احتل تطوير التعليم المرتبة الأولى في نص إعلان الكويت الصادر عن القمة الرابعة والعشرين لقادة دول مجلس التعاون الخليجي التي اختتمت أعمالها في الكويت في 22 كانون الاول ديسمبر الماضي. وطالب القادة المشاركون في القمة بضرورة اتخاذ القرارات اللازمة والخطوات العملية للبدء بتنفيذ أهداف استراتيجية التنمية الشاملة التي سبق إقرارها في العاصمة الإماراتيةأبوظبي، والخاصة بعملية إصلاح النظم التعليمية وتوحيدها في الدول الأعضاء. وأكدت الوثيقة التي قدمها الأمير عبدالله بن عبدالعزيز ولي العهد السعودي نائب رئيس مجلس الوزراء، ان التعليم المتطور الذي يواكب النهضة التقنية والعلمية يعتبر ركيزة أساسية في تأهيل المواطن الخليجي علمياً وتقنياً للمشاركة في التنمية الاقتصادية والاجتماعية الشاملة للدول الأعضاء. وعلى رغم ان تاريخ الإعلان لم يكن موعداً لبدء عمليات تطوير التعليم والمناهج في دول الخليج، الا انه جاء ليؤكد على أهمية ايلاء المسألة جدية اكثر. وكانت هذه الدول بدأت خطوات ملموسة في عمليات التطوير والتحديث، وتسابقت في ما بينها الى إدخال بعض المواد العلمية والتقنية الى المناهج. وقطعت الإمارات شوطاً لا يستهان به في هذا الميدان، فرسمت لنفسها برنامجاً استراتيجياً لتطوير التعليم على مدى العقدين المقبلين، وهو ما اصطلح على تسميته رؤية تعليم 2020 . واعتبر وزير التربية والتعليم في الإمارات الدكتور علي عبدالعزيز الشرهان ان هذه الخطوة تتضمن رؤية مستقبلية شاملة ومتكاملة تستند الى أهداف استراتيجية ومحاور وركائز أساسية واضحة المعالم. وقال الدكتور جمال المهيري وكيل وزارة التربية والتعليم ان الوزارة "وضعت خطة استراتيجية لتطوير التعليم في البلاد بدأت العام 2000 باعتماد خطة رؤية تعليم 2020 ، ومن ابرز برامجها تطوير المناهج اعتماداً على محاور عدة أهمها، المؤتمرات التي أقامتها الوزارة في العام 1998، وراجعت الوزارة حينها المناهج الدراسية المعتمدة كافة، والمحور الثاني يتعلق بطرق التدريس، والثالث بتدريب المعلمين، وذلك من رؤية الوزارة ان المنهج هو عبارة عن مجموعة عناصر، منها: المعلم والطالب والكتاب والوسيلة التعليمية، وليس الكتاب المقرر فقط". وأضاف المهيري في حديث ل "الحياة": "في العام 2001- 2002 بدأت الوزارة وضع مشروعها الاستراتيجي بناء على مؤتمراتها السابقة، وبدأنا في هذا الوقت مشروع تطوير التعليم الأساسي والثانوي الذي يعتمد على تطوير الأهداف والغايات بما يخدم الطالب. وسعينا الى ان تكون المادة الدراسية جذابة ومشوقة وذات مضمون تعتمد على التعلم الذاتي وليس التلقين، وطورنا هذا العام منهجي العلوم والرياضيات، اذ ادخلنا معايير عالمية مطبقة في الولاياتالمتحدة. ولم يقتصر الأمر علينا بل يتسابق جميع دول مجلس التعاون الى تطبيق هذا المنهاج الذي بدأنا نحن تطبيقه العام الجاري، ونحن فخورون بهذا الإنجاز، وقمنا بأقلمة هذه المناهج وما يتفق ووثيقة الرياضيات والعلوم في وزارة التربية، وما ينسجم ومفاهيمنا العربية والإسلامية، علماً ان هذين المنهجين مطبقان