تقول رانية 12 سنة انها بعد أن تعرفت الى التشات المحادثة الالكترونية عبر التلفزيون من خلال قناة"ميلودي هيت"للأغاني، صارت تفضله على التشات عبر الانترنت. وهي الآن تقضي فترات طويلة من يومها متسمرة أمام شاشة التلفزيون، وليس شاشة الكومبيوتر، لكي تتبادل الحديث مع أصدقائها. و"ميلودي"هي واحدة من قنوات تلفزيونية عدة باتت تقدم لمشاهديها خدمة التشات باستخدام رسائل الSMS خدمة الرسائل القصيرة من الهواتف المحمولة في معظم الدول العربية. وهذه القنوات تحاول بأساليب مختلفة كسب مشاهدين جدد والمحافظة على نسبة رواج عالية في منافسة شديدة، تفرضها كثرة الفضائيات اليوم. ذلك ان تبادل الرسائل القصيرة طريقة جديدة ومبتكرة في المحادثة وتتفوق على المحادثة العادية في الانترنت لكونها مرئية ليس فقط من الذين يتبادلون الرسائل ويتحادثون بل من الجمهور العادي الذي يتابع التلفزيون أيضاً. أي انها محادثة عامة وعلنية بعكس غرف التشات الخاص في الانترنت. وهكذا، وعلى رغم ان الانترنت يقدم سرية مطلوبة وضرورية بالنسبة الى الكثيرين، فإن البعض تغريهم العلنية على التلفزيون، وهؤلاء باتوا يشكلون مجتمعاً صغيراً ويزداد عددهم يوماً بعد يوم. وفي هذا السياق يرى جورج 22 سنة انه لا يحتاج في هذه المحادثة أن يجلس ساعات أمام جهاز الكومبيوتر بل يستطيع أن يكون جالساً براحته كأي مشاهد عادي للتلفزيون ويمارس في الوقت نفسه رغبته في تبادل الرسائل مع أصدقاء جدد والاستمتاع بقراءة كلماته بعد أن يرسلها وقراءة رسائل غيره أيضاً. الحبّ إذا استثنينا رسائل التهنئة بالأعياد الدينية وأعياد الميلاد الشخصية ورسائل بعض المغتربين الى أهاليهم، فإن الموضوع الوحيد لهذه المحادثات هو الحب والزواج والعلاقات العاطفية. ومن الطبيعي أن يحدث ذلك، فمعظم المستخدمين شباب في بداية أعمارهم وتشكل قصص الحب والبحث عن شريك نسبة عالية من مساحة اهتماماتهم. ولكن الموضوع قد يتغير في بعض المناسبات المفاجئة كفوز بلد على آخر في كرة القدم أو فوز شاب من بلد ما في برنامج مسابقات كما حدث بعد انتهاء برنامجي"سوبر ستار"و"ستار أكاديمي"مثلاً، إذ ازداد التوتر والعدائية مع بعض العنصرية في رسائل بعض المتحمسين. أما في الأحوال العادية، فلا نجد سوى الغرام والشكوى والبحث عن الشريك المناسب إذ يمكننا أن نقرأ على سبيل المثال:"أنا المهندس وليد حابب اتعرف على بنت أمورة ودلوعة ومثقفة"و"أنا أمجد حابب اتعرف على بنت حلبية"و"حابب اتعرف على بنت نكدية وتحب المشاكل وخصوصاً مع الجيران"و"الى حبيبي أنور أنا آسفة على كل ما حصل التوقيع هالة"و"هاي نضال عم دور عليك عرفني على عمرك ورقمك"و"أنا رشدي حااستناكي بكره عند باب الجامعة ما تنسيش يا نجلاء"... الخ. بعض المحطات التلفزيونية مثل"ميلودي"و"روتانا"وغيرها تقدم مع التشات خدمات إضافية مثل إمكان ارسال رموز ورسوم كالقلوب والأزهار والابتسامات والصور، وهي خدمات موجودة في مواقع التشات على الانترنت أساساً. كأن التلفزيون يحاول أن ينقل فكرة التشات من الانترنت الى حيز آخر مرئي مسموع، إذ يمكن للمشاركين في التشات أن يتابعوا مسلسلاتهم وأغنياتهم المفضلة في الوقت نفسه. صحيح ان التلفزيون حتى الآن لم يتفوق في توفير المزايا الكثيرة والمتنوعة التي يقدمها الانترنت كاستخدام الميكروفون والكاميرا أثناء التشات، إلا أنه بات مغرياً أكثر بسبب تقديمه لهذا النوع من الخدمات لمشاهديه العاديين. الفكرة ان الكثيرين كانوا، وما زالوا، يتهمون التلفزيون بسرقة وقتنا الثمين وبنشره لثقافة سطحية وترويجه لكل ما هو سريع وخفيف، ثم انتقل جزء من هذه التهمة الى الانترنت بعد انتشار استخدام الشبكة وخصوصاً للوقت الذي يضيعه الشباب في غرف التشات. أما اليوم، فيبدو ان التلفزيون يجمع التهمتين معاً عبر تقديمه لفرصة المشاهدة وخدمة التشات في آن واحد.