- آلو...آلو. ينبغي ألا تفوتك صفقه شراء هذه الفيلا في برّمانا لبنان. أعرف أنك لا تستطيع مغادرة طوكيو الآن. لكن خريطة الفيلا معي هنا في برّمانا، وها أنا ادخلها في جهاز الكومبيوتر أمامي وستظهر خلال لحظات على شاشة الكومبيوتر عندك... وهذه لقطات فيديو للفيلا من داخل وخارج... كما ترى، حديقة الفيلا واسعة وتحتوي أيضاً على شجرة النخيل التي تعشقها أنت، وهذا مدخل الجناح الخاص بالضيوف... تفضل يمكننا التجول فيه. - لحظه من فضلك...لحظه. هل يمكن أن تعيد لقطة الحديقه...اريد أن أرى منظر البحر ومدينة بيروت من شرفة الحديقة...شكراً. هذا الكلام والتبادل الفوري للوثائق ولقطات الفيديو يجري عبر شبكة الانترنت التي تربط بين جهازي كومبيوتر، واحد في العاصمة اليابانية طوكيو والآخر في مدينة برّمانا في جبل لبنان. صحيح أن تبادل الكلام عبر الانترنت أبطأ بقليل من الهاتف، ولقطات الفيديو على شاشة الكومبيوتر ليست بجودة صور التلفزيون، لكن اجور المكالمة في الانترنت أقل من النصف، بل هي ربع اجور الهاتف الدولي. ولا حاجة الى محطة ارسال خاصة للبث التلفزيوني عبر الانترنت، بل يكفي وجود جهازي كومبيوتر مزودين برامج خاصة لبث صور الفيديو وتسلمها. في هذه الأجهزة شيء من السحر الذي يميز التكنولوجيا الرقمية التي أوجدتها. فهذه التكنولوجيا تحول كل أنواع المعلومات المرئية والمسموعة الي رقمي واحد وصفر. وعندما تصبح الكتابة والأصوات والصور أرقاماً يمكن آنذاك أن تفعل بها ما تشاء: تضغطها وتفككها وتمزجها وترسلها أشلاء مقطعة عبر أرجاء العالم لتعيد تركيبها من جديد. ويتابع العالم يومياً سحر التكنولوجيا الرقمية في عشرات القنوات التلفزيونية الفضائية والصحف العابرة للقارات وحوانيت البيع عبر الانترنت والهواتف الرقمية الجوالة وبلايين الدولارات التي تجتاز الحدود في لحظات عبر شبكات المصارف وأسواق الأسهم. كثير من هذه الأجهزة وصل الى المستهلكين في العالم العربي. وذكر الدكتور خلدون طبازه، مدير شبكة الانترنت العربية "آرابيا اون لاين" أن هاتف الانترنت معروف في المنطقة، ويمكن الحصول على علبة تربط جهاز الفاكس بالانترنت. وقال طبازة ل "الحياة" أن الانترنت تثير قلق بعض مسؤولي الاتصالات، وفكر بعضهم بوقفها. ويعود القلق من الانترنت الى أنها تهدد بابتلاع أبويها: الهاتف والكومبيوتر. أداة صغيرة تُدعى "مودم" وصلت بين الاثنين وولدت الشبكة الجبارة التي تربط ملايين أجهزة الهاتف والكومبيوتر حول العالم. وقد اعتقدت وزارات وشركات الهاتف حتى وقت قريب أنها ستستخدم الانترنت، مثل الفاكس لتبادل الرسائل الألكترونية. لكن يحدث الآن عكس ذلك، اذ تستخدم الانترنت شبكات الهاتف لبث النصوص المكتوبة والمنطوقة والمرئية. ويمكن لأي شركة صغيرة أو شخص استئجار بوابة في الانترنت لانشاء خدمات هاتفية دولية أو محطة اذاعة وتلفزيون. تفعل الانترنت كل ذلك من داخل رحم امها التي ولدتها. فهي "تنط" من شبكة الهاتف المحلية في بلد الى خطوط الاتصالات الدولية لتعود الى شبكة الهاتف المحلية في بلد آخر دون أن تدفع التعريفة المقررة عن المكالمات الخارجية. وتخشى مؤسسات الهاتف العامة من أن يستنزف هذا "النط" مواردها التي تعاني أصلاً من تحويل المكالمات الهاتفية الدولية عبر البلدان الاخرى. والسؤال، الذي يتردد حالياً، هو: من الذي سيبتلع الآخر؟ الانترنت أم الهاتف والتلفزيون؟ تظهر التجارب أن التكنولوجيا الأرخص والأسرع والأوفر خدمة تفوز في السباق دائماً. وهذا ما تبينه الاحصاءات. ففي العام الماضي انخفض للمرة الأولى عدد مشاهدي التلفزيون في الولاياتالمتحدة مقابل زيادة الاشتراكات المنزلية في خدمات الانترنت. وحدث انخفاض مماثل في الاتصالات البريدية، التي تفوق عليها للمرة الاولى أيضاً البريد الألكتروني عبر الانترنت. وقد لا يمر وقت طويل قبل اضافة كلمة الانترنت الى أسماء وزارات الاتصالات والاعلام... أو ربما قيام وزارات الانترنت محلها!