أثار اغتيال الرئيس الشيشاني السابق سليم خان ياندرباييف في الدوحة أمس، بعد أدائه صلاة الجمعة في مسجد في منطقة "الدفنة" التي يسكن فيها منذ بضع سنوات، تساؤلات عن الجهة الضالعة في تفجير سيارته في حادثة هي الأولى من نوعها في قطر. كما أدى الانفجار إلى اصابة ابنه داوود، الذي كان يقود السيارة، بجروح في الوجه واليد، كما قال شاهد عيان ل"الحياة" أثناء ادخاله الى "وحدة العناية الجراحية المركزة" في مستشفى حمد العام. ونفت موسكو علاقتها بعملية التفجير، وربطتها ب"تصفية حسابات" بين مجموعات شيشانية. واصيبت الأوساط القطرية الرسمية والشعبية بما يشبه الصدمة لدى شيوع نبأ الاغتيال. وأوضحت الداخلية القطرية أن عملية الاغتيال تمت إثر خروجه من المسجد بعد أدائه صلاة الجمعة ظهر أمس، وقال مصدر في الداخلية لوكالة الأنباء القطرية إن سيارة ياندرباييف تعرضت لانفجار أدى الى وفاته وإصابة ابنه داوود 13 عاماً. واضاف المصدر، في إشارة ذات دلالات، أن الرئيس السابق "كان يقيم في قطر بصفة موقتة ويمارس حياة طبيعية"، في إشارة ضمنية الى أنه لم يكن يمارس نشاطاً سياسياً ضد روسيا، ويذكر أنه كان يتحدث لوسائل الإعلام القطرية وغيرها، وكانت "الحياة" التقته قبل فترة في الفيلا التي خصصها القطريون لاستضافته، وكانت تقيم معه زوجته وابنه، ولوحظ أنه كان يهوى القراءة وكتابة الشعر والتعامل مع الكومبيوتر، وكان أصدر كتاباً عن تطورات القضية الشيشانية خلال فترة إقامته في الدوحة، وهي إقامة بدأت في فندق "الواحة" ثم فندق "شيراتون"، وأخيراً خصصت له فيلا في منطقة "الدفنة"، وهي من أرقى المناطق في قطر. ويعتقد أن موقع إقامته الأخير حدد في فيلا لأسباب أمنية، إذ كان يتلقى تهديدات علنية عبر عنها مسؤولون روس منذ فترة. وكانت الحكومة الروسية حسب مصادر قريبة من الشيشان تحدثت الى "الحياة" طلبت من قطر تسليمها الرئيس الشيشاني السابق لكن الدوحة رفضت ذلك، وكانت تعتبره ضيفاً لفترة موقته، وينسجم عدم استجابتها الطلب الروسي مع نص في الدستور الدائم يمنع تسليم أي لاجئ سياسي. وكانت صحف روسية تنتقد وجود الرئيس الشيشاني السابق في الدوحة وتتهمه بالوقوف وراء عمليات شيشانية في روسيا وخارجها. وقالت مصادر قطرية إن عملية تفجير السيارة، وهي بيضاء من طراز "لاندكروزر" تمت من مسافة مئات الأمتار. وحمل رئيس المركز الشيشاني للدراسات بدرالدين دينو السلطات الروسية مسؤولية الاغتيال. وفي موسكو، اتهم المقاتلون الشيشان أجهزة الأمن الروسية بتدبير اغتيال ياندرباييف، أحد أبرز رموز المقاومة الشيشانية. ونفت موسكو تورط أجهزتها في الحادث وربطته ب"تصفية حسابات" داخل أجنحة الانفصاليين الشيشان. وفي الوقت ذاته، لم تستبعد مصادر روسية ان تكون ازاحة ياندرباييف واحدة من حلقات تجفيف منابع التمويل للمقاتلين، فيما رجحت مصادر قريبة من الحكومة ان يكون الهدف من وراء اغتيال ياندرباييف ضمان "صمته" باعتبار انه كان يملك معلومات بالغة الأهمية عن مصادر تمويل المقاتلين الشيشان وآليات نقل المعونات الى منطقة القوقاز. وقال الناطق باسم الحكومة الروسية بوريس لابسوف ان اجهزة الاستخبارات الروسية لم تنفذ عمليات من هذا النوع منذ عام 1959. واعتبر وزير الدولة فلاديمير زورين المسؤول عن ملف القوميات في روسيا، ان مقتل ياندرباييف هو "نهاية طبيعية لرجل سبب كثيراً من الألم لشعبه". ورجح ان تكون العملية مؤشراً الى وقوع انشقاقات كبرى داخل معسكر المقاتلين. وأضاف ان ياندرباييف، الذي كان من أهم منظري المقاومة في الشيشان، انخرط في شكل ناشط خلال السنوات الاخيرة، في عمليات جمع الاموال لدعم المقاتلين الشيشان. كذلك، قال الرئيس الشيشاني الموالي لموسكو أحمد قادروف ان "ثمة الافاً من الشيشانيين يملكون دوافع لقتل ياندرباييف"، بعدما "عانوا خلال فترة توليه الرئاسة". ومن جهة أخرى، اتهمت المقاومة الشيشانية موسكو بتدبير العملية. وقال مساعد ياندرباييف السابق ابراهيم غابي لموقع "صوت القوقاز" القريب من المقاومة، انه لا يشك في ان الأجهزة الأمنية الروسية نفذت عملية الاغتيال. وتعهد بالانتقام للقائد الشيشاني المغدور. وأكد ان موسكو "ستدفع ثمن جريمتها".