حفل العام 2004 ب"إنجازات" رياضية في بعض الدول العربية و"خيبات أمل" في بعضها الآخر على ضوء النتائج التي تحققت خصوصاً في الدورة الاولمبية السابعة والعشرين التي استضافتها أثينا في آب أغسطس الماضي. وحقق الإنجازات أبطال كان يتوقع لهم ان يتوجوا فتألقوا وتوهجوا وعانقوا الذهب الاولمبي، وخاب امل الذين كانوا يسعون إلى تحقيق نتائج افضل من سيدني 2000، بعد ان سقطوا في الامتحان على ارض بلاد "الاغريق" خصوصا ألعاب القوى في دول الخليج. واقيمت الدورة العربية في الجزائر في ظل خسوف او ربما كسوف احدثته شمس الاولمبياد وتجمع فيه ابطال العالم بمن فيهم العرب، فحجب النور عن التظاهرة العربية التي كانت بحد ذاتها خيبة امل. والجميع كان يعرف مسبقاً بمن فيهم المنظمون الجزائريون ان الدورة العربية العاشرة لن تلقى الاهتمام الكافي كسابقاتها، وتحديداً منذ اعلان موعدها الجديد بعد تأجيلها اكثر من عام بسبب الزلزال المدمر الذي ضرب الجزائر وذهب ضحيته اكثر من 10 آلاف شخص علاوة على الخسائر المادية الكبيرة. رياضياً، تلألأ في الجزائر اكثر من نجم وفي المقدمة منهم السباح التونسي اسامة الملولي المعروف دوليا ذهبية وبرونزية في بطولة العالم الصيف الماضي في انديانابوليس الاميركية واولمبياً وافضل رياضي في بلاده للعام الثاني على التوالي، والسباحة المصرية سلمى زينهم والعداءة الجزائرية بايا رحولي وهي معروفة دولياً ايضاً، وفرضوا انفسهم في الرياضات التي شاركوا فيها. وتصدرت مصر الدورة برصيد 170 ميدالية 81 ذهبية و41 فضية و48 برونزية، وجاءت الجزائر المنظمة في المركز الثاني برصيد 229 ميدالية 74 ذهبية و77 فضية و78 برونزية، فيما حلت تونس في المركز الثالث ولها 142 ميدالية 48 ذهبية و42 فضية و52 برونزية. وكان الملولي النجم المطلق في منافسات السباحة وبين الرجال لأنه الأكثر تتويجاً 6 ذهبيات و4 فضيات وبرونزية واحدة، بينما كانت الشابة زينهم 18 عاماً الأكثر تتويجاً لدى السيدات 6 ذهبيات وفضيتان وأكدت احقيتها بخلافة مواطنتها الشهيرة رانيا علواني التي حققت نتائج رائعة في الدورات العربية وجمعت نحو 20 ميدالية في دورتي بيروت وعمان1999. وحصدت رحولي 4 ذهبيات وكانت قريبة من الخامسة لولا الخطأ الذي ارتكبته في سباق التتابع 4 مرات 100 م، كما لم يشذ مواطنها سليم ايلاس، حامل برونزية بطولة العالم 2002 في موسكو، عن القاعدة وأحرز 4 ذهبيات في منافسات السباحة ايضاً. ووزعت 1023 ميدالية في الدورة وسجلت فيها حالة منشطات واحدة كانت لليمني عدلي محمد غانم، بطل وزن 54 كلغ في التايكواندو. عام انجازات الكروج اولمبياً، تراجعت غلة العرب من 14 ميدالية في اولمبياد سيدني قبل اربع سنوات الى 10 في اثينا مع تحسن في نوعية المعدن حيث تضمنت 4 ذهبيات مقابل واحدة في سيدني منها اثنتان للنجم المطلق العداء المغربي هشام الكروج، وشهدت الدورة ايضاً طفرة مصرية بعد غياب 20 عاماً، وتدوين اسم الامارات في السجلات الاولمبية لاول مرة في تاريخها عبر بطل الرماية الشيخ احمد بن حشر آل مكتوم. وكان عام 2004 بالفعل عام الكروج فحقق "انجازاً مزدوجاً" في سباقي 1500 م و5 آلاف م وعوض اخفاقيه السابقين في اولمبيادي اتلانتا 96 وسيدني 2000، وبات ثاني عداء في التاريخ يحقق هذا الانجاز في دورة واحدة بعد الفنلندي الشهير بافو نورمي عام 1924 في دورة باريس. وتفوق الكروج بجرأته وتصميمه على العملاقين