كشف محامٍ أن أعلى مبلغ «خلع» اطلع عليه كان مليون ريال، لافتاً إلى أنه غالباً لا يتجاوز مبلغ المهر. وقال المحامي محمد الجشي ل«الحياة»: «الخلع طلاق المرأة في مقابل عوض تلتزم به، والخلع الذي أباحه الإسلام مأخوذ من خلع الثوب إذا أزاله، لأن المرأة لباس الرجل وهو لباس لها، أما عند الفقهاء فهو أن يتفق الرجل والمرأة على الطلاق في مقابل مال تدفعه الزوجة لزوجها، لا يتجاوز ما دفعه لها من صداق»، مضيفاً أنه «لا فرق في إيجاب الخلع أن يكون من الزوج أو الزوجة، غير أن الفرقة لا تقع إلا بعد القبول، لأن الخلع عقد على الطلاق بعوض». واستعرض المحامي الجشي آلية الخلع بأن «يطلّق الزوج زوجته بناء على رغبتها بعد أن تدفع له فدية في مقابل هذا الطلاق. قال تعالى: «فيما افتدت به». والفدية هي العوض الذي تبذله المرأة للزوج كي يطلق سراحها، وكل ما يصلح أن يكون مهراً يصلح أن يكون فدية، وكل ما لا يصلح أن يكون مهراً لا يصلح فدية»، مؤكداً أن «الفدية يجوز أن تكون بمقدار المهر أو أقل منه، أو أكثر بإجماع الفقهاء». ومن الناحية القانونية، أوضح أن «الخلع في طبيعته عقد ثنائي، لأنه يقوم على اتفاق بين الزوج والزوجة على أن تدفع له الأخيرة مبلغاً لقاء طلاقها، ويتم ذلك بإيجاب وقبول يشترط فيه ما يشترط في إنشاء الطلاق بالنسبة للزوج، وما يشترط في عقود المعاوضة بالنسبة لكليهما، ومن هنا فالتكيف القانوني للخلع أنه كالطلاق على مال». وحول الضرر الواقع على الزوجة قال الجشي: «يتمثل في حال الطلاق الخلعي في بذل المهر الذي قبضته من الزوج، وتنازلها عن نفقة عدتها ومؤخر صداقها إن وجد»، موضحاً أنه «في حال ثبوت ضرر يقع على الزوجة من الزوج، تقضي المحكمة بطلاق الزوجة طلاقاً بائناً لا رجعة فيه إلا بعقد ومهر جديدين»، لافتاً إلى أن «الزوج في معظم حالات الطلاق الخلعي يحاول التعسف أمام المحكمة، ويطلب مبالغ كبيرة، متعللاً بمصاريف الفرح وتجهيز البيت وخلافه، وفي الغالب تتصدى له المحكمة، وتكتفي ببذل المهر فقط». بدوره، أوضح عضو منظمة العفو الدولية المحامي خالد الشهراني ل«الحياة»، أن مفهوم الطلاق الخلعي هو أن «يحق للمرأة شرعاً طلب تفريقها عن زوجها أو خلعه على عوض، أي أن المرأة إذا كانت مبغضة للرجل وتكره أن تمنعه من حقوقه الشرعية المقررة شرعاً، كي لا تكون عاصية بمنعه، تفتدي نفسها منه، سواء أكان هذا الكره لخُلقه أو دينه أو كبره أو ضعفه». واستقبل مكتب المحامي الشهراني «حالات خلع كثيرة، ومنها من حكم بالعوض، ومنها ما صدرت فيها أحكام بالطلاق من دون عوض، وهذا يتوقف على تقدير القاضي ناظر القضية، وذلك من حيث مدة الزواج، ومدى استمتاع الزوج بزوجته، وكذلك إذا كان هناك أبناء قامت بخدمتهم طوال فترة الزواج». وحول وقوع ضرر مادي على الزوجة، ذكر أنه «لا يوجد أي أضرار مادية، طالما أن الزوجة هي التي أرادت أن تفتدي نفسها من زوجها، لأن الضرر غالباً ما يقع على الزوج الذي تكلف أعباء الزواج ومصروفاته، ثم يفاجأ بالزوجة تطالبه بالخلع بعد الزواج بفترة قصيرة، ما سيدفعه للزواج من أخرى وتحمّل كلفة زواج جديدة. ويستطيع الزوجان أن يتفقا على الخلع من دون اللجوء إلى القضاء، وأن يتم ذلك بينهما بالتراضي مثل البيع والنكاح»، مضيفاً أنه «إذا عضل الزوج زوجته وأضرّها بالضرب والتضييق عليها، أو منعها حقوقها من النفقة والكسوة، وغيرها من الحقوق الزوجية لتفتدي نفسها منه ففعلت، فالخلع هنا باطل، والعوض مردود، لأنه يمثل نوعاً من أنواع الابتزاز، وضرر الزوجة محرم شرعاً». وأبدى المحامي الشهراني موقفاً معارضاً لاشتراط الزوج مبلغاً معيناً في مقابل تطليق زوجته. وقال: «هذا لا يجوز، ولا يستحب له أن يأخذ أكثر مما أعطاها»، مؤكداً أنه «يقع الخلع بلفظ الخلع أو الفسخ أو المفاداة، ولا ينوي الطلاق، ويجوز الخلع في الحيض والطهر الذي أصابها فيه، وذلك لأن الخلع لإزالة الضرر الذي يلحقها بسوء العشرة والإقامة، مع من تكرهه وتبغضه»، مضيفاً أن «للزوج أن يطلب المبلغ، ولكن هل يستجيب القضاء لطلبه، قطعاً لا! فالأمر مردود إلى القاضي، وإن حدث أن طلب مبلغاً لم تقبله الزوجة ووافق عليه القاضي، فللزوجة أن تستأنف الحكم أمام محكمة الاستئناف». وعدّد غالبية أسباب الخلع، ومنها «الكره والعنف الأسري بأنواعه، وأيضاً وجود عيب خلقي في الرجل يعوقه عن ممارسة حياته الزوجية، مثل أمراض العجز الجنسي وخلافه، إضافة إلى عدم قيام الزوج بحقوق الله كالصلاة والصيام وغيرها من العبادات، وتعاطي المسكرات والمخدرات، وعدم الإنفاق والبخل الشديد، في حين أنه إذا ثبت الضرر على الزوجة يُحكم لها بالطلاق من دون عوض، إلا أن ذلك يحتاج لإثبات بوسائل الإثبات المقررة شرعاً، وهي الإقرار والاعتراف والكتابة وشهادة الشهود، إضافة إلى التقارير الطبية في حال تعرضت الزوجة إلى الضرب، أما الصور والتسجيلات الصوتية فيؤخذ بها على سبيل الاستئناس، وليست دليلاً قاطعاً، لاحتمال فبركة الصور، أما بالنسبة للتسجيل الصوتي فيمكن إحالته إلى الأدلة الجنائية لإجراء اختبار الأصوات».