أفضل ما يطلق على المشهد الذي عرفه طريق الملك فيصل في المنامة ما بين الثانية ظهراً والخامسة من مساء أول من أمس، هو ان نجاح الجولة الثالثة من بطولة العالم لسباقات سيارات فورمولا واحد المقررة في الرابع من نيسان ابريل المقبل على حلبة البحرين الدولية... مضمون 100 في المئة. فحضور نحو 20 ألف متفرج لمتابعة مهرجان "عيش فورمولا واحد" الذي نظمته المملكة بهدف تعريف المواطنين والمقيمين على ماهية سباقات فورمولا واحد ومدى إثارتها ومتعتها وتجاوب الجماهير معها، خير دليل على ان الأخيرة تنتظر بفارغ الصبر وبلهفة وشوق إنطلاقة أول سباق عالمي من هذا النوع في الشرق الأوسط... والجميل جداً ان الحضور جمع بين كل صنف ولون، فلم يفرق بين رجل وأمرأة ومن كل الاعمار والجاليات الموجودة على أرض البحرين. الجميع جاؤوا ليعشوا ثلاث ساعات مع برنامج حافل تضمن الكثير من الفقرات المثيرة، لكنهم أبدوا حماسة فوق الوصف عندما قاد السائق السويسري الشاب نيل يوني سيارة فريق ساوبر بتروناس لسباقات فورمولا واحد بسرعة بلغت 360 كلم في الساعة... وأيضاً لبراعة السائق الاماراتي محمد بن سليم بطل الشرق الأوسط للراليات 14 مرة في تحريك مشاعرهم من خلال "حركاته" الساخنة التي ألهبت حماستنا جميعاً. أن تسمع عن حدث ما أو تقرأ عنه أو حتى تراه على الشاشة الصغيرة، فهذا شيء... أما ان تعيش في قلب الحدث فعلاً فذلك شيء آخر تماماً. المشهد الذي عاشته "الحياة" أول من أمس على شارع الملك فيصل بين فندقي شيراتون وريجنسي انتركونتيننتال كان خارقاً للعادة، فالجماهير تقاطرت على موقع الحدث بالآلاف من الساعة العاشرة صباحاً على رغم أنه لن يبدأ قبل الثانية ظهراً... فالجميع حريصون على الحصول على مقعد أو موقع "متميز" من أجل متابعة هذا الحدث "المتميز" من أفضل وضعية ممكنة. حضور من كل صنف ونوع: كبار وصغار، شباب وشابات، مواطنون ومقيمون وضيوف انصهروا في بوتقة واحدة أقل ما يطلق عليها هو "فورمولامانيا"... أو حمى حب رياضة السيارات. المكان يعج بالمارة والجلوس واللافتات الدعائية واعلام مملكة البحرين وسباق فورمولا واحد، والمنظمون يتحركون في كل مكان سعياً وراء تقديم كل الخدمات المرجوة من قبل الحشود التي وصلت الى المكان المخصص لمهرجان "عيش فورمولا واحد". لم يقصر أحد في واجباته، ولم يترك شيئاً للصدفة... فكان التنظيم في قمة الاتقان... ولقد حظي من حضر اللقاء بالعرض الخاص الذي قدمته اللجنة المنظمة على بطاقات دخول جائزة البحرين الكبرى لطيران الخليج، إذ تقرر بيع بطاقة الايام الثلاثة التي تشمل التجارب غير الرسمية والرسمية وأحداث السباق، بسعر بطاقة دخول السباق فقط... ما أدى الى ارتفاع نسبة المبيعات خلال المهرجان. الشيخ فواز بن محمد آل خليفة رئيس مجلس إدارة حلبة البحرين الدولية، كان من بين أول الحاضرين الى الموقع، وهو رحب بالنيابة عن جميع أفراد عائلة حلبة البحرين الدولية بحضور مهرجان "عيش فورمولا واحد"، مؤكداً ان "هذا الحدث اتاح للكثيرين رؤية سيارة فورمولا واحد عن قرب للمرة الأولى، وإدراك مدى أهمية هذه الرياضة التي تحتل مكانة متميزة على مستوى العالم، وهو ما سيدفع الجميع الى التطلع بشوق