الاثيوبي بينينيسا بيكيلي حامل الرقم القياسي لسباقي 5 آلاف و10 آلاف متر، والكيني ايليود كيبتشوغ بطل العالم في السباق الأخير، وحقق في مدى خمسة أيام ما عجز عنه في 8 سنوات لا سيما انه خاض سباق 5 آلاف متر للمرة الاولى هذا العام، ولم يخلد للراحة بعد فوزه بسباق 1500 متر الا اقل من 24 ساعة قبل المشاركة في تصفيات السباق الاول. ونال الشيخ احمد بن حشر آل مكتوم شرف ان يكون اول اماراتي يمنح بلاده ذهبية في الالعاب الاولمبية عندما فاز بمسابقة الحفرة المزدوجة دبل تراب معادلاً الرقم الاولمبي الذي كان بحوزة الاسترالي مارك راسل بعد ان اصاب 189 طبقا من اصل 200. وقرر احمد بن حشر الاعتزال بعد اثينا احتجاجا على عدم الاهتمام برياضة الرماية لكنه تراجع عن قراره بعد تدخل المسؤولين والوعود الكثيرة باحداث التطور المنشود. خيبة امل خليجية وباستثناء الامارات، خاب امل الدول الخليجية في الاولمبياد خصوصا السعودية، فبعد فضية هادي صوعان قبل اربع سنوات في سباق 400 م حواجز وبلوغ حمدان البيشي نهائي سباق 400 م وحسين السبع نهائي مسابقة الوثب الطويل، فشل صوعان والبيشي في بلوغ السباق النهائي، في حين لم يشارك السبع لاتهامه بتناول مواد محظورة. وخيب العداء البحريني رشيد رمزي الآمال المعقودة عليه في سباق 1500م خصوصا انه هزم الكروج في لقاء روما الدولي وحل في المركز الاول ما جعله بين المرشحين لاعتلاء منصة التتويج، لكنه فشل حتى في بلوغ السباق النهائي. وحل القطريان موسى عبيد عامر وخميس عبدالله في المركزين الرابع والخامس عشر على التوالي في سباق 3 آلاف م موانع، وافلتت برونزية مسابقة السكيت في الرماية من مواطنهما ناصر العطية بعد ان اصاب 147 طبقا من اصل 150 ليتعادل مع راميين آخرين فخاضوا جولة فاصلة خرج منها اولاً الاميركي ثم القطري وكان المركز الثالث من نصيب الكوبي. ولم يثبت اي من المشاركين الجزائرين وجوده في اثينا، وحققت مصر "طفرة" بعد سبات استمر 20 عاماً ابتعدت خلاله نهائيا عن منصات التتويج فأحرزت خمس ميداليات منها ذهبية تاريخية جاءت بعد غياب 56عاماً عن طريق مصارعها كرم جابر ابراهيم الذي اختير افضل مصارع في الدورة. وكانت مصر تبحث عن ميدالية من اي نوع للمرة الاولى منذ ان احرز محمد رشوان فضية الوزن الثقيل في الجودو في اولمبياد لوس انجليس 1984. وفرضت الملاكمة المصرية نفسها ايضاً من خلال احراز فضية وبرونزيتين، ودخلت مصر ايضاً سجلات رياضة التايكواندو للمرة الاولى بواسطة تامر بيومي الحاصل على ميدالية برونزية. وفي كرة القدم، كانت الحال افضل فلفت المنتخب العراقي الاولمبي نظر الجميع بعروضه الرائعة ولم يتوان رئيس الاتحاد الدولي جوزف بلاتر عن متابعة ثلاث من مبارياته مشيدا بالروح القتالية للاعبيه واصفاً اياه بأنه "منتخب المستقبل". وضرب المنتخب العراقي بقوة في مباراته الاولى فحقق نتيجة لافتة بفوزه على البرتغال 4-2، اتبعه بفوز مستحق على كوستاريكا 2-صفر وضعه في ربع النهائي. واجتاز عقبة استراليا في ربع النهائي ليصبح على مشارف منصة التتويج لكنه خسر في نصف النهائي امام البارغواي، ثم امام ايطاليا في مباراة المركز الثالث. ويحسب لتونس احرازها كأس امم افريقيا على ارضها وللمغرب لقب الوصيف، ولقطر كأس الخليج التي نظمتها ولعمان لقب الوصيف، فيما فقدت مصر والسعودية كثيراً من هيبتهما الكروية واستمر انحدار مستوى ونتائج المنتخب الجزائري.