نائب أمير الشرقية يستقبل مدير عام التعليم    المرأة السعودية أثبتت كفاءتها في سوق العمل وارتفعت نسبة تقلدها للمناصب القيادية    NHC تطلق مشروعًا تعليميًا في وجهة خزام بمعايير عالمية بالشراكة مع مجموعة مدارس الرياض    أمريكا تحذر من هجوم روسي كبير على أوكرانيا    وزير الدولة للشؤون الخارجية يستقبل نائب وزير خارجية جمهورية طاجيكستان    أمير الشرقية يرعى حفل تكريم الأسرة الحاضنة المتميزة في المنطقة    حرس الحدود يحبط محاولات تهريب 939 كيلوجرامًا من الحشيش المخدر و82,409 أقراص من مادة الإمفيتامين    استخدام «الجوال» أثناء قيادة المركبة يتصدّر مسببات الحوادث المرورية في منطقة المدينة المنورة    المملكة ترسّخ ريادتها "الإنسانية" باستضافة مؤتمر "التوائم الملتصقة"    استشهاد وفقد 20 فلسطينياً في قصف إسرائيلي على منزل بمخيم جباليا    "السعودية للكهرباء" و"كاوست" تطلقان أول مشروع بحثي من نوعه على مستوى العالم لاحتجاز الكربون في محطة توليد رابغ    ارتفاع أسعار الذهب    دراسة التوجهات الدولية في العلوم والرياضيات والمعروف ب TIMSS    هوكشتاين من بيروت: ألغام أمام التسوية    أمير تبوك: «البلديات» حققت إنجازاً استثنائياً.. ومشكلة السكن اختفت    السواحة: ولي العهد صنع أعظم قصة نجاح في القرن ال21    «الشورى» يُمطر «بنك التنمية» بالمطالبات ويُعدّل نظام مهنة المحاسبة    «الوظائف التعليمية»: استمرار صرف مكافآت مديري المدارس والوكلاء والمشرفين    G20: انضمام المملكة للتحالف الدولي ضد الجوع والفقر    نائب أمير جازان يطلع على جهود تعليم جازان مع انطلاقة الفصل الدراسي الثاني    فيتو روسي ضد وقف إطلاق النار في السودان    القافلة الطبية لجراحة العيون تختتم أعمالها في نيجيريا    مصير «الأخضر» تحدده 4 مباريات    ياسمين عبدالعزيز تثير الجدل بعد وصف «الندالة» !    تحالف ثلاثي جامعي يطلق ملتقى خريجي روسيا وآسيا الوسطى    المملكة تتسلّم علم الاتحاد الدولي لرياضة الإطفاء    22 ألف مستفيد من حملة تطعيم الإنفلونزا بمستشفى الفيصل    فرص تطوعية لتنظيف المساجد والجوامع أطلقتها الشؤون الإسلامية في جازان    «هجوم» بلا أهداف    سهرة مع سحابة بعيدة    الرومانسية الجديدة    واعيباه...!!    الشؤون الإسلامية في جازان تقيم عدد من الفعاليات التوعوية والتثقيفية وتفتح فرصاً تطوعية    أمير القصيم يستقبل السفير الأوكراني    رهانات زيارة ماكرون للمملكة العربية السعودية    كلب ينقذ سائحاً من الموت    25% من حوادث الأمن السيبراني لسرقة البيانات    سفارة كازاخستان تكرم الإعلامي نزار العلي بجائزة التميز الإعلامي    إدارة الخليج.. إنجازات تتحقق    في مؤجلات الجولة الثامنة بدوري يلو.. النجمة في ضيافة العدالة.. والبكيرية يلتقي الجندل    المعداوي وفدوى طوقان.. سيرة ذاتية ترويها الرسائل    القراءة واتباع الأحسن    جمع الطوابع    تعزيز البنية التحتية الحضرية بأحدث التقنيات.. نائب أمير مكة يستقبل رئيس الشؤون الدينية    صدور موافقة خادم الحرمين الشريفين.. استضافة 1000 معتمر من 66 دولة    نجوم العالم يشاركون في بطولة السعودية الدولية للجولف بالرياض    أرامكو توسع مشاريع التكرير    مراحل الحزن السبع وتأثيرتها 1-2    الاستخدام المدروس لوسائل التواصل يعزز الصحة العقلية    تقنية تكشف أورام المخ في 10 ثوانٍ    نائب وزير الدفاع يلتقي وزير الدولة لشؤون الدفاع بجمهورية نيجيريا الاتحادية    نائب أمير مكة يستقبل رئيس الشؤون الدينية بالمسجد الحرام والمسجد النبوي    محافظ الطائف يستقبل الرئيس التنفيذي ل "الحياة الفطرية"    مجمع الملك فهد يطلق «خط الجليل» للمصاحف    أمير تبوك يستقبل المواطن ممدوح العطوي الذي تنازل عن قاتل أخيه    سلطنة عمان.. 54 عاماً في عز وأمان.. ونهضة شامخة بقيادة السلطان    163 حافظا للقرآن في 14 شهرا    لبنان نحو السلام    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



اسرائيل تشن معركة العداء للسامية لتفشيل معركة الفلسطينيين في محكمة لاهاي
نشر في الحياة يوم 21 - 02 - 2004

تبدأ يوم الاثنين المقبل 23 الجاري في محكمة العدل الدولية في لاهاي، جلسات الاستماع المتعلقة بقضية جدار الفصل الذي تقيمه اسرائيل على الأراضي الفلسطينية المحتلة.