لجائزة البحرين الكبرى لطيران الخليج وهو الحدث الأول من نوعه في منطقة الشرق الأوسط". وأوضح ل"الحياة" أنه "خلال الأربعة عشر شهراً الماضية لم تهدأ حركة العمل في حلبة البحرين الدولية حيث قام فريق من المهندسين والفنيين بالعمل في موقع الحلبة في شكل متواصل ليل نهار، كي تكون جاهزة في الموعد المحدد وهو في السابع من الشهر المقبل. لقد رأيتم الحلبة وشاهدتم كيف ان الارادة تحقق المعجزات بعدما صار كل شيء جاهزاً تقريباً في منطقة الصخير المقامة فيها الحلبة، واعتقد انكم لمستم مدى الجهد الكبير المبذول حتى تصبح الحلبة مركزاً إقليمياً لرياضة السيارات في منطقة الشرق الأوسط. نحن لم ننشئ الحلبة من أجل البحرين وحدها، وانما لخدمة أشقائنا العرب وأصدقائنا في هذه المنطقة المهمة من العالم". واضاف الشيخ نواف بن محمد آل خليفة "سباق جائزة البحرين الكبرى لطيران الخليج، سيكون حدثاً رياضياً عالمياً سيؤدي إلى الترويج عن البحرين والمنطقة من خلال الجمهور المتابع لهذا الحدث في كل انحاء العالم، وهو يقدر بنحو 300 مليون مشاهد. لقد فكرنا في اقامة مهرجان "عيش فورمولا واحد" حتى نقرب الجميع من قلب الحدث وأهمية الفرصة المتاحة لهم بمعايشة كل الاثارة والمتعة من خلال هذا المهرجان أولاً، ومن ثم في الجولة الثالثة من بطولة العالم. وفي رأيي ان النجاح الكبير الذي تحقق من خلال المهرجان سيكون له أثره الفاعل على زيادة الاقبال على حضور السباق والتعلق أكثر بأحداث منافسات فورمولا واحد". وحول ما إذا كان قرار الاتحاد الدولي اقامة جائزة البحرين الكبرى لطيران الخليج في شهر نيسان ابريل بدلاً من تشرين الأول أكتوبر كما كان متوقعاً قد اثر في الاعداد لهذا السباق، أوضح الشيخ فواز بن محمد آل خليفة انه "كان من المقرر ان تنظم الصين الجولة الثالثة في نيسان، لكنها تأخرت في انشاء الحلبة فتم استبدال الجولات بيننا وبينهم. ولا أخفيك سراً إذا قلت لك أن هذا أفضل كثيراً بالنسبة إلينا. فالجولة الثالثة ستقام في فصل الربيع حين يكون المناخ في البحرين أكثر اعتدالاً، كما انها تتصادف مع اعياد الربيع وما يتبع ذلك من اجازات في أوروبا والشرق الأوسط ما يعني امكان حضور عدد أكبر من المتفرجين للاستمتاع بالسباق والتعرف على الاصالة والعراقة والكرم البحريني في آن... كما لا يجب ان ننسى انه في حال اقامة السباق في شهر تشرين الأول كان سيتعارض مع شهر رمضان المعظم في العام المقبل مما يصعب تنظيمه في هذا الوقت... نيسان أفضل لنا من كل الجوانب. على أي حال، نحن مستعدون تماماً لاقامة الحدث في توقيته الجديد وكل الترتيبات اللازمة لذلك دخلت حيز التنفيذ منذ فترة طويلة وصارت جاهزة". وأكد "ان الفوائد التي ستجنيها البحرين من وراء تشييد هذه الحلبة واستضافة إحدى جولات بطولة العالم كثيرة جداً وهي دعائية واقتصادية وسياحية واجتماعية، وستدخل المملكة في نظام اقتصادي أكثر قدرة على مواجهة متطلبات العصر الذي نعيشه الآن. حلبة البحرين الدولية ستشكل مورداً مهماً لنا، وستعمل على تنشيط حركة الطيران والفنادق والمبيعات فضلاً عن تعريف العالم بالوجه الحضاري للشعب العربي وتغيير المفهوم الخطأ السائد عنا في