لم يمض على تأسيس "الخطوط الجوية القطرية" اكثر من 11 عاماً الا ان الناقلة الفتية استطاعت ان تحقق نجاحات تحسدها عليها بقية الناقلات، وانها تتمتع بأحد اكبر معدلات النمو في صناعة النقل الجوي في العالم. واذا كانت قناة "الجزيرة" كرّست اسم قطر في الخارج، الا ان "الخطوط الجوية القطرية" تبقى صاحبة الفضل الاول في نقل صورة التقدم الذي تعيشه قطر وفي تأكيد نجاح هذا البلد الخليجي في الارتقاء بمستوى الخدمات ومعايير الجودة، بدليل السمعة المتميزة التي نالتها الناقلة القطرية التي صنعت واحدة من ثلاث شركات طيران في العالم تحظى بتصنيف "خمس نجوم". وتنوي الشركة الاستمرار في توسعها السريع وفي فتح مزيد من المحطات في الخارج، في وقت سيؤهلها مشروع مطار الدوحة الدولي الجديد الذي تتجاوز كلفته خمسة بلايين دولار لامتلاك قاعدة انطلاق واسعة لعملياتها لخدمة اسواق آسيا وافريقيا واوروبا واستراليا، بالاضافة الى السوق الاميركية التي ترغب "القطرية" في دخولها مستفيدة من السعة المقعدية والمدى الطويل اللذين تتيحهما طائراتها الحديثة البعيدة المدى. يقول السيد اكبر الباكر، الرئيس التنفيذي ل"الخطوط الجوية القطرية" ل"الحياة": "عام 1996، والشركة لم تكن تجاوزت عاماً ونصف العام من عمرها، لم يكن في الاسطول غير خمس طائرات: ثلاث منها بوينغ 727 واثنتان بوينغ 100 - 747 قصيرتا المدى، ولم تكن السعة ملائمة لخدمة شبكة محطات الشركة التي كانت تضم 26 محطة، وبعضها كانت طائراتها لا تطير اليه الا مرة واحدة في الاسبوع". ويضيف: "الحل الامثل للحفاظ على سلامة التشغيل كان يقتضي توسيع الاسطول الى 15 طائرة". الباكر الذي تسلّم الادارة في تشرين الثاني نوفمبر من ذلك العام احدث ثورة في طريقة عملها وكذلك في طريقة عمل المطار. ويقول: "الثقة التي منحني اياها المسؤولون اتاحت لي ان اطبّق استراتيجية جديدة تم معها تقليص الشبكة الى 18 محطة، فيما جرى رفع وتيرة الرحلات الى بعض هذه المحطات لتأمين تغذية اكبر بالركاب لخدمة التواصل الجوي ورحلات المتابعة التي كان يتعين تعزيزها في مطار الدوحة الدولي". "هذا التغيير البسيط ادى الى زيادة قدرها 40 في المئة في عدد المسافرين في كانون الاول ديسمبر 1996 مقارنة بالشهر نفسه من العام الذي سبق". ولكن المساعي لم تتوقف عند هذا الحد. يقول الباكر: "باشرت الشركة تنفيذ خطة لاستبدال طائراتي بوينغ 747 بطائرات ايرباص عريضة الجسم من طراك 600 - 300، وجرى استئجار اثنتين منها من شركة آنسيت الاسترالية، في وقت اعادت الشركة تأثيث طائرات البوينغ 727 الثلاث التي كانت تُشغّلها". وبالتزامن مع هذه الخطوات بدأت "القطرية" عملية تعزيز اسمها وصورتها من خلال ادخال شعار جديد تمهيداً لاطلاق منتج جديد تماماً في ايار مايو 1997 تضمن ايضاً تجديد هوية الشركة وتصميم زي جديد لافراد الطاقم. ويقول الباكر: "خلال تلك الفترة عمدت الشركة الى تدعيم شبكتها ووتيرة رحلاتها من خلال انتزاع حقوق نقل اضافية كانت غير مستخدمة من قبل طيران الخليج كانت قطر تملك حصة الربع فيها والتي كانت تعتبر ايضاً الناقل الوطني لقطر". وبنهاية 1997 ادخلت "القطرية" طائرة "ايه 600 - 300" ثالثة الى اسطولها وطائرة "727" رابعة. وخلال السنة الاولى من تشغيلها في ظل الادارة الجديدة شهدت "القطرية" نمواً مقداره 40 في المئة في عدد الركاب. وعام 1998 قررت الشركة استبدال التكنولوجيا القديمة لطائرات "727" فاستأجرت بدلاً منها اربع طائرات "ايه 320" وبقيت "القطرية" مملوكة بالكامل للقطاع الخاص، ما اتاح لمجلس ادارة الناقلة التوسع في الشركة وفي شبكة رحلاتها. وفي الوقت نفسه شكلت "القطرية" مجموعة شركات فرعية لدعم عملها الاساسي في النقل الجوي. ونتيجة النشاط الذي بذلته والدعم الذي حصلت عليه من اعلى