في معظم الدول المتقدمة لكونهما آخر ما توصلت اليه العلوم". وأضاف: "منهاج التربية الإسلامية مادة رئيسية طورناها بموافقة جامعة الأزهر، ولم يطرأ عليها أي حذف او تغيير. وطوّر خبراء ومواطنون ووافدون مسلمون وثيقة المنهاج وأرسلناها الى جامعة الأزهر واعتمدت من قبل العلماء وأصبحت هذه الوثيقة الركيزة التي تؤلف بموجبها كتب التربية الإسلامية في الإمارات". وعن سؤال حول تطوير مناهج البلاد ضمن إطار دول مجلس التعاون الخليجي، خصوصاً ان الاجتماع الأخير لقادة المجلس الذي عقد في الكويت أوصى بالتطوير، قال: "اعتمد قادة دول مجلس التعاون في الاجتماع الأخير والاجتماع الذي سبقه تطوير المناهج التعليمية في جميع الدول الأعضاء. وكانت إحدى توصيات الاجتماع التركيز على التعليم بشكل أساسي. وأكدت توصيات مؤتمر الخليج على تطوير المناهج واعتماد تقنيات وأساليب وطرق التدريس الحديثة في التعليم في دول المجلس واستبدالها بالطرق القديمة، وكانت هذه الدعوة بمثابة اتفاق بين الدول لتطوير المنهاج ووضعه في محاذاة ما وصلت اليه الدول المتقدمة". وعن عدد المدرسين في البلاد، اوضح: "لدينا 27 الف مدرس، منهم 15 الف إماراتي، يعملون في 800 مدرسة حكومية. أضف الى ذلك 400 مدرسة خاصة". ولفت الى ان الوزارة تعيّن وبشكل سنوي نحو 1000 إماراتي كمعلمين في مدارسها وذلك ضمن خطة الوزارة لتوطين المهنة. وفي ما يتعلق برقابة الوزارة على المدارس الخاصة، قال: "اقر رئيس الدولة قانون التعليم الخاص في العام 2002 بعدما رفع من قبل الوزارة الى مجلس الوزراء والمجلس الوطني الاتحادي، وهذا القانون ينظم هذا القطاع المهم وتقوم الوزارة بموجبه بدور إشرافي ومتابعة لكل ما يتلقاه الطلبة في هذا القطاع. ووافق مجلس الوزراء على اللائحة التنفيذية للقانون، التي تنظم عملية الإشراف على المدارس الخاصة من جهة المنهج بحيث لا تتعارض مع العادات والتقاليد والدين. ونظمت أيضاً عملية مراقبة المدرسين العاملين في هذا القطاع، اذ تقوم الوزارة بموجب القانون بمراقبة المعلم من حيث مطابقته لشروط المهنة". وحول دور الوزارة في ملاحقة المدارس المخالفة لمواد قانون التعليم الخاص، قال: "للوزارة صلاحيات كاملة في ملاحقة جميع أنواع المخالفات، وإيقاع العقوبات المنصوص عليها بالقانون في حقها. كنا نراقب المدارس بموجب لوائح وقرارات وزارية تنظم التعليم الخاص، ولكن بموجب القانون أصبحت مراقبة الوزارة اكثر صرامة، وأصبحت لنا يد في جميع النواحي حتى المبنى المدرسي، اذ يجب ان يليق المبنى بمستوى التعليم في البلاد". وعن سبب إلغاء المنهاج المصري في المدارس المصرية في الامارات اخيراً، قال: "لم يلغ المنهاج، وكل ما حدث هو ان وزير التربية أعاد النظر في عملية إلزام المدارس بشروط الوزارة الخاصة بالترخيص ومطابقتها للشروط، وما زال موضوع المدارس المصرية قيد الدراسة". وأضاف: "في ما يخص كتب التاريخ، نحن بصدد إعداد منهاج جديد يجمع بين الجغرافيا والتاريخ والتربية الوطنية والدراسات الاجتماعية، يدرسها الطالب من الصفوف الأولى وحتى الصف الحادي عشر".