الغرب... فإقامة مثل هذا الحدث العالمي تأكيد على اننا شعوب تحب السلام وتنبذ الارهاب بكل أنواعه". أحداث المهرجان تضمن المهرجان فقرات كثيرة متنوعة بدأت بعرض لنادي "هارلي ديفيدسون" للدراجات النارية، إذ قدم نحو خمسين دراجاً عرضاً لمختلف "اجيال" هذه الدراجة النارية الشهيرة. ثم جاء دور السباق بين سيارتي "ميني كوبر"، ثم منافسات خاصة جداً لسيارات ال"كارت" قبل ان يبدأ السائق السويسري نيل يوني استعراضه الرائع. وقام يوني 19 عاماً على متن سيارة فريق ساوبر بتروناس، وهو سائق التجارب في الفريق، بخمس جولات على المسافة المقررة وسط حماسة جماهيرية رهيبة مصحوبة بصرخات وآهات المعجبين بهدير السيارة والسرعة الفائقة التي انطلقت بها. وهو رأى أن "هذه التجربة كانت متميزة، لأنه أمر فريد من نوعه أن أقوم بقيادة سيارة فورمولا واحد على شارع مخصص للسيارات العادية لكنني سعدت كثيراً من خلال هذه التجربة التي جعلتني أول سائق يقود سيارة فورمولا واحد في منطقة الشرق الأوسط. لقد قدمت للشعب البحريني صورة بسيطة عن هذه الرياضة المثيرة، واتمنى ان يكون ما قدمته عاملاً مهماً في تشجيعهم لحضور الجولة الثالثة من بطولة العالم التي تقام على أرض مملكتهم". أما مدير الفريق بن زندر 38 عاماً، فأكد أن "مهرجان "عيش فورمولا واحد" حدث رائع سررنا بأن نكون جزءاً منه، ونأمل بأن نكون نجحنا في تحميس البحرينيين والمقيمين لحضور سباق جائزة البحرين الكبرى لطيران الخليج". وبعد ان قدم فريق ساوبر بتروناس عرضه، دخلت مجموعة من سيارات "بورشه" الشهيرة، وتلتها مجموعة من السيارات الأثرية القديمة قبل ان يبدأ "الاماراتي الطائر" محمد بن سليم عرضه "الملتهب" الذي توجه بحركات "اكروباتية"، إن جاز التعبير، وسط تشجيع هائل من الحاضرين، خصوصاً لحظات تعمده إحداث "فرقعات" مدوية عند مروره امام منصة كبار الضيوف. واعتبر بن سليم ان تنظيم الامارات إحدى جولات بطولة العالم لسباقات فورمولا واحد "حدث فوق العادة، لأنه سيحضر الينا الابطال العالميين في أقوى نوع من رياضة السيارات. نحن نتطلع لرؤيتهم على الطبيعة في منطقتنا للمرة الأولى". وأعرب عن استعداده لتقديم أي عون ممكن للمساعدة في انجاح هذا الحدث العالمي "مشاركتي في مهرجان "عيش فورمولا واحد" تقدير مني للجهود الكبيرة التي بذلتها مملكة البحرين من أجل ان تخرج رياضتها الى العالمية من خلال هذا السباق، ومستعد لبذل كل جهد ممكن من أجل المساهمة في ان تعيش المنطقة ساعات حلوة مثيرة مع أصوات المحركات العملاقة التي طالما تابعها محبي رياضة السيارات في وطننا العربي الكبير من خلال الشاشة الصغيرة... فها هي متوافرة لديهم عن كثب من خلال جائزة البحرين الكبرى لطيران الخليج". احداث مهرجان "عيش فورمولا واحد" ستظل خالدة في اذهان محبي رياضة السيارات في البحرين طويلاً، وسيظل الحديث عنها وعن حلبة البحرين الدولية وجائزتها الكبرى مستمراً. وفي الحلقة المقبلة سيكون اللقاء مع الشيخ سلمان بن عيسى آل خليفة مدير الشؤون العامة في حلبة البحرين الدولية، مع رصد لانطباعات الشارع البحريني حول هذه المناسبة من خلال استطلاع للرأي اجرته "الحياة" من موقع الحدث... فانتظرونا.