المستويات في قطر، مُنحت "القطرية" امتيازات السوق الحرة التابعة للحكومة وخدمات التموين بالاضافة الى خدمات المناولة الارضية في مطار الدوحةالقطري. ومع التقاطها انفاسها في مرحلة التحول الصعبة، وبفضل الدعم الذي شكّله دخول الدولة كشريك مباشر، فاوضت "القطرية" عام 2000 مع "ايرباص" لشراء 11 طائرة من عائلة "ايرباص 320" وفي الوقت ذاته ادخلت ثلاث طائرات "ايرباص 600 - 300" الى اسطولها وبدأت تعمل على 30 شبكة. وبعد ذلك كرّت سبحة التوسعات في الاسطول والشبكة، ومطلع عام 2001 اجرت الشركة محادثات مع "ايرباص" التي تحولت الى موردها الوحيد، لشراء تسع طائرات "ايرباص 200 - 320". وفي نهاية تلك السنة، وبعدما كانت اغلب شركات الطيران يقلص محطات ووتيرة رحلاته كانت "القطرية" تقرر توسيع اسطولها، وتفاوض "ايرباص" لشراء 32 طائرة جديدة من طرازي "200 - 320" و"300 - 330"، ما اوصل اجمالي الصفقات التي ابرمتها الناقلة الخليجية مع المصنّع الاوروبي الى 5.1 بليون دولار. وخلال عام 2001 اوصت الشركة ايضاً على طلبية كبيرة بقيمة 1.25 بليون دولار من طائرة "ايه 800 - 380" العملاقة منها اثنتان مؤكدتان واثنتان خيار شراء. وفي عام 2003 اعلنت الشركة طلبية اضافية تشمل عشر طائرات بعيدة المدى من طراز "ايرباص 600 - 340" بقيمة اجمالية تبلغ بليوني دولار. واثناء الفترة الماضية التي شهدت عمليات توسعة مدهشة للاسطول كانت "القطرية" توسع عدد رحلاتها وحجم شبكتها لتصل الى 55 محطة حول العالم. خطط طموحة ويقول الباكر مبرراً هذا التوسع السريع وهذه الرغبة الطموحة في احتلال مكانة متقدمة بين الناقلات في آسيا: "الناقلة الوطنية هي اداة مهمة لخدمة التطور الاقتصادي في اي بلد، وقطر تشهد خضم مسيرة تنمية اقتصادية واجتماعية هائلة تحتاج معها بشدة الى ناقلة جوية تخدم اهدافها علاوة على كونها اداة للتعريف بالبلاد حول العالم على اعتبار ان الناقلة الجوية هي افضل سفير للبلاد. والخطوط القطرية بسعيها الى لعب هذا الدور تكون قد انجزت ما تتوقعه البلاد منها". ويضيف: "لدينا اليوم اعلى معايير الخدمات في الجو وجائزة افضل خدمات في الشرق الاوسط. وحصلنا بين ثلاث شركات في العالم على تصنيف خمس نجوم لخدمتنا". ويذكر المسؤول القطري الذي يتولى ايضاً الاشراف على هيئة السياحة في قطر ان "خطة السياحة التي اطلقت لتطوير المرافق السياحية في البلاد لم يكن ممكناً تطبيقها او تحقيقها من دون وجود شركتنا لتخدمها" مؤكداً ان "الخطوط القطرية تخطط لتخدم وتصل الى كل القارات الخمس بحلول 2006" وانها "ملتزمة تماماً بهذه الخطط". ولم يتردد الباكر في الحديث بصراحة عن الخسائر التي كانت شركته تتوقع حصولها خلال مرحلة التوسع السابقة، في وقت تحرص بقية شركات الطيران الأخرى على اخفاء خسائرها. ويقول: "نحن الشركة الوحيدة التي تقول إنها ستخسر مالاً. والأمور بدأت تتغير كما أظهرته نتائج السنة المالية المنتهية في آذار مارس الماضي حينما حققت الخطوط القطرية أرباحاً". إلا أنه يبقى حذراً رغم النتائج الايجابية الأخيرة، مشيراً إلى أن "هذه النتائج تبقى خاصة بعام واحد". ويتوقع "ربما هذه السنة المالية ألا نحقق أرباحاً بسبب ارتفاع أسعار النفط"، منوهاً إلى أنه "في ظل الأوضاع غير المستقرة دولياً وارتفاع أسعار النفط، سيكون صعباً على شركات الطيران تحقيق أرباح، لأننا جميعاً نتوقع زيادة تناهز 50 في المئة على أسعار الوقود التي ارتفعت من 90 سنتاً إلى 1.4 دولار للغالون الواحد، وهذه زيادة كبيرة". ورغم الكلفة العالية لتحديث الاسطول، إلا أن "القطرية" تتمتع بملاءة مالية مرتفعة. ويقول الباكر: "نسدد ثمن الطائرات الجديدة من مواردنا المالية، بالإضافة إلى التمويل الذي نحصل عليه من المصارف". ويشرح السبب الذي يقف وراء التحديث المستمر