ومن المقرر ان تعلن هيئة المحكمة برنامج جلسات الاستماع اضافة الى اسماء الدول والجهات المشاركة في المرافعات الخطية والشفوية. ويقدر القضاة عدد الدول المشاركة بأكثر من أربعين دولة.
وكانت الحكومة الفلسطينية قد تقدمت بشكوى الى الأمم المتحدة تطالبها بالتدخل السريع لوقف عملية بناء جدار الفصل فوق الأراضي المحتلة.
وأصدرت الجمعية العامة في 21 تشرين الأول اكتوبر قراراً يدعو اسرائيل الى وقف اعمال البناء وهدم ما شيّد من الجدار. وتجاهلت اسرائيل كعادتها قرار المنظمة الدولية متذرعة بحجة واهية مفادها ان الجدار يقام لأسباب أمنية هدفها صدّ هجمات الارهابيين ومنعهم من التسلل.
مرة اخرى التأمت الجمعية العامة وأصدرت قراراً ثانياً في 8 كانون الأول ديسمبر الماضي، كان بمثابة تكرار لمضمون القرار السابق. ولكنه تميز بلهجة متشددة أيدها تسعون عضواً مقابل ثمانية اعضاء، وامتناع 74 عن التصويت، واعتبرت واشنطن ان الصفعة الديبلوماسية التي وجهت الى ارييل شارون اصابت ايضاً الرئيس جورج بوش الذي وعد ست دول صغيرة مجهولة بالدعم الاقتصادي مقابل وقوفها الى جانبه اثناء التصويت. وربما حاول بوش بهذا الانحياز السافر لشارون اقناع اللوبي اليهودي بأن تجديد انتخابه لن يؤثر على موقفه الثابت تجاه اسرائيل. ولكنه من جهة اخرى حاول استرضاء الدول العربية المعترضة عن طريق ايهامها بأن البعثة التي ارسلها الى القدس ستساعده على اتخاذ قرار نهائي بشأن جدار الفصل ومشروع اخلاء مستوطنات غزة. وتقول الصحف الاسرائيلية ان وليام بيرنز، مساعد وزير الخارجية، وستيفن هيدلي، نائب مستشارة الأمن القومي، وأليوث ابرامز، رئيس دائرة الشرق الأوسط في مجلس الأمن القومي، حصروا احاديثهم بمعركة الرئاسة الاميركية، كأن زيارتهم للمنطقة كانت لغرض آخر. وكل ما جرى بحثه في الشأن الاقليمي اقتصر على رفع مستوى التنسيق السياسي بحيث تبدو الخطوات المنفردة التي يتخذها شارون وكأنها سلسلة من تسويات لا تتعارض ومبادئ "خريطة الطريق".
ودافع شارون عن موقفه بالقول انه تعهد للرئيس بوش بالتشاور مع واشنطن حول القضايا التي تخص مصلحة البلدين، ولكنه في موضوع "خطة الفصل" حرص على عدم توريط الادارة الاميركية في مسألة تعود بالنفع على الفلسطينيين. واستغرب شارون اعتراض الولايات المتحدة على قرار اخلاء مستوطنات يهودية في قطاع غزة، وكيف ان خطوة بهذا الحجم تقابل بالحذر والتشكيك.
حرص اعضاء البعثة الاميركية على عدم استثارة شارون - مثلما أوصاهم بوش - ولكنهم اعربوا أمامه عن مخاوفهم من استعداد "حماس" و"الجهاد الاسلامي" لملء الفراغ الأمني في غزة. لذلك توقعوا منه اجراء تنسيق مع الحكومة الفلسطينية للاتفاق على الخط الأمني الجديد، خصوصاً ان الانسحاب ظهر كخطوة أحادية الجانب فرضت على الفلسطينيين بالقوة. وقالوا ان بوش يرى الكثير من الايجابيات في هذا المشروع لأنه يؤدي الى تخفيض درجة الاحتكاك بين المستوطنين والفلسطينيين، كما يساعد على تحسين حرية الحركة بين السكان.
