من حق كل عربي محب لكرة القدم ان يفتخر بالحديث عن اللقاء النهائي لكأس الأمم الأفريقية الرابعة والعشرين لكرة القدم التي تختتم اليوم على ملعب مدينة رادس في تونس، فالمنتخبان اللذان سيخوضان هذه "الاحتفالية" العربية - العربية التي لم تحدث منذ عام 1959، يمثلان تونس والمغرب. والمهم ان يخرج هذا اللقاء في اطار من الود والمحبة والتعبير الصادق عن الروابط الأخوية التي تجمع بين البلدين، ومن دون انسياق لتشنجات تعكر صفو أحداثه أو تهدر البقية المتبقية من هذه الروابط في الملاعب الرياضية على الأقل... فكم كان "منظرنا" سخيفاً جداً امام العالم كله بعدما بثت وكالات الانباء والفضائيات العربية وغيرها ونقل كثير من الصحف الدولية بالكلمة والصورة ما حدث من اعمال شغب من قبل الجمهور الجزائري خصوصاً، حين خسر منتخب بلاده امام المغرب في الدور نصف النهائي. نعلم تماماً أن كل طرف من طرفي لقاء اليوم يحدوه الأمل بأن يصعد الدرجة العليا من منصة التتويج، وأنه بذل جهداً كبيراً في سبيل الوصول الى هذه المباراة الختامية ولم يتبق امامه سوى خطوة واحدة للوصول الى المجد والجلوس على عرش الكرة الأفريقية... لكن كل ما نأمله ان يعي الجميع ان استمرار الحساسيات العربية - العربية في ميدان الرياضة خصوصاً منذ قديم الأزل، كان من بين أبرز الاسباب التي أوصلتها الى هذه الحال المتردية. والمطلوب اليوم هو أن يشجع كل جمهور منتخب بلاده في حدود الروح الرياضية الأصيلة، وان يبتعد عن التعصب الأعمى والتحرش بالجمهور الآخر... والأهم من كل ذلك ان يعاونه اللاعبون في تحقيق هذا الهدف من خلال الابتعاد عن كل ما يثير هذه الجماهير التي عادة ما تنتظر ان تنطلق الشرارة الأولى من داخل الملعب، كما ان على اللاعبين الاعتراف بأن كرة القدم فوز وخسارة وأن المهم أن الكأس الافريقية ستعود عربية... ومن هنا نأمل بأن يهنئ الخاسر الفائز، وان يتمنى الفائز للخاسر حظاً أوفر في المناسبات المقبلة. تلك المقدمة الطويلة فرضتها حيثيات ومواقف كثيرة من الماضي عجزنا جميعاً عن فهمها بوضوح، من دون أن نغفل، حُكماً، أن مسبباتها كثيرة ومن بينها ما هو ايديولوجي وسياسي واقتصادي واجتماعي وسلوكي وغيرها... وربما يأتي في ختامها السبب الرياضي المتمثل في الرغبة الحقيقية في الفوز، لأن هذا السبب لا يمكن ان يبعث على العدوانية والفوضى وإهدار كل القيم الانسانية لأنه أساساً هدف نبيل يفرزه التنافس الشريف العفيف على المستطيل الأخضر. المهم، ان مباراة اليوم ستحفل بكل عناصر الإثارة التي نأمل بألا تتغلب على الأداء الفني المنتظر من قبل المنتخبين الشقيقين... لكن الأكيد أنه لا يمكن إغفال الجانب النفسي في هذا اللقاء الحاسم، والذي سيؤدي في تصورنا الى بروز عناصر التسرع والحماسة والأداء القتالي على حساب عناصر اللعبة الفنية والتكتيكية والخططية التي تفرز اللعب الجميل الممتع الذي ينتزع آهات الاعجاب من المتفرجين ما يثمر الأهداف الحلوة التي تهتز لها الأفئدة وتقشعر لها الأبدان. عموماً، يصعب التكهن منذ الآن بهوية البطل على رغم ان المنتخب المغربي يواجه ثلاثة منافسين في آن واحد هم نظيره التونسي والأرض والجمهور... لأن ما قدمه من عروض ونتائج فاقت بكثير ما قدمه التوانسة في طريقهم الى الوصول الى مباراة القمة. فالمغاربة بقيادة مدربهم الوطني الحارس الشهير بادو الزاكي وبتشكيلة جُل عناصرها من الشباب، حققوا نتائج لافتة فعلاً ففازوا في الدور الأول على نيجيريا 1-صفر وبنين 4-صفر قبل ان يتعادلوا مع جنوب افريقيا 1-1 بعدما كانوا قد ضمنوا التأهل... ثم تغلبوا على الجزائر 3-1 بعد التمديد الوقت الاصلي 1-1 في الدور ربع النهائي، وعلى مالي 4-صفر في نصف النهائي، وهم سجلوا 13 هدفاًَ واهتزت شباكهم مرتين فقط. ويتقاسم يوسف حجي ويوسف المختاري