للاسطول، مشيراً إلى أن "القطرية تتبع استراتيجية تقوم على عدم الاحتفاظ بأي طائرة يتجاوز عمرها خمساً إلى سبع سنوات في الاسطول. وهذا الأمر يتيح لنا الحصول على سعر بيع مرتفع مقابل طائراتنا المستعملة لأنها تبقى في عمر فتي". تغيير الاسطول وتنوي "القطرية" البدء فيء تغيير أغلب طائراتها التي قاربت هذه السن في عامي 2008 و2009. ويقول: "أنجزنا الدراسات المتعلقة بتحديث الاسطول ونحن نتحدث بهذا الخصوص مع كل من بوينغ وايرباص. ونحن نفكر في شراء طائرات حديثة منها سواء طراز بوينغ 8-7 إي7 الذي يضم 200 إلى 220 مقعداً، أو طراز بوينغ 9-7 إي7 التي يمكن لها أن تنقل قرابة 280 مسافراً". ولم تحسم الشركة بعد قرارها في ما يتعلق بزيادة حجم طلبيتها من طائرات "اي 800-380" العملاقة. ويقول رئيسها التنفيذي: "نحن ننوي شراء طائرات عدة جديدة، ولكننا لم ندرس بعد كيف ستكون متطلباتنا لأننا سبق وأوصينا على أربع طائرات منها، وبعد تسلمها سنقرر، وهذا سيجري بعد خمس سنوات". وعلى صعيد التحالفات، يضيف: "لدينا وقت لاختيار تحالف دولي ننضم إليه. ونحن نقوم بالكثير في ما يخص تبادل الرموز مع شركات طيران كثيرة، وما نأمله هو أن نختار تحالفاً جوياً دولياً في مدى عامين أو ثلاثة لننضوي في إطاره". وتلعب القطرية دوراً أساسياً أيضاً في تشغيل مطار الدوحة الدولي بعدما انيطت بها هذه المهمة منذ عامين، ويقول الباكر: "الخطوط القطرية جزء من اللجنة التي تشرف على وضع المواصفات الخاصة بتوسعة المطار الجديد وبنائه والاشراف أيضاً على وضع هذه المواصفات موضع التنفيذ. وهذا وضع فريد من نوعه تكون فيه شركة الطيران مسؤولة أيضاً عن كل الاجراءات التي تواكب المسافر من اللحظة التي يُسجل فيها أمتعته إلى اللحظة التي يسافر بها". ويؤكد أن "القطرية" تنوي جعل المطار "يعكس أعلى مستويات الراحة والسلامة للمسافر مع كونه رؤوفاً بالبيئة في الوقت ذاته، ولبلوغ أعلى قدر من رضى المسافرين". وشهد مطار الدوحة معدل نمو كبيراً للغاية، إذ زاد عدد المسافرين عبره خلال عام 2003 بمقدار 41 في المئة، وهي نسبة ينتظر أن تتكرر خلال سنة 2004. ويشرف الباكر على مطار الدوحة الحالي. ويقول موضحاً أسلوب العمل المتبع: "تنوي الخطوط القطرية توسيع تسهيلات المطار سواء محطة الركاب أو ساحة وقوف الطائرات من أجل رفع سعة المطار من 4.5 مليون مسافر حالياً إلى تسعة ملايين مسافر عام 2008، ريثما تكون المرحلة الأولى من المطار الجديد جاهزة للتشغيل". وتنوي الناقلة الخليجية الفتية توسيع شبكتها خلال العام 2005. ويقول الباكر: "بحثنا مع مسؤولي ايرباص احتمال التعجيل في تسليم الطائرات التي أوصت عليها الشركة. وإذا توصلنا إلى تسريع وتيرة التسليم خلال 2005، فسنقوم بفتح عشر محطات جديدة ستكون نيويورك احداها، وكذلك السيشيل وجوهانسبورغ وكيب تاون ورانغون". وتسلمت "القطرية" في الشهرين الماضيين أربع طائرات "ايرباص" من طراز "300-330" بعيدة المدى بلغت كلفتها نصف بليون دولار. وتتميز الطائرات الجديدة بامتلاكها تجهيزات فريدة من نوعها، منها وضع نافذة للمراحيض واستخدام مقاعد فخمة تفتح بشكل افقي لمقاعد الدرجة الأولى مع تجهيزات تتيح استقبال ضيوف في المقعد الفسيح. كما تتميز مقاعد درجة الأعمال براحة متناهية وتجهيزات تفوق ما لدى الشركات المنافسة في مقاعد الدرجة الأولى. أما مقاعد الدرجة الاقتصادية فتعتبر الأرحب من نوعها في سوق الشرق الأوسط مقارنة بالمقاعد التقليدية. وتعتبر "القطرية"، الناقل الوطني الوحيد لدولة قطر بعد انسحابها من "طيران الخليج"، أسرع شركات الطيران نمواً في العالم، وهي تقوم بتسيير رحلات من الدوحة إلى نحو 55 وجهة في أوروبا والشرق الأوسط وافريقيا وشبه القارة الهندية والشرق الأقصى. أما اسطول الناقلة فيضم 38 طائرة.