استقبل الرئيس حسني مبارك والشعب المصري بترحيب بالغ زعيم الجيل الرابع من القادة الصينيين، منذ قيام جمهورية الصين الشعبية عام 1949، ألا وهو الرئيس هو جين تاو، في أول زيارة رسمية له الى مصر بعد الانتقال السلس للرئاسة الصينية الذي تم في أوائل العام الماضي. والصين ذات الحضارة العريقة الضاربة فى أعماق التاريخ، قاومت الضغوط الأجنبية المتوالية على أراضيها، وحافظت على وحدة الشعب الصيني، وتقدم أمنه، وحققت التنمية المتوازنة، ورفعت مستوى معيشة شعبها، وتبنت مبادئ التعايش السلمي الخمسة، الاحترام المتبادل للسيادة والوحدة الاقليمية، وعدم الاعتداء، وعدم التدخل في الشؤون الداخلية، والمساواة والمنفعة المتبادلة، والتعايش السلمي. والواقع ان المباحثات بين الجانبين عقدت، وأمامهما حصيلة وافرة من الخبرة والتجارب التي مر بها الجانبان خلال تاريخهما الطويل الحافل بالنضال ضد الضغوط الأجنبية، والمحافظة على الوحدة الوطنية، وتحقيق الاستقرار والتنمية الاقتصادية. كما عقدت في مناخ صديق وودود وتوجهات السياسة الخارجية المصرية تؤكد دائماً دعم التعاون في جميع المجالات مع جمهورية الصين الشعبية. منذ التقى الرئيس الراحل جمال عبدالناصر مع رئيس الوزراء الصيني شو إن لاي، في باندونغ، في 1955. ولهذا، فمن الطبيعي أن تكون مصر أول دولة عربية وافريقية تتبادل التمثيل الديبلوماسي مع الصين، في 1927، وأن تعترف بحكومة جمهورية الصين الشعبية في 1956، وتؤيد حق حكومة جمهورية الصين الشعبية في شغل مقعد الصين في الأممالمتحدة، عام 1971. كما دعمت مصر التوجه العربي نحو تطوير العلاقات العربية - الصينية في القرن الحادي والعشرين، وإنشاء منتدى عربي - صيني يتقدم بالتوصيات والأفكار التي تساعد على تطوير هذه العلاقات ودعمها، ومتابعة تنفيذ ما يتم الاتفاق عليه من خطوات في هذا الشأن. وفي هذا الاطار ينبغي التنويه بالاهتمام المتزايد لتنمية العلاقات الاقتصادية، العربية - الصينية. فوصل حجم التبادل التجاري بين الطرفين، عام 2003، ثمانية عشر بليون دولار، بحيث احتلت الدول العربية المركز السابع بين أهم الشركاء التجاريين لجمهورية الصين الشعبية. كما أن الصين أصبحت تحتل المركز الأول بين أهم الشركاء التجاريين لبعض البلاد العربية، وفي مقدمها السودان واليمن. وبلغ حجم العقود المبرمة في مجال المقاولات التي تقوم بها الشركات الصينية في البلاد العربية 21 بليون دولار، وتغطي 6 آلاف مشروع. ومن المنتظر أن يتضاعف هذا الرقم بفضل سياسة الانفتاح، وإنشاء المناطق الحرة، وإقامة المشروعات المشتركة. وزاد حجم التبادل التجاري بين مصر والصين العام الماضي ليصل الى حوالى البليون دولار. وزادت حركة التعاون الثقافي، والتعاون الفني، والتبادل الطلابي، والأساتذة والفنيين من مختلف التخصصات، كما بدأت تتشكل جالية صينية في مصر، وجالية مصرية في الصين. كما زاد التنسيق بين البلدين في المجال السياسي الدولي، سواء في ما يتعلق بقضايا مكافحة الإرهاب، أو حقوق الانسان والحوار بين الحضارات، أو إصلاح الأممالمتحدة، ومنع انتشار الأسلحة النووية، والنظام الدولي الجديد الذي يجب أن يتجه الى تعددية الأقطاب. ويقول المثل الصيني: الحظ يأتي مع البر الغربي ثلاثين عاماً ومع البر الشرقي ثلاثين عاماً. ولا شك في أن الحظ سيأتي معنا في السنوات الثلاثين المقبلة. ويزيد التفاؤل في تحقيق ذلك انني عايشت عن قرب، نظرياً وعملياً، تجربة النهضة الصينية من بدايتها خلال الثلاثين عاماً الماضية مرتين: الأولى خلال عملي ممثلاً للجامعة العربية في هونغ كونغ في 1971 - 1975، والثانية في 1996 - 2003 كسفير للجامعة العربية في جمهورية الصين الشعبية الشقيق. القاهرة - د. محمد عبدالوهاب الساكت