وأثار أحد اعضاء البعثة الاميركية في آخر الاجتماع، مخاطر التحدي الذي يظهره المستوطنون في غزة، واعلانهم عن مقاومة تنفيذ خطة نقلهم الى موقع آخر بعد تفكيك 17 مستوطنة يقطنها اكثر من 7500 شخص. وأوحى له في الحديث ان منظمي مسيرة الاعتراض رفعوا يافطات تطالب بالموت للخونة، الأمر الذي يذّكر باحتمال تكرار الظروف التي أدت الى اغتيال اسحق رابين.
وعلق شارون على هذا التحذير بالقول انه لا يخشى الانتقام وانه كان أول من أجبر خمسة آلاف اسرائيلي على اخلاء مستوطنات سيناء من أجل السلام مع مصر. واعرب عن استعداده هذه المرة، لإجراء استفتاء شعبي حول خطته قبل عرضها على الحكومة والكنيست للمصادقة عليها. واعترف انه سيطلع الرئيس بوش على كامل التفاصيل المتعلقة بمشروعه اثناء زيارته لواشنطن الشهر المقبل، وانه سيدخل بعض التعديل على مسار الجدار بحيث ينخفض عدد الفلسطينيين المطوقين في جيوب معزولة عن بقية الضفة. ولكي يطمئن الإدارة الاميركية الى احتمال إقصاء "حماس" عن ملء الفراغ الأمني في غزة، قال انه سيعهد الى هيئة دولية مهمة الاشراف على تسليم المستوطنات الى السلطة الفلسطينية قبل اخلائها. ولكنه اعترف بأنه يواجه ضغوطاً كثيرة من قبل مئتي حاخام هددوا بسحب ممثليهم في الأحزاب الدينية من الحكومة الائتلافية. ولكنه اعرب عن استعداده للاتفاق مع حزب "العمل" في حال نفذت الاحزاب الدينية تهديدها.
في لقائه مع رئيس الوزراء الفلسطيني أحمد قريع هذا الاسبوع، شدد المستشار الألماني غيرهارد شرودر على ضرورة حسم مسألة "جدار الفصل" بواسطة المفاوضات لا بواسطة محكمة العدل الدولية. وأبلغه ان المانيا وفرنسا ودول الاتحاد الأوروبي اتخذت كلها موقفاً سياسياً مؤيداً للفلسطينيين كمحاولة لتحريك عملية السلام. وأعرب عن شكوكه في قدرة محكمة العدل الدولية على اضفاء طابع قانوني على شكوى الفلسطينيين لأن قراراتها ليست ملزمة.
وأجاب قريع على شكوك شرودر بأن السلطة الفلسطينية لم تترك باباً سياسياً الا وطرقته بهدف تحريك المفاوضات المجمدة. ولكن شارون كرر التحفظات التي أعلنها في خطابه في "العقبة"، مشترطاً الموافقة عليها قبل المباشرة في التفاوض على "خريطة الطريق". وفي مواجهة هذا التعنت الصارم، قال رئيس الوزراء الفلسطيني انه اضطر للجوء الى الأمم المتحدة بعدما تأكد له ان شارون يستأثر بفرض الحل مستنداً الى عملية سلب وسرقة أكبر مساحة ممكنة من أراضي الضفة الغربية.
تستند محكمة العدل الدولية الى مجموعة تقارير تقدم بها الفريقان المتنازعان، اضافة الى قرارات الأمم المتحدة وما تؤمنه الدول المشاركة من معلومات. ويركز ممثل فلسطين لدى الأمم المتحدة ناصر القدوة، على الجوانب القانونية والانسانية التي يسببها "جدار الفصل"، معتمداً على التقارير التي تملكها المنظمة الدولية. وهي في مجملها تتحدث عن الاثار السلبية المباشرة التي تصيب أكثر من 680 ألف فلسطيني داخل الضفة الغربية. ومعنى هذا ان هناك نحواً من ثلاثين في المئة من سكان الضفة سيتعرضون للطرد أو الحصار بسبب مصادرة الأراضي لتأمين مسار الجدار الممتد على مسافة 730 كيلومتراً شرق الخط الأخضر.
في هذا السياق بعث ياسر عرفات الى المحكمة بتعليق يلخص موقفه بالقول: "ان الجدار يمثل سرقة للأراضي الفلسطينية، وليست له علاقة بحفظ الأمن كما تدعي اسرائيل. بل هذا ما أعلنه أربعة من رؤساء "الشاباك" السابقين. وأنا أرى ان الجدار الذي يصادر 58 في المئة من مساحة الضفة ليس أكثر من نسخة مشوهة لجدار برلين، وتكرار للنظام العنصري ابرتهايد الذي حكم دولة جنوب افريقيا قبل انتصار مانديلا. والهدف من كل هذا ان يكون جدار الفصل هو البديل من مفاوضات التسوية الدائمة كما تنص "خريطة الطريق" وذلك من خلال فرض حل احادي الجانب".
