تؤكد كل المؤشرات المرافقة لانعقاد قمة مجلس التعاون لدول الخليج العربية في المنامة اليوم ان"قمة زايد"ستكون"قمة اقتصادية"، على رغم أهمية القضايا والمواضيع السياسية التي ستبحث فيها وتخرج بقرارات مهمة في شأنها. ولا شك أن القرارات الاقتصادية التي ستخرج عن هذه القمة ستكون ذات صلة مباشرة بمصالح"المواطن الخليجي"، ويستطيع المراقب أن يأمل بصدور قرارات عن القمة ذات صلة بدفع"المواطنة الخليجية"الى مراحل متقدمة في إطار العمل الاقتصادي الخليجي المشترك. بعد 25 عاماً على انطلاقة مجلس التعاون لدول الخليج العربية ووضع الاتفاقية الاقتصادية الموحدة لدول المجلس، ستشكل قمة المنامة، التي تقرر تسميتها"قمة زايد"، انطلاقة جديدة في العمل الخليجي الاقتصادي الموحد، وستعطي دفعات مهمة للسير خطوات أكثر تقدماً في اتجاه انشاء السوق الخليجية المشتركة والاتحاد النقدي واطلاق العملة الخليجية الموحدة سنة 2010. ولا شك أن الوضع المالي والاقتصادي لدول مجلس التعاون هذه السنة سيمكن دول المجلس من البناء الاقتصادي على مستوى كل دولة وعلى المستوى الجماعي انطلاقاً من موقع مالي قوي ينتج عن تحقيق معدلات عالية من العائدات النفطية خلال السنة الجارية، خصوصاً وأن معظم الدول الأعضاء تعتمد في انتاجها الاجمالي على النفط والغاز على رغم الخطوات الكبيرة التي قطعتها لتنويع مصادر الدخل. وتوقعت مصادر مالية واقتصادية ان ينمو حجم اجمالي الناتج المحلي لدول مجلس التعاون لدول الخليج العربية سنة 2004 الى نحو 421 بليون دولار، مقابل 340 بليون دولار عام 2003، بزيادة نسبتها 23.8 في المئة، ويعود هذا الارتفاع في الناتج المحلي لدول المجلس الى ارتفاع أسعار النفط سنة 2004 بنحو 25 في المئة. وقالت مصادر نفطية خليجية ان"قمة زايد"ستعلن في ختام أعمالها تأييدها للقرار الذي اتخذته منظمة الدول المصدرة للنفط أوبك يوم العاشر من الشهر الجاري في القاهرة بخفض الانتاج الزائد لدول"أوبك"، عن سقف انتاجها الرسمي البالغ 27 مليون برميل يومياً، بمقدار مليون برميل يومياً. وترجع أهمية تأييد القمة الخليجية لقرار"أوبك"الى أن تخفيض الانتاج الذي قررته"أوبك"سيكون في معظمه من الدول الخليجية الأربع الأعضاء في منظمة"أوبك"، وهي السعودية والاماراتوالكويتوقطر. وأعلن وزير النفط السعودي علي النعيمي ان السعودية أبلغت زبائنها انها ستخفض الكميات التي سيتم تصديرها اليهم اعتباراً من أول الشهر المقبل بمقدار نصف مليون برميل يومياً. وساهم هذا القرار، مع ارتفاع برودة الطقس في النصف الشمالي من الكرة الأرضية، الأسبوع الماضي في ارتفاع أسعار النفط بمقدار خمسة دولارات للبرميل وسطياً، وأغلق الخام الأميركي الخفيف للعقود الآجلة تسليم كانون الثاني يناير في نهاية التعاملات يوم الجمعة الماضي على سعر 46.28 دولار للبرميل، بزيادة مقدارها 2.10 دولار على اقفال اليوم السابق، في حين سجل خام"برنت"تسليم شباط فبراير 43.40 دولار للبرميل، بزيادة مقدارها 1.96 دولار للبرميل. وأكدت دول مجلس التعاون، التي تلعب دوراً مهماً في منظمة"أوبك"، انها ترغب في أسعار"عادلة ومعقولة"للنفط الخام تحافظ على مصالح المنتجين والمستهلكين. وتحملت دول"أوبك"، وفي مقدمها دول الخليج النفطية، مسؤولياتها بزيادة امداداتها من النفط الخام للأسواق النفطية العالمية للحد من ارتفاع الأسعار بعدما وصلت أسعار النفط، لأسباب خارجة عن قوانين السوق، الى مستوى 55 دولاراً للبرميل للخام الأميركي، وذلك في اطار مسؤولياتها في الحفاظ على استقرار الاقتصاد العالمي. وتتخذ دول مجلس التعاون ومعها دول"أوبك"قراراتها في شأن توفير امدادات كافية من النفط الخام للحد من حدوث ارتفاعات كبيرة في أسعار النفط، على رغم ما عانته من عجوزات مالية بسبب تراجع مدخولاتها من النفط الخام، وبالتالي تراجع اجمالي الناتج المحلي، وتأثيره في الأوضاع الاقتصادية لدول المجلس، اذ تراجع أداء اقتصادات دول المجلس مجتمعة خلال عام 2001، وبلغ اجمالي الناتج المحلي لهذه الدول نحو 331.2 بليون دولار، بمعدل نمو سالب مقداره - 2.9 في المئة. وانخفض اجمالي الناتج المحلي عام 2001 في كل الدول عدا سلطنة عمان، وبلغت معدلات النمو -1.8 في المئة في قطر و-13.2 في المئة في الكويت و-1.2 في المئة في السعودية، التي يشكل اجمالي ناتجها المحلي نحو 54 في المئة من اجمالي الناتج المحلي لدول المجلس، و-0.5 في المئة في البحرين و-3.6 في المئة في الامارات، فيما ارتفع في سلطنة عمان بمعدل طفيف مقداره واحد في المئة. وتتوقع المصادر الاقتصادية ان تحقق الدول الخليجية الست عائدات مرتفعة جداً من النفط الخام والغاز هذه السنة نتيجة ارتفاع أسعار النفط، وارتفاع معدلاتها الانتاجية، اذ يبلغ اجمالي انتاج الدول الست الأعضاء في مجلس التعاون نحو 15.5 مليون برميل يومياً مقابل 13.2 مليون برميل يومياً عام 1999، وهو يشكل نحو 50 في المئة من انتاج"أوبك"الشهر الماضي، ونحو 20 في المئة من الانتاج العالمي. ويقدر احتياط دول المجلس من النفط بنحو 468.2 بليون برميل تشكل 47 في المئة من احتياط دول"أوبك"و45 في المئة من الاحتياط العالمي.