صارت رياضة السيارات واحدة من اشد الرياضات جذباً للمتفرجين في كل ارجاء العالم عموماً وفي الوطن العربي خصوصاً، بعدما انتشرت سباقات الرالي تحديداً في هذه المنطقة... ومع تعدد انواع المنافسات من الكارتينغ الى الراليات وسباقات الآندي كار وغيرها، يبقى الصراع في ال"فورمولا واحد" هو الاكثر اثارة ومتعة، ومن هنا رأت مملكة البحرين ألا تكتفي بالمشاهدة فقط وقررت إنشاء حلبة عالمية لهذا النوع من السباقات تكون الأولى في منطقة الشرق الأوسط سعياً وراء استضافة احدى جولات بطولة العالم، وهو ما سيتحقق لها حين تستضيف الجولة الثالثة من منافسات العام الجاري في الرابع من نيسان ابريل المقبل. وحكاية البحرين مع فورمولا واحد ليست وليدة اليوم، فهي حلم كبير بدأ من زمن بعيد وبُذلت جهود قصوى من أجل تحقيقه بدءاً من مولد الفكرة ومروراً بخطوات تنفيذها ووصولاً الى تحقيقها فعلاً. والبداية العملية كانت من خلال اتصالات مكثفة بين المسؤولين عن الرياضة في المملكة والاتحاد الدولي لرياضة السيارات فيا، تبعها تقديم طلب رسمي لانشاء حلبة عالمية على أعلى مستوى وسط منافسة شديدة من قبل مصر ولبنان والامارات التى أرادت هي الأخرى أن تكون سباقة في هذا الميدان. لكن ما حصل أنه قُدر للبحرين تحديداً بفضل إظهارها رغبة حقيقية واصرار وعزم مسؤوليها على تحقيق حلمها، أن تفوز في هذا السباق الذي بدأت على أثره في تشييد حلبة على أعلى المستويات من كل النواحي الفنية والتقنية والأمنية. وسيكون الحدث البحريني تاريخياً بكل ما تحمله الكلمة من معنى، لأنه يعكس إرادة شعب شغوف بان تصبح له ريادة إدخال هذا النوع من السباقات العالمية الى منطقة الشرق الأوسط. واستعداداً لهذا الحدث العالمي، وسعياً وراء توسيع مدارك المواطنين والمقيمين نحو هذه التظاهرة العالمية الكبرى... رأت حلبة البحرين الدولية ان تنظم مهرجاناً جماهيرياً حافلاً اليوم في شوارع العاصمة المنامة في مناسبة بدء العد العكسي لإنطلاق الجولة الثالثة من بطولة العالم على أرضها، ويتضمن هذا المهرجان الذي يعيشه المواطنون والمقيمون بدءاً من الساعة الثانية من ظهر اليوم بالتوقيت المحلي، ظهور أول سيارة لسباقات فورمولا واحد في منطقة الشرق الأوسط حين يقود سائق فريق "ساوبر بتروناس" نيل جوني سيارته قاطعاً بها شارع الملك فيصل بسرعة تصل الى 360 كلم/ ساعة. ويهدف المهرجان عموماً، الى التعريف بقوة سيارات فورمولا واحد وإحداث نوع من التقارب بينها وبين عشاق هذه الرياضة استعداداً للموعد الكبير في 4 نيسان المقبل... إذ ستكون هذه هي المرة الأولى التي يتعرف فيها البحرينيون وضيوفهم المقيمين وغيرهم من الذين يزورون البحرين حالياً خصيصاً للاستمتاع بهذا الحدث، الى هدير المحركات العملاقة لهذا النوع من السيارات المكلفة جداً... وهم سيدركون عن كثب قوة هذه السيارات، وقدرتها على التحدي وبث الإثارة في نفوس المشاهدين. والأكيد ان استضافة البحرين لإحدى جولات بطولة العالم التي تجتذب الملايين لمتابعتها حية أو على شاشات التلفزة، ستعود بفوائد كثيرة على المملكة على كل الأصعدة الرياضية والسياحية والاقتصادية والاجتماعية والدعائية وغيرها... ما يعني توفير مكاسب كبيرة لأبناء الشعب البحريني، الذي نجح في تحقيق طفرة رياضية ضخمة باستضافته الجولة الثالثة من هذه المنافسات العالمية الكبيرة التي ينتظر الجميع موعد انطلاقها بفارغ الصبر. وسيكون "الكون" كله على موعد مع انطلاق منافسات بطولة العالم في السابع من اذار مارس، وهي تبدأ بجائزة استراليا الكبرى أولى جولات المنافسات التي تتضمن هذا العام 18 جولة من بينها عشر جولات في أوروبا... وذلك بعد أن هدأت المحركات العملاقة الصاخبة نحو أربعة أشهر قام خلالها المعنيون بهذه الرياضة وخصوصاً الفرق المشاركة باجراء تغييرات وتعديلات تقنية وبشرية على سياراتها وسائقيها. وكعادة السنوات الأخيرة، ستكون الأنظار متوجهة والأضواء مسلطة على بطل العالم الألماني ميكايل شوماخر سائق فريق فيراري الإيطالي لمعرفة ما إذا كانت قدراته وبراعته في الاحتفاظ بلقب السائقين لنفسه والصانعين لسيارته لا تزال قائمة خصوصاً أنه يملك الأرقام القياسية العالمية كلها. ويقدر عدد الذين يتابعون البطولة سنوياً بنحو 70 بليون متابع من موقع الأحداث وأمام شاشات التلفزيون العالمية التي تهتم كلها بنقل هذا الحدث العالمي، ويكفي أن نعرف أن نحو 2 مليون عربي يتابعون كل جولة من جولات بطولة العالم عبر الفضائيات العربية التي باتت توفر لمشاهديها وقائع السباقات على الهواء مباشرة مع وصف وتحليل لأدق المجريات عبر محللين اختصاصيين على درجة عالية من الكفاية، لنعرف مدى الزيادة المطردة في شعبية هذه المنافسات في وطننا العربي... والأكيد ان هذا الرقم سيرتفع كثيراً بعدما صارت للبحرين جولة تتعلق باحداثها أفئدة قلوب كل العرب، مع تمنياتهم المخلصة بنجاح تنظيمي باهر في هذه المناسبة التي يترقبها العالم كله.