اضافة الى الحديث عن مخاطر التغيير الديموغرافي، فإن الوفد الفلسطيني الى محكمة "لاهاي" سيشدد على اظهار التفرد الاسرائيلي بتقرير مصير الفلسطينيين من دون موافقتهم. ومثل هذا الاتهام يطال الولايات المتحدة التي أعطت اسرائيل الحق لرسم حدودها من دون الرجوع الى مجلس الأمن، أو من دون التقيد بشروط القرار 242. ويرى قريع ان هذا الاستئثار قد ألغى قيام دولة فلسطينية قابلة للحياة والاستمرار. كما الغى علاقات الجوار المفتوحة بين اسرائيل وفلسطين. والسبب ان المساحة المخصصة لدولة فلسطين، ستكون خلف الجدار، مع مزيد من الجدران العازلة لتجمعات الاستيطان التي تربط بينها الطرق الالتفافية المحمية بالجنود. وبذلك يحقق شارون غايته من وراء سد المنافذ على التجمعات السكانية العربية ومحاصرتها أو تقسيمها الى كانتونات متباعدة ومنفصلة الواحدة عن الأخرى.
يقول نائب رئيس الحكومة الاسرائيلية ايهود أولمرت، ان تجربة "أوسلو" اثبتت ان الحل السياسي لا يوفر الأمن للاسرائيليين. لذلك ينظر شارون الى التسوية النهائية بمنظار عسكري همه تطبيق العقيدة الأمنية لا اجراء مفاوضات مع عدوه حول صيغة التعايش. وهو يتصور انه من الصعب المساومة على الأملاك والنفوس مع السلطة الفلسطينية. وبما ان العمليات المضادة للعنف تبقى وحدها المعيار لتقويم مسيرة النجاح، فإن منطق العسكريين في "ليكود" يركز على موضوع الأمن كاختبار أساسي للمسيرة السلمية برمتها.
اسرائيل جندت للدفاع عن موقفها فريقاً من المحامين المتخصصين في موضوع النزاع بين الدول. وأوكلت لهذه المهمة أيضاً المحامي اليهودي نيكولا كوفمان الذي يعمل في الأمم المتحدة منذ سنتين. وسبق لكوفمان ان درس في بريطانيا ثم هاجر الى اسرائيل وخدم في الجندية قبل أن يكمل تخصصه في دعاوى الجزاء ويلتحق بموظفي الدولة. ويتهمه مروان البرغوثي انه هو الذي عطل قرار الافراج عنه. ومن المتوقع أن يركز كوفمان في دفاعاته على ثلاث حجج:
أولا ان المادة 51 من شرعة الأمم المتحدة تعتبر موضوع الدفاع عن النفس حقاً مشروعاً. لذلك يعتبر بناء الجدار عملاً قانونياً لأن السلطة الفلسطينية فشلت في توفير الأمن بحسب شروط اتفاق أوسلو.
ثانياً ان الخط الأخضر لا يمثل حدوداً نهائية رسمية حتى بالنسبة الى الأمم المتحدة. وبما ان الضفة الغربية ليست منطقة محتلة، بل هي منطقة متنازع عليها، فإن بناء الجدار لا يمثل انتهاكاً للسيادة الفلسطينية المغيبة.
ثالثاً ان التصريحات التي أدلى بها القاضيان العربيان نبيل العربي مصر وعون الخصاوني الأردن لا تدل على الحياد والموضوعية. لذلك من المتوقع أن تطالب اسرائيل باقصائهما على اعتبار انها تريد التشكيك بنزاهة المجلس المؤلف من 15 قاضياً برئاسة قاض صيني.
في مواجهة المعركة السياسية التي شنها الفلسطينيون ضد مشروع "جدار الفصل" من فوق منبر محكمة "لاهاي"، شنت المنظمات الصهيونية في أوروبا معركة مضادة في بروكسيل استخدمت فيها سلاح العداء للسامية لكي تثبت ان المعادين لأعمال حكومة شارون هم أعداء اسرائيل والشعب اليهودي. وكما تجاهل جورج بوش جواب الرأي العام العالمي حول أسباب تنامي الكراهية للولايات المتحدة... هكذا سيتجاهل شارون صيحات المطالبين بضرورة مراجعة المواقف الاسرائيلية التي تحتمي بسلاح العداء للسامية لكي تعتدي بها على حقوق الفلسطينيين وأملاكهم.
* كاتب وصحافي لبناني.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.