلى أن الهوة في الحساب الجاري تم ردمها بشكل كاف جداً، وذلك لأن إجمالي صافي التدفقات قد ارتفع من 575 بليون دولار عام 2002 إلى 708 بلايين دولار عام 2003، وهو رقم قياسي. فلم استمر الدولار بالتدهور؟ على رغم ارتفاع الطلب الحقيقي على الدولار، فإن رغبة كل المضاربين مجتمعة ضمنت أن تكون دعوة الدول الصناعية السبع من أجل مرونة أسعار الصرف قد فهمها الجميع بلا استثناء على أنها دعوة من أجل دولار أضعف. وفي تلك الأثناء، استعاد الانتاج الصناعي الأميركي قوته، إذ ارتفع بنسبة 0.8 في المئة في شهر كانون الثاني يناير الماضي بعد أن كان معدل شهر كانون الاول ديسمبر مخيباً للآمال. وارتفع استخدام السعة الإنتاجية من النسبة المعدلة البالغة 75.6 في المئة في شهر كانون الاول إلى نسبة 76.2 في المئة في كانون الثاني. وأظهر مسح"إمباير ستايت"المهم والذي صرح به بنك الاحتياط الفيديرالي في نيويورك، أن نشاط التصنيع في منطقة نيويورك كان كبيراً، اذ ارتفع من 38.9 في شهر كانون الأول إلى 42.1 في كانون الثاني. ومن الواضح أن هذا دليل آخر على أن الانتعاش الاقتصادي في الولاياتالمتحدة يسير حثيثاً، على رغم بعض القلق بخصوص الوظائف. وعزز هذا التفاؤل توقع صادر عن الجمعية الوطنية لاقتصادات قطاع الأعمال تتوقع نسبة نمو تبلغ 4.6 في المئة سنة 2004 بعد أن كانت التوقعات في الشهور القليلة الماضية تشير إلى 4.5 في المئة. وتجدر الإشارة إلى أن نظرة شمولية إلى عام 2003 تفيد بارتفاع النشاط الصناعي بنسبة 0.2 في المئة وهو فرق شاسع مقارنة بنسبة انخفاض مقدارها 0.6 في المئة عام 2002. وارتفعت أسعار المستهلك في الولاياتالمتحدة بنسبة 0.5 في المئة في كانون الثاني، وهو مستوى لم نشهده منذ شباط فبراير عام 2003. وارتفع الرقم الأساسي، الذي يستثني الأغذية وأسعار الطاقة، بنسبة 0.2 في المئة. وفاق كلا الرقمين توقعات الاقتصاديين، ولكن ليس لدرجة الإيحاء بتغيير قريب في السياسة النقدية المتبعة. وبالفعل، فقد قال حاكم بنك الاحتياط الفيديرالي بن برنانك إن هذه البيانات أظهرت أن التضخم سيبقى على الأرجح منخفضاً هذه السنة. وكان الارتفاع الحاد في مجمل المؤشر"بالشكل الأكبر"نتيجة قفزة في أسعار الطاقة التي ارتفعت بنسبة 4.7 في المئة. وانخفضت الطلبات الأولية للبطالة الأسبوع الماضي بمقدار 24 ألف طلب لتصل الى 344 ألف طلب، وذلك بانخفاض التسريحات المرتبطة بالطقس. وعادة ما تشير طلبات البطالة المنخفضة بهذه النسبة إلى ارتفاع في الوظائف غير الزراعية يصل إلى 250 ألفاً في الشهر، ولكن النمو الشهري في الوظائف بلغ 70 ألفاً منذ تشرين الثاني. ومع ذلك، فقد بدا رئيس مجلس الاحتياط الفيديرالي البنك المركزي الاميركي الان غرينسبان متفائلاً بالنسبة لسوق العمل بعد تصريحه"بأننا شهدنا إشارات مشجعة أخيراً على أن سوق العمل تتحسن". وقال مجلس المؤتمرين، وهو مجموعة أهلية للأبحاث، إن مؤشره المكون من أهم المؤشرات