تنضم الولاياتالمتحدة إلى الأسرة الدولية في الاحتفال بالذكرى السادسة والخمسين لتبني الإعلان العالمي لحقوق الإنسان. إن المبدأ المتمثل في أن الحرية والتنمية هما حق متأصل لكل الشعوب إنما كان الأساس الذي ارتكزت إليه السياسة الخارجية الأميركية على الدوام. أما الأمر الذي لا سابق له في التاريخ فهو الكيان الذي تعكف الولاياتالمتحدة وشركاؤها من مجموعة الثماني ودول الشرق الأوسط الكبير وشمال إفريقيا على استحداثه لضمان تحقيق التزام الإعلان"بما لجميع أعضاء الأسرة البشرية من كرامة أصيلة فيهم، ومن حقوق متساوية وثابتة". يتم حالياً تشكيل شراكة جديدة، تقوم على أساس الإدراك المشترك بأنه يتعين علينا، لتحقيق التوقعات الأساسية لمواطنينا في السلام والأمن وحياة أفضل لأبنائنا، أن نتصدى للإحباط والظلم والفقر التي تغذي العنف وانعدام الاستقرار. وأكد الرئيس بوش أنه، عندما يتعلق الأمر بالحاجات العادية للرجال والنساء،"فليس هناك صدام حضارات...إن الشعوب تختار الحرية". إن ترجمة هذه الرؤية إلى حقيقة واقعة هي أحد الأمور الأساسية التي تنشغل بها السياسة الخارجية للرئيس بوش. لقد انضممت يومي العاشر والحادي عشر من كانون الأول ديسمبر الجاري إلى وزير الخارجية باول في الرباط لحضور أول اجتماع ل"منتدى المستقبل". فاستجابة للدعوات الصادرة من داخل المنطقة للتعجيل في وتيرة الإصلاح السياسي والاقتصادي والتعليمي، انضم وزراء الخارجية والمال وعدد من كبار المسؤولين من ثلاثين دولة إلى ممثلين عن المجتمع المدني ومؤسسات الأعمال لدفع عجلة برنامج عملي للتغيير. وضمن المنتدى، تعكف اليمن وإيطاليا وتركيا، على إنشاء دار مقاصة خاصة بالممارسات الفضلى في مجال صنع القرار بصورة تمثيليلة والحكم الذاتي، بينما تصدر المغرب والبحرين عملية إنشاء مراكز تفوق تجاري سيقوم بتدريب وإلهام الجيل المقبل من قادة قطاع الأعمال. في حين تطلق الجزائروأفغانستان مبادرة محو أمية إقليمية. إننا لم نجلب معنا صيغاً أو نماذج جاهزة إلى الرباط. بل إننا، على العكس من ذلك، نقوم بعرض مساعدتنا على أولئك القادة، داخل الحكومات وخارجها، والذين يدركون أن الدول الحرة هي دول أقوى بالضرورة. ويدرك القادة الذين اجتمعوا في الرباط أنه يتعين أن يختار كل بلد السرعة التي تدفع عجلة التقدم بشكل فعال فيه ضمن إطار بيئته الثقافية والاقتصادية والسياسية. إن هنالك إدراكا متعاظما أن هذه تمثل لحظة فرصة تاريخية في المنطقة، كما تثبت الأحداث في أفغانستان والسلطة الفلسطينية والعراق. ففي أفغانستان، وبعد حملة انتخابية شهدت منافسة حامية وشاركت فيها أحزاب سياسية مختلفة، أدى حامد كارزاي اليمين الدستورية كأول رئيس منتخب بطريقة ديموقراطية للبلد، طاوياً بذلك صفحة"تاريخ صعب وقاتم"، وفاتحاً صفحة جديدة في تاريخ أفغانستان. وفي السلطة الفلسطينية، سيتوجه الناخبون إلى مراكز الاقتراع في التاسع من كانون الثاني يناير المقبل لاختيار قيادة جديدة. وسيشكل بزوغ قيادة فلسطينية مشروعة، ملتزمة الديموقراطية وحكم القانون ونظام الحكم الشفاف، وبوضع حد للعنف والإرهاب، حافزا قويا للسلام. والولاياتالمتحدة ملتزمة حشد المجتمع الدولي للمساعدة في إنعاش الاقتصاد الفلسطيني وفي إنشاء مؤسسات أمن فلسطينية لمحاربة الإرهاب وفي مساعدة الحكومة الفلسطينية على مكافحة الفساد وبناء المؤسسات الديموقراطية. إن رؤيانا لا تزال تتمثل في إقامة دولتين، إسرائيل وفلسطين، تعيشان جنباً إلى جنب بأمن وسلام ورخاء. وفي العراق، انضم تحالف دولي بقوات مسلحة من أكثر من ثلاثين دولة إلى الولاياتالمتحدة لجلب الحرية إلى شعب حرم لفترة مفرطة الطول حتى من أبسط مقومات الحرية. وقد قام الإرهابيون بكل ما يمكنهم للحيلولة دون نجاح التحالف، وكانت تضحيات الشعب العراقي كبيرة. ولكن العراقيين سينجحون في بناء ديموقراطيتهم. وقد بدأ العراقيون يطالبون بالفعل بحقوقهم ويحددون ماهية نضالهم السياسي علنا، على مسامع الشرق الأوسط الكبير. يتعين علينا، تكريماً ليوم حقوق الإنسان العالمي، إعادة تأكيد رؤيا بديلة للمستقبل، مستقبل من التسامح يجلب فيه تمكين الأفراد الكرامة والأمن للجميع. * مساعد وزير الخارجية الأميركي لشؤون الشرق الأدنى