صدارة الهدافين في المنتخب المغربي، ولكل منهما ثلاثة أهداف. أما تونس التي تأمل بالحصول على اللقب للمرة الأولى، فهي فازت في الدور الأول على رواندا 2-1 والكونغو الديموقراطية 3-صفر وتعادلت مع غينيا 1-1. وهي تغلبت في الدور ربع النهائي على السنغال 1-صفر بعد مباراة مثيرة للجدل، وصعدت الى المباراة النهائية بتغلبها على نيجيريا 5-3 بركلات الترجيح الوقتان الاصلي والاضافي 1-1... وسجلت 7 أهداف ودخل مرماها 3 أهداف ما يوضح الفارق الكبير بينها وبين المغرب، اما أفضل هدافيها فهو البرازيلي الأصل سيلفا دوس سانتوس وسجل 3 أهداف. لكن هذا لا يعني طبعاً ان الكفة ستميل بوضوح لمصلحة المغرب في لقاء اليوم، لأنه من الصعب جداً التنبؤ بنتائج هكذا مباريات مهما كان من أمر... وهو ما أكده مساعد مدرب المنتخب التونسي اللاعب الدولي السابق نبيل معلول "انه دربي مغاربي قوي يرفض التكهنات والاحكام المسبقة. المهمة ستكون صعبة للغاية لأن المنتخب المغربي منافس من الوزن الثقيل وهو بكل المقاييس من أفضل المنتخبات في افريقيا بدليل مشواره الناجح في تونس". اما الزاكي الذي يسعى الى احراز اللقب القاري الثاني لبلاده بعد الأول عام 1976 في اديس ابابا، فأوضح "قمنا بعمل جبار ونحن بصدد حصد ثماره، والثمرة الكبيرة هي احراز اللقب من دون ان ننسى اننا سنواجه منتخباً كبيراً له صولاته وجولاته وهو يلعب على أرضه وبين جماهيره... لكن تبقى الآمال برد الدين للشعب المغربي ومنحه اللقب الثاني، مشروعة جداً". لكن المدرب الفرنسي روجيه لومير الذي يقود المنتخب التونسي، له هدف اضافي آخر يتمثل في كونه سيصبح أول مدرب في العالم يحرز لقبين قاريين مختلفين في حال فوز تونس اليوم لأنه سبق له ان قاد منتخب بلاده الى الفوز بكأس الأمم الأوروبية التي اقيمت في هولندا وبلجيكا معاً في العام 2000. ويبقى ان نتعرف على اسماء اللاعبين التي ضمتهما لائحتا المنتخبين في هذه البطولة، فتكونت التونسية من علي بومنيجل روين الفرنسي، وخالد عزيز الافريقي، وخالد فاضل الصفاقسي، وعلاء الدين يحيى غانغان الفرنسي، وخالد بدرة الترجي، وجوزيه كلايتون الترجي، وراضي الجعايدي الترجي، وانيس العياري الملعب، وكريم السعيدي الافريقي، وكريم حقي النجم الساحلي، وحاتم الطرابلسي اياكس امستردام الهولندي، وسليم بن عاشور باريس سان جرمان الفرنسي، والمهدي النفطي راسينغ سانتاندر الاسباني، وقيس الغضبان ديار باكيرسبور التركي، ورياض البوعزيزي غازينتب سبور التركي، وعادل الشاذلي سوشو الفرنسي، وجوهر المناري الترجي، وزياد الجزيري غازينتب سبور التركي، ونجاح برهام اينتراخت تريير الالماني، وعماد المهذبي الصفاقسي، ومحمد الجديدي الاتحاد المنستيري، وسيلفا دوس سانتوس سوشو الفرنسي. اما لائحة المغرب، فضمت خالد فوهامي اكاديميكا البرتغالي، ونادر المياغري الوداد البيضاوي، وطارق الجرموني الجيش الملكي، ونور الدين النيبت ديبورتيفو لا كورونيا الاسباني، وعبدالسلام وادو رين الفرنسي، وطلال القرقوري باريس سان جرمان الفرنسي، وأكرم روماني غنك البلجيكي، وجمال العليوي بيروجيا الايطالي، ويوسف المختاري بروغهاوزن الالماني، ومراد حديود ليتيكس لوفيتش البلغاري، ووليد الركراكي اجاكسيو الفرنسي، ويوسف سفري كوفنتري الانكليزي، وموحا اليعقوبي اوساسونا الاسباني، وعبد الكريم قيسي كازان الروسي، ويوسف حجي باستيا الفرنسي، وطارق شهاب اف سي زيوريخ السويسري، وحسين خرجة بيرمانا الايطالي، وجواد الزايري سوشو الفرنسي، ومروان الشماخ بوردو الفرنسي، ونبيل باها نافال دي مايو البرتغالي، ومصطفى بيضوضان الرجاء البيضاوي، وحسن علا مولودية وجدة. والحكم الذي سينال شرف إدارة هذه المباراة هو السنغالي ندوي فالا، ويعاونه الاوغندي علي توموسامنغ ومودزاماري برايتون من زيمبابوي.