الطليعية ارتفع بنسبة 0.5 في المئة في كانون الثاني ليصل إلى 115 نقطة. وقد كان هذا أكبر ارتفاع منذ تشرين الأول اكتوبر الماضي، وعمل على زيادة التأكيد بأن بداية سنة 2004 قد تشهد نهوضاً قوياً لاقتصاد الولاياتالمتحدة. وانخفض معدل البدء بالإسكان بنسبة 7.9 في المئة في كانون الثاني، وذلك للمرة الأولى منذ خمسة شهور، بسبب الطقس البارد الذي حد من رواج سوق الإسكان. ولكن من المرجح أن يكون الطلب على المساكن شديداً على رغم أنه قد لا ينمو أكثر من المعدلات المرتفعة الحالية. أوروبا منطقة اليورو في شهادته أمام برلمان الاتحاد الأوروبي كرر رئيس البنك المركزي الأوروبي جان كلود تريشيه نظرته، مؤكداً على أن الدول ال12 في منطقة اليورو ما زالت سائرة نحو نمو اقتصادي تدريجي، كما عاد وكرر تأكيده على أن التقلبات الزائدة في أسواق الصرف ليس مرغوباً فيها - لكن هل من مستجيب؟ فقد كان تريشيه نفسه أعطى ما يكفي من المؤشرات سابقاً على ان أسعار الفوائد الحالية هي عند مستوياتها المناسبة، ما جعل الأسواق تعتقد أن البنك المركزي الأوروبي سيتجاهل النداءات لوقف ارتفاع اليورو عن طريق خفض أسعار الفوائد. ومع كون أسعار الفوائد الرسمية في أوروبا تمثل ضعفي أسعار الفوائد الأميركية ومع تأكيد مجلس الاحتياط الفيديرالي على نيته أن يكون صبوراً في إبقاء أسعار الفوائد عند مستوياتها المتدنية منذ أكثر من أربعة عقود عند واحد في المئة، فلا بد أن تكون منحازة لصالح اليورو. والملفت للنظر هو أن غرينسبان نفسه كان قال سابقاً إن مستويات أسعار الفائدة الحالية تعتبر مناسبة ونتج عن ذلك بيع الدولار بعد تصريح غرينسبان ذلك. إن بيع اليورو القوي يوم الجمعة الماضي يعتبر بشكل عام نوعاً من تعديل المراكز وعمليات جني الأرباح الطبيعية بعد أسابيع من شراء الأسواق له. أما على صعيد البيانات الاقتصادية فقد تباطأ معدل النمو الاقتصادي في منطقة اليورو في الربع الاخير من العام الماضي مع ارتفاع اليورو الذي بدأ بإيذاء بعض المصدرين الأوروبيين. وكان اليورو ارتفع لمستويات قياسية عليا عند مستوى 1.2927 دولار قبل أن يتم بيعه. وسيكون تركيز الأسواق هذا الأسبوع على مؤشرات الثقة، إذ من المتوقع أن يتم نشر بيانات معهد"أيفو"الألماني لمناخ قطاع الأعمال ومؤشر الثقة للمعهد الوطني للإحصاء الفرنسي ومؤشر الثقة الاقتصادي التابع للمفوضية الأوروبية هذا الأسبوع. ومن المتوقع أن يعاود اليورو ارتفاعه في المدى المتوسط مقابل الدولار بعد أن يتم نفض الغبار عن العملة الأوروبية. المملكة المتحدة ارتفع الجنيه الإسترليني إلى أعلى مستوى قياسي له منذ أحد عشر عاماً أمام الدولار يوم الخميس الفائت عندما تم تداوله عند مستوى 1.9140 دولار بعد نشر دقائق اجتماع لجنة السياسة النقدية التابعة لبنك إنكلترا المركزي. ويبدو أن اللجنة بأعضائها التسعة صوتت بالإجماع لصالح رفع أسعار الفائدة بنسبة ربع في المئة عندما اجتمعت يوم الرابع والخامس من شباط الجاري، كما تبين أن اللجنة كانت قلقة من احتمالات ارتفاع معدل التضخم في جو من انتعاش الاقتصاد العالمي والمحلي. ويبدو أن الأسواق باتت تعتقد أن معدل التضخم سيصل إلى نسبة اثنين في المئة المستهدفة في نهاية فترة العامين المقررة من قبل لجنة السياسة النقدية. وعلى رغم أن بعض أعضاء اللجنة كان أبدى قلقه من ارتفاع الجنيه الإسترليني السريع جداً خلال الأسابيع القليلة الماضية، إلا أن الأسواق المالية تحتاج إلى أكثر من إبداء القلق من قبل حفنة من صناع السياسة النقدية لعكس المسار الحالي لصالح الجنيه، خصوصاً مع وجود عامل فروقات أسعار الفوائد الذي يتمتع به المستثمرون حالياً. وعلى رغم بيع الجنيه بقوة يوم الجمعة الماضي بعد التدافع على جني الأرباح، الا ان ذلك لم يفاجئنا كون أن الجنيه كان ارتفع من دون توقف لأيام عدة. ومن الجدير ذكره أن الجنيه ما زال محافظاً على مكاسبه مقابل اليورو. إن البيانات الاقتصادية المتوقع إعلانها هذا الأسبوع ستشمل إجمالي الناتج المحلي للربع الرابع ومؤشر ثقة المستهلك الأوروبي لمجموعة"جي أف كي"الألمانية للأبحاث السوقية المرموقة. ولن يتفاجأ أحد في الأسواق أن تم تدفق الأموال باتجاه الجنيه الإسترليني بعد أن يتم الإعلان عن هذه المؤشرات. اليابان بعد أن استمر تداول الدولار مقابل الين ضمن نطاق ضيق لعدة أيام، كان استحقاق الارتداد التقني قد نضج وجلّ ما احتاجه هذا الارتداد هو ظهور ما يحفز هذا الارتداد، وبالفعل فقد تم ذلك عن طريق رفع درجة الحذر الأمني في اليابان. وكانت الأسواق وقتها أيضاً تعبت من عناد بنك اليابان المركزي الذي وقف بثبات ضد المضاربين في الأسواق، ولذلك فعندما أعطيت الإشارة التقنية للأسواق تكاثرت الجموع التي اشترت الين سابقاً للخروج منه. وارتفع الدولار الى أعلى مستوى له منذ ثلاثة شهور ويبدو انه على استعداد ليختبر مستوى المقاومة الأساسي عند 109.65 ين. في هذه الأثناء تم الإعلان عن نمو الاقتصاد الياباني في الربع الأخير من عام 2003 بنسبة سبعة في المئة وهو أعلى رقم نشهده لإجمالي الناتج المحلي الياباني منذ 13 عاماً وسيكون هذا عاملاً كافياً لاستمرار تدفق الأموال صوب اليابان من قبل كثير من المستثمرين. وكان مؤشر"نيكاي"للأسهم اليابانية ارتفع بنسبة 21 في المئة منذ عام نتيجة التدفق المالي القوي تجاه اليابان. لذلك فالمتوقع أن يعاود استمرار بيع الدولار مقابل الين باتجاه 101 إلى 102 بعد أن تستوعب الأسواق حقيقة أن التهديدات الإرهابية ضد اليابان لا تختلف بشيء عن التهديدات التي تواجه الولاياتالمتحدة منذ شهور. ولا نستطيع في هذه العجالة أن ننسى أن الولاياتالمتحدة ترغب في أن تكون الأسواق هي التي تحدد قيم العملات وأن اليابان كانت واحدة من الدول التي تم اتهامها من قبل اجتماع الدول الصناعية السبع في دبي في أيلول الماضي لكونها أبقت عملاتها ضعيفة من خلال تدخلها في أسواق الصرف.