يعتبر قانون الأحوال الشخصية الأردني هو القانون الذي ينظم الحياة الأسرية بين افراد الأسرة ويوضح ما لكل فرد من افراد الأسرة من حقوق وواجبات. فالحياة الزوجية هي حياة مشتركة متكاملة حيث يكمل كل من الزوجين الآخر. فبانعقاد الزواج تصبح مسؤولية الأسرة والأبناء على عاتق الزوجين لذا اهتم القانون بتنظيم العلاقة الأسرية والعلاقة الزوجية بين الزوجين ومما يعرف بأن قانون الأحوال الشخصية هو قانون وضعي يستمد بعض احكامه من الشريعة الإسلامية وهو قابل للتحديث والتطوير والتعديل وقد تناول القانون مواضيع رئيسة تتعلق بالأسرة اهمها: 1- الزواج: فقد عرّف القانون الزواج بأنه عقد بين رجل وامرأة تحل له شرعاً لتكوين اسرة وإيجاد نسل بينهما على ان يكون الرجل كفؤاً للمرأة ليستطيع الإنفاق عليها ويشترط بصحة عقد الزواج رضى الزوجة بالزواج اضافة الى موافقة الولي. 2- سن الزواج: عدل القانون بحيث اصبح سن الزواج لكلا الجنسين هو الثامنة عشرة ليتسنى لكل منهما تكملة تعليمه وتأهيله لتكوين اسرة وتربية الأطفال حيث كان سن الزواج بالقانون القديم للبنت الخامسة عشرة وللذكر السادسة عشرة من العمر. 3- شروط الزواج: ورد بالقانون ان من حق كلا الزوجين وضع شروط خصوصية بعقد الزواج طالما انها شرعية وغير محظورة شرعاً ولا تضر بمصلحة الطرف الآخر، وعليه فللزوجة ان تضع شروطاً خصوصية بعقد الزواج كما للزوج ان يفعل ذلك. 4- الآثار التي تترتب على الزواج: تترتب على عقد الزواج حقوق وواجبات لكلا الزوجين والأبناء. فمن حق الزوجة المطالبة بالمسكن الشرعي بحيث يكون مستقلاً وفيه جميع اللوازم الشرعية ومن حقها النفقة والمهر، وتشمل النفقة المأكل والمشرب والمسكن والتطبيب والعلاج. إلا انها لا تشمل مستلزمات الحياة العصرية. كما أغفل المشرع الأردني انشاء صندوق إقراض للنفقة في حال عجز الزوج عن دفعها. ثانياً: حقوق الأبناء: تكفل الأحكام الشرعية للأولاد حقوقهم ورعايتهم منذ ولادتهم حتى بلوغهم سن الرشد، إذ اتخذها الفقهاء اساساً لوضع النصوص التشريعية التي تثبت نسبهم وترعى حضانتهم والإنفاق عليهم وإدارة شؤونهم المالية. وقد أوضح القانون أن الأم النسبية هي احق بحضانة الصغير وتربيته حال قيام الزوجية وبعد الفرقة ثم بعد الأم، ام الأم، ثم من تليها من النساء بحسب ترتيب مذهب ابو حنيفة، وتعتبر هي حق للطفل على امه وليس العكس لذا فإن تنازل الأم عن حضانة ابنها ليس له اي اثر قانوني. وفي ما يتعلق بنفقة الأبناء فنفقة الصغير الذكر تستمر حتى ينهي تعليمه بينما الأنثى حتى تتزوج حيث تشمل النفقة المأكل والمشرب والمسكن والتعليم والمعالجة. ثالثاً: الطلاق: كثرت الأصوات التي تأخذ على الشريعة الإسلامية إقرارها مبدأ الطلاق إلا ان اكثرية هذه الآراء لم تدرك الحكمة من الطلاق. فالإسلام اباحه مع انه ابغض الحلال وذلك ليس لحل المشكلات وإنما للمشكلات التي ليس لها حل إطلاقاً، ولا بد من الإشارة في هذا المجال الى ان الإسلام قد انفرد في نظام الرجعة بعد الطلاق حرصاً على اعادة الرباط المقدس بين الزوجين وحفاظاً على الأبناء من الضياع والتشرد. فالطلاق يشمل طلقات ثلاثة في ثلاثة مجالس متفرقة، وهو يقع باللفظ او الكتابة او الإشارة. اما حالات الطلاق فهي: الطلاق الرجعي والطلاق البائن بينونة صغرى والطلاق البائن بينونة كبرى اما الطلاق التعسفي فهو الطلاق الذي يوقعه الزوج على زوجته من دون سبب مشروعه اي انه تعسف باستعمال حقه فطلقها. فالقانون يجيز للزوجة ان تطالب ببدل الطلاق التعسفي وهو التعويض بما يعدل نفقة ثلاث سنوات وفقاً للقانون الأردني المعدل عام 2001، وهناك وجهة نظر ترى تعديل النصوص ليصبح خمس سنوات. اما المرأة فيحق لها ان تطالب بالتفريق لعلة غير قابلة للزوال، او التفريق للجنون، او للغيبة والضرر، او لسجن الزوج، او لعدم الإنفاق، او التفريق للنزاع والشقاق وغيرها من الحالات، اضافة الى ذلك فمن حقها ان تشترط في عقد الزواج ان تكون العصمة بيدها وكذلك ان تخالع زوجها اي ان يتم التفريق من طريق الخلع. وقد فرّق القانون بين الخلع قبل الدخول وبعد الدخول حيث يتم تنازل الزوجة عن المهر والنفقة، اضافة الى دفع الزوجة نفقات الزواج قبل الدخول. اما بعد الدخول فيحق للمرأة المطالبة بالتفريق في مقابل التنازل عن الصداق والنفقة ويكون الطلاق طلاقاً بائناً. القضايا التي تثير الجدل بالقانون على رغم ان قانون الأحوال الشخصية ينظم العلاقة الأسرية لكنه يثير الجدل والنقاش حول بعض القضايا اهمها: 1- تعدد الزوجات: بعد قراءة معمقة للشريعة الإسلامية وللآيات الكريمة نجد أن الأصل بالشريعة الإسلامية هو الزواج من واحدة والاسثتناء هو تعدد الزوجات وهناك ضوابط شرعية لحال التعدد اهمها: العدل والمساواة والذي من الصعب تحقيقه، وأن يكون هناك سبب مشروع للتعدد إضافة الى حق المرأة بالمطالبة بالطلاق مع الحفاظ بحقوقها الزوجية. 2- سن الزواج: من القضايا التي تثير النقاش بالدول العربية هو سن الزواج حيث ترى بعض الدول ضرورة رفع سن الزواج الى سن الرشد وهو الثامنة عشرة. وفي الأردن فقد تم تعديل سن الزواج وفقاً لقانون الأحوال الشخصية المعدل لعام 2001، إذ اصبح سن الزواج هو الثامنة عشرة اي سن الرشد بعد ان كان سن الزواج بالقانون القديم هو الخامسة عشرة للبنت والسادسة عشرة للذكر، لكن بعض التشريعات العربية لا تزال تعتمد سن الزواج دون الثامنة عشرة مبررين ذلك بأنها مناطق حارة او مناطق فقيرة او نائية. 3- الخلع: اختلفت الآراء المتعلقة بموضوع الخلع، فمنها من استند الى احكام الشريعة الإسلامية بإقراره ومنها من يرى بأن الخلع ليس شرعياً إلا ان قانون الأحوال الشخصية الأردني لعام 2001 قد اقر الخلع من طريق القضاء علماً ان القانون القديم أقر الخلع من طريق الاتفاق بين الزوجين وما استجد بالقانون المعدل لعام 2001 هو ان يتم الخلع من طريق القضاء اي يحق للزوجة ان تلجأ للمحكمة وتطالب بالتفريق من زوجها اذا لم يتم الخلع بالاتفاق بين الزوجين وقد ميّز المشرع الأردني بين الخلع قبل الدخول الزواج، عندها تتنازل الزوجة عن المهر والنفقة وتدفع نفقات الزواج ليتم التفريق بينها وبين زوجها اما بعد الدخول فتتنازل الزوجة عن المهر والنفقة في مقابل الطلاق ويكون الطلاق في هذه الحال بائناً. كما اثار موضوع الخلع جدلاً واسعاً حيث اعتقد البعض بأنه يجب ان يتم إذا توافر سبب مشروع، علماً ان الخلع يطبق في حال كره الزوجة او بغضها لزوجها فقط. اما الأسباب الأخرى فيتم ادراجها تحت حالات التفريق وليس ضمن موضوع الخلع. 4- الطلاق التعسفي: يقصد بالطلاق التعسفي ان يقوم الزوج بتطليق زوجته من دون سبب مشروع اي انه يتعسف باستعماله حقه بتطليق زوجته، لذا اعطى المشرع الأردني الحق للزوجة ان تطالب بالتعويض عن الطلاق التعسفي والذي يقدر بنفقة تتراوح بين سنة الى ثلاث سنوات. وهناك وجهات نظر ترى بأن تعدل النفقة بحيث تصبح بما يعادل نفقة خمس سنوات إلا انه يلاحظ بأن المشرع الأردني اهتم بمعالجة الطلاق التعسفي بعد وقوعه فأعطى الزوجة حقها بالتعويض. علماً ان معالجة موضوع الطلاق يجب ان تبدأ قبل وقوعه اي يجب وضع الضوابط اللازمة على موضوع الطلاق كإجراء وقائي كأن يتم لأسباب مشروعة وأمام القاضي بالمحكمة، وأن يتم تسجيله لدى المحكمة وكذلك تسجيل الرجعة وذلك حفاظاً على الأسرة واستقرارها. 5- نفقة المرأة العاملة: جاء بقانون الأحوال الشخصية الموقت لعام 2001 ان الزوجة العاملة تستحق النفقة اذا كان عملها مشروعاً وإذا وافق الزوج على عملها ضمناً او صراحة مما أثار الجدل حول كلمة مشروعة حيث اعتبرها البعض أنها كلمة مطاطة ويجب توضيح الأعمال المشروعة، كما ان الزوجة التي لديها شهادة جامعية وذات مركز مهني او وظيفي ولديها دخل شهري يفوق اضعاف النفقة التي يدفعها زوجها لا يعني لها قطع النفقة اذا عملت من دون موافقته كما جاء بالنص القانوني. لذا فإن مثل هذا النص ليس عصرياً لأنه يهدف الى تعزيز الهيمنة والسيطرة من جانب الزوج. فكثير من الأسر يحتاج الى عمل الزوجين لرفع المستوى المعيشي للأسرة